فيتو روسي صيني جديد بشأن سوريا
استخدمت روسيا والصين اليوم للمرة الثالثة خلال أشهر حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لتحبطا مشروع قرار غربيا يهدد سوريا بعقوبات في حال لم تسحب قواتها وأسلحتها الثقيلة من المدن.
وأيدت 11 دولة من بين الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن مشروع القرار الغربي, وامتنعت اثنتان عن التصويت, في حين كان الفيتو الذي استخدمته روسيا والصين كافيا لإحباطه.
ووضع المشروع المرفوض خطة الوسيط الدولي كوفي أنان تحت المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز لمجلس الأمن فرض عقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حال لم يسحب قواته وأسلحته خلال عشرة أيام من صدور القرار.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس عقب تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق إن تصويت مجلس الأمن في مثل هذه الظروف على مشروع قرار يفرض عقوبات على سوريا يعد دعما مباشرا "للحركة الثورية" في إشارة إلى عمليات المعارضة السورية المسلحة.
وقال مراسل الجزيرة في نيويورك إن الفيتو الروسي الصيني كان متوقعا, وأشار إلى أن بريطانيا ستعرض (أو ربما عرضت) مشروع قرار فنيا يمدد مهمة المراقبين في سوريا لمدة 30 يوما أخرى. وأضاف أن من شأن ذلك أن يرحّل الجولة الجديدة من المواجهة في مجلسي الأمن إلى ما بعد انتهاء مدة الشهر الإضافية.
مواقف متناقضة
وفور انتهاء التصويت, وجه مندوبو دول غربية انتقادات حادة لروسيا والصين لاستخدامهما الفيتو للمرة الثالثة منذ إحالة الأزمة السورية إلى مجلس الأمن, وأكدوا أن مشروع القرار المرفوض ليس مقدمة لعمل عسكري في سوريا.
فقد قال المندوب البريطاني إن موسكو وبكين فشلتا في تحمل مسؤوليتيهما, كما أنهما فشلتا في دعم مهمة أنان, متهما إياهما بإعاقة عمل الأغلبية في مجلس الأمن. وأضاف أن الموقف الروسي الصيني يرمي إلى حماية النظام "الفتاك", وأن من شأن الفيتو أن يفضي إلى مزيد من سفك الدم وإلى حرب أهلية.
من جهته, اتهم السفير الفرنسي روسيا والصين بأنهما قوضتا كل العمل المنجز على مدى عشرة أشهر من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية, وهو ما من شأنه أن يسمح للنظام السوري بالاستمرار في العنف، وأضاف أن سحب كل آليات الضغط من أنان يقوض مهمته.
وقالت المندوبة الأميركية سوزان رايس بدورها إن مشروع القرار الغربي لم يكن ينطوي على أي مقدمات لعمل عسكري ضد سوريا, واتهمت روسيا والصين بتعطيل مجلس الأمن، وأضافت أن المشروع كان سيقدم الدعم السياسي لمهمة أنان, وأنه كان يجب التنصيص في المشروع على عواقب عدم امتثال دمشق لخطة أنان مثلما طلب الأخير بنفسه.
وتحدثت رايس عن فشل ذريع لمجلس الأمن, وأشارت إلى تصعيد العنف من قبل النظام السوري, وحذرت من احتمال لجوئه إلى أسلحة كيماوية. وقالت إن تفجير مبنى الأمن القومي السوري في دمشق أمس ينبئ عن تدهور متزايد للوضع.
أما المندوب الألماني فقال إن مشروع القرار المرفوض لم يكن مقدمة لعمل عسكري ضد دمشق, وكان سيقوي مهمة كوفي أنان, متهما الطرفين الروسي والصيني بعدم التجاوب مع الجهود التي بذلت لتوحيد مجلس الأمن.
في المقابل, انتقد المندوب الروسي المواقف الغربية من الفيتو الجديد, وقال إن المشروع المرفوض منحاز، حيث إن التهديد بالعقوبات يستهدف فقط النظام, وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه نظيره الصيني.
وقال المندوبان الروسي والصيني إن الضغط ينبغي أن يكون على طرفي الأزمة. وبينما رأى المندوب الروسي أن المشروع ينطوي على إشارة للعمل العسكري, ويتضمن "إثارة" لما وصفها بالجماعات الإرهابية في سوريا, اعتبر المندوب الصيني أن من شأن المشروع نقل الأزمة إلى المنطقة برمتها.
بدوره أشاد المندوب السوري بشار الجعفري بالفيتو المزدوج، واستغرب تسارع مجلس الأمن لإدانة سوريا وإحجامه في الوقت نفسه عن إدانة التفجير الذي وقع بمبنى الأمن القومي أمس في دمشق وقتل فيه عدد من القادة العسكريين والأمنيين الكبار.
استضافة الأسد
على صعيد آخر, قال يوري أوشاكوف مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسياسة الخارجية اليوم إن بوتين لم يناقش مسألة استضافة الأسد في الاتصال الهاتفي الأخير مع نظيره الأميركي بارك أوباما.
وأضاف أن بوتين وأوباما ناقشا التطورات الجارية في سوريا, وأبديا تقدما في تفهم كل طرف لمواقف الطرف الآخر من الأزمة في سوريا, مشيرا إلى استمرار الاختلافات بين موسكو وواشنطن بشأن الأزمة.
وتابع أوشاكوف أن هذه المسألة لم تناقش أيضا خلال اللقاء الذي جمع أمس بوتين برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وفي وقت سابق, قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الرئيس السوري يتمتع بقدر مهم من الشعبية, ولذلك لن يرحل.
وقالت واشنطن أمس إنها لا تملك معلومات بشأن مكان الرئيس السوري الذي قد يكون انتقل إلى اللاذقية لإدارة العمليات عقب تفجير مبنى الأمن القومي بدمشق الذي قتل فيه قادة عسكريون وأمنيون بارزون.
حكومة جديدة
وفي إسطنبول, دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اليوم إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تضم معارضين ومستقلين, لا يكون الأسد طرفا فيها.
وقال في تصريح صحفي عقب عودته من موسكو حيث التقى بوتين أمس إن تشكيل حكومة سورية جديدة مع بقاء الأسد يعني أن لا شيء سيتغير. وأضاف أن مهمة هذه الحكومة تكمن في التحضير لانتخابات, وتسهيل قيام أحزاب سياسية.
من جهته, دعا أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو اليوم القيادة السورية إلى القيام بتضحيات تحفظ مصالح سوريا العليا. وقال أوغلو إن من شأن تلك التضحيات أن تجنب سوريا حربا أهلية.