تراجع نفوذ جبهة النصرة بسوريا

مقاتلو جبهة النصرة واستعدادات على خط المواجهة مع قوات النظام قرب مطار النيرب في حلب
undefined

تقول تحليلات غربية إن نفوذ جبهة النصرة لأهل الشام -أكثر جماعات المعارضة السورية نجاحا في القتال ضد الرئيس السوري بشار الأسد- قد تراجع أمام قوة جهادية أكثر تطرفا تتجاوز أهدافها الإطاحة بالأسد هي تنظيم دولة العراق الإسلامية الذي رعى جبهة النصرة في المراحل الأولى من الثورة على الأسد وانتقل معها لسوريا لكنه همّشها لاحقا.

ويفاقم انقسام كتلة مهمة من المعارضة السورية، المؤلفة من مئات من الجماعات المسلحة المأزق، الذي يواجه الغرب في وقت يناقش ما إذا كان التدخل لدعم المعارضة سيقود لوصول الأسلحة لمن يصفهم بمتشددين إسلاميين معادين للغرب، وفي حالة تدخل الغرب فقد يتعرض لضغوط لمهاجمة قوات القاعدة المعارضة وليس الأسد.

وقال قائد بارز للمعارضة في سوريا على صلة وثيقة بجبهة النصرة "انقسمت جبهة النصرة إلى جبهتين: الأولى تسير على نهج القاعدة التي تسعى لتأسيس أمة إسلامية واحدة، والأخرى سورية ذات أهداف وطنية تساعدنا في القتال ضد الأسد".

وذكر آخرون أن المعسكر السوري داخل الجبهة انهار فعليا، وأن قائده أبو محمد الجولاني توارى عن الأنظار، وأن مقاتليه انفضوا من حوله وانضموا لجماعات معارضة أخرى.

وأعلن مقاتلو النصرة مسؤوليتهم عن أكثر التفجيرات فتكا في الصراع في سوريا على مدار عامين وقادت فرقهم بعضا من أنجح الهجمات على قوات بشار الأسد.

تصنيف الجبهة
وقبل ستة أشهر صنفت الولايات المتحدة رسميا جبهة النصرة على أنها "منظمة إرهابية"، وقالت واشنطن إن إعلان النصرة في أبريل/نيسان الماضي توحيد صفوفها مع دولة العراق الإسلامية في العراق يبرر هذا التحرك، والآن تقول الولايات المتحدة الأميركية إن النصرة أضحت أكثر من مجرد واجهة للقاعدة.

أعلن مقاتلو النصرة مسؤوليتهم عن أكثر التفجيرات فتكا في الصراع في سوريا على مدار عامين وقادت فرقهم بعضا من أنجح الهجمات على قوات بشار الأسد

وقال مسؤول أميركي يوم الجمعة "لا نزال قلقين بشأن نفوذ الجماعات المتطرفة بما في ذلك ذراع القاعدة في العراق، لهذا السبب ننسق مع شركائنا ونناقش الحاجة لدعم المعارضة المعتدلة ونقدم أي مساعدات من خلال المعارضة المعتدلة بما في ذلك المجلس العسكري الأعلى".

ووجه مقاتلون سوريون وقادة المعارضة انتقادات للتحركات الأميركية لعزل النصرة مما يعكس حقيقة أن الجبهة نالت على مضض دعما يتجاوز قاعدتها الإسلامية الأساسية نظرا لانضباط مقاتليها ونجاحاتهم في ميادين القتال.

وعلى النقيض يفتقر زعيم دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي -الذي انتقل لشمال سوريا لإحكام سيطرته على عمليات القاعدة في البلاد- للشعبية بين مقاتلي المعارضة.

ويعتبر هؤلاء المقاتلون البغدادي شخصية قاسية لا تعنيه تعقيدات الصراع في سوريا، ولا ينصب اهتمامه على الإطاحة بالأسد بل على فرض حكم إسلامي، ويتهمه كثيرون في الأحاديث الخاصة باختطاف ثورتهم.

وقال مصدر من جبهة النصرة مقرب من قائدها أبو محمد الجولاني "نرفض وجوده في سوريا، يجب أن يصطحب مقاتليه ويعود للعراق، لا نرضى عن أساليبه".

وبات واضحا أن إعلان البغدادي في أوائل أبريل/نيسان توحيد صفوف دولة العراق الإسلامية والنصرة، وتأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام، باغت مقاتلي النصرة. وقال الجولاني إنه لم يُستشر، وفي حين أعلن ولاءه لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أكد أن مقاتليه سيواصلون القتال تحت راية جبهة النصرة.

وذكر المصدر من جبهة النصرة المقرب من الجولاني أنها "محاولة لأن ينأى بنفسه عن البغدادي"، غير أن هذه الخطوة لم تساعده، فبعد فترة وجيزة وفي تحد مباشر للجولاني سافر البغدادي إلى بلدة بمحافظة حلب السورية حيث انضم لمجاهدين عرب وأجانب قاتلوا من قبل في صفوف جبهة النصرة.

خلاف النصرة والقاعدة
وقال مقاتلون إن هوة الخلاف تتسع، وإن المقاتلين الأجانب والعرب ينشطون بشكل رسمي في الوقت الراهن تحت راية الدولة الإسلامية في العراق والشام، في حين انفض كثيرون من مقاتلي جبهة النصرة السوريين عنها وانضموا لجماعات إسلامية أخرى.

وقال مصدر آخر بجبهة النصرة "الوضع تغير كثيرا، ينشط مقاتلو البغدادي ولم تعد النصرة نشطة رسميا، يقاتل أكثر المقاتلين شراسة مع البغدادي ويحاول الأشقاء تجنبهم قدر المستطاع".

ذكر قائد بارز للمعارضة السورية أنه يتوقع أن يقود تنامي نفوذ مقاتلي البغدادي لإنهاء تردد الغرب إزاء التدخل عسكريا في سوريا ولكن ليس ضد الأسد بل ضد خصومه "المتشددين"

وذكر المصدر ومقاتلون سوريون آخرون في جبهة النصرة تحدثوا إلى رويترز أنهم يخشون أن ينفر السوريون من أنصار البغدادي كما حدث في العراق، إذ انقلب العراقيون على نهجهم المتشدد مما مهد الطريق لهزيمة القاعدة في غرب العراق في 2007 على أيدي مجالس الصحوة التي ساندتها الولايات المتحدة.

وأظهرت لقطات فيديو أذيعت الأسبوع الماضي مسلحين ينتمون للدولة الإسلامية في العراق والشام وهم يعدمون ثلاثة رجال ادعوا أنهم ضباط من الأقلية العلوية وذلك في بلدة الرقة في الشرق.

وذكر قائد بارز للمعارضة السورية أنه يتوقع أن يقود تنامي نفوذ مقاتلي البغدادي لإنهاء تردد الغرب إزاء التدخل عسكريا في سوريا ولكن ليس ضد الأسد بل ضد خصومه "المتشددين". وقال "نتوقع أن تبدأ هجمات بطائرات من دون طيار ضد مقاتلي القاعدة قريبا مثلما حدث في اليمن".

ويضم تنظيم دولة العراق الإسلامية، وهو ذراع تنظيم القاعدة في العراق، الآلاف من المقاتلين الأجانب لا يقتصر هدفهم الأسمى على الإطاحة بالأسد بل الجهاد ضد الغرب مما قد يوسع من نطاق الصراع في سوريا متجاوزا أي اتفاق سياسي بين الأسد وخصومه.

المصدر : رويترز