تنديد باغتيال بلعيد وحزبه يلوم الحكومة

استخدمت الشرطة التونسية الغاز المدمع لتفريق مظاهرات أمام وزارة الداخلية ومدينة سيدي بوزيد بعد الإعلان عن مقتل القيادي بحزب الجبهة الشعبية شكري بلعيد. وبينما نددت الحكومة التونسية بعملية الاغتيال ووصفتها بالعمل الإرهابي، ودانتها حركة النهضة وأحزاب سياسية، اعتبر حزب الحركة الشعبية أن اغتيال بلعيد كان مخططا له ومدبرا، وحمل الحكومة ووزارة الداخلية وحزب النهضة المسؤولية عن اغتياله.

ففي مدينة سيدي بوزيد أطلقت الشرطة قنابل الغاز المدمع لتفريق متظاهرين هاجموا مقر مديرية الأمن، كما تظاهر العشرات في الشارع الرئيسي للمدينة للتنديد باغتيال بلعيد.

وقال أحد السكان لوكالة رويترز إن أكثر من أربعة آلاف محتج خرجوا إلى الشارع، وأحرقوا إطارات السيارات وألقوا الحجارة على الشرطة.

وهاجم متظاهرون مقرين لحركة النهضة في مدينة المزّونة بولاية سيدي بوزيد (وسط غرب), وقفصة (جنوب غرب).

وقبل ذلك تظاهر الآلاف أمام مقر وزارة الداخلية التونسية مطالبين بإسقاط الحكومة التي تقودها حركة النهضة إثر اغتيال بلعيد.

وأعلنت وزارة الداخلية أن بلعيد -وهو الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين المنتمي لتحالف الجبهة الشعبية اليسارية- اغتيل أمام منزله في ضاحية المنزه السادس بالعاصمة بثلاث أو أربع رصاصات في حدود الثامنة والربع صباحا بالتوقيت المحلي.

جثمان بلعيد نقل إلى المستشفى لتشريحه بعد اغتياله رميا بالرصاص (الفرنسية)
جثمان بلعيد نقل إلى المستشفى لتشريحه بعد اغتياله رميا بالرصاص (الفرنسية)

وأوضحت الوزارة أن مسلحا كان يستقل دراجة نارية أطلق أربع رصاصات على بلعيد إثر خروجه من منزله قبل أن يلوذ بالفرار برفقة زميل له كان في انتظاره.

وقال مدير مكتب الجزيرة في تونس إن جثمان شكري بلعيد نقل إلى مستشفى شارل نيكول لتشريحه على الأرجح. ونقل عن مصدر طبي أنه أصيب بالرصاص في الرأس والرقبة والصدر.

مخطط له
وفي أول رد فعل رسمي، وصف حزب الجبهة الشعبية اغتيال بلعيد بأنه مدبر ومخطط له منذ فترة طويلة، وقال محمد جمور عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد المنضوي في إطار الجبهة الشعبية في مؤتمر صحفي إن "المجرم الذي نفذ عملية الاغتيال محترف لأنه سدد رصاصاته للصدر".

وأوضح جمبور أن ما يؤكد أن عملية الاغتيال مدبرة أن "وزارة الداخلية أعلمتنا أن بلعيد مستهدف من دون أن توضح الجهات المستهدِفة"، مضيفا أن القيادي الراحل رفض عرضا من الحكومة بالحراسة الشخصية.

وحمل جمبور الحكومة التونسية ووزارة الداخلية وحزب النهضة المسؤولية عن عملية الاغتيال.

غير أن عضو المكتب السياسي للنهضة رياض الشعيبي أبدى تحفظه لما أعلنت عنه الجبهة الشعبية، وقال إن كل ذلك أمور يجب التثبت منها، مضيفا أن "حركة النهضة التي تؤمن بالديمقراطية وحرية التعبير لا يمكن أن توفر غطاء لمن يريد تهديد السلم والأمن الاجتماعي بالبلد".

إلغاء مشاركة
وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي قرر إلغاء مشاركته في القمة الإسلامية بمصر والعودة لتونس من سترازبورغ بفرنسا بعد أن قال لأعضاء البرلمان الأوروبي وسط تصفيق "سنستمر في محاربة أعداء الثورة".

أما رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي فقال إن اغتيال بلعيد عمل إرهابي وإجرامي يستهدف كل تونس.

واعتبر في بيان وتصريحات إذاعية أن "اغتيال شكري بلعيد اغتيال للثورة", ودعا إلى التريث وعدم السقوط في فخ الاتهام المجاني، وأن تغلّب جميع الأطراف مصلحة الدولة. وأضاف أن من واجب الدولة حماية كل التونسيين مع كل الاختلافات، وأي تصفية هي تصفية لمبادئ الثورة.

إدانة واستنكار
وقد دان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اغتيال بلعيد, ووصفه بالجريمة السياسية النكراء, معزيا عائلته وداعيا إلى يوم حداد على الراحل. وقال الغنوشي للجزيرة إن الاغتيال يستهدف استقرار البلاد والتحول الديمقراطي, واصفا منفذي الاعتداء بأعداء الثورة والوطن والإسلام.

وأضاف أن تونس مستهدفة, وأن هناك من يريد جرّ البلاد إلى حمام دم, داعيا إلى التضامن بين كل التونسيين. وطلب الغنوشي إرجاء التعديل الوزاري المرتقب, والعمل على تشكيل حكومة تجمع كل القوى السياسية.

متظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ينددون باغتيال بلعيد (الجزيرة نت)
متظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ينددون باغتيال بلعيد (الجزيرة نت)

وفي السياق نفسه, قال الأمين العام لحركة الوفاء للثورة عبد الرؤوف العيادي إن أطرافا دولية ومحلية تسعى لإدخال تونس في دوامة عنف لإفشال الثورة عبر الدفع بها نحو الفراغ. ووصف العيادي اغتيال بلعيد بالعمل غير المسبوق منذ الاستقلال.

وكان مراسل الجزيرة نقل عن الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية -المشارك في الائتلاف الحاكم- محمد عبّو قوله إنه يتعين انتظار التحقيقات الأمنية لتحديد الجهة التي تقف وراء الاعتداء.

ودان الاغتيال أيضا حزب التكتل من أجل العمل والحريات, وهو الشريك الآخر في الائتلاف الحاكم, وقال إن ما حصل اغتيال للثورة, كما استنكرته أحزاب معارضة بينها الحزب الجمهوري الذي لوحت أمينته العامة مية الجريبي بإجراءات تصعيدية.

كما دان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اغتيال شكري بلعيد، وعبر عن "قلق باريس من تصاعد العنف السياسي في تونس"، وأصدر قصر الإليزيه للرئاسة في باريس بياناً جاء فيه أن هولاند يعتبر أن "عملية الاغتيال تحرم تونس من أحد أكثر الأصوات شجاعة"، مضيفا أن بلعيد شارك طوال حياته في الشأن العام بالنضال من أجل الحرية والتسامح واحترام حقوق الإنسان، وأنه كان يعتبر أن الحوار والديمقراطية يجب أن يكونا في قلب تونس الجديدة.

المصدر : الجزيرة + وكالات