ترقب بمصر قبيل إغلاق الترشح

شهدت الساعات التي تسبق إغلاق باب الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية المقررة في مايو/أيار المقبل، تطورات متلاحقة منها الإعلان عن حمل والدة المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل الجنسية الأميركية, وتزايد علامات الاستفهام حول الموقف القانوني للمرشَحَيْن خيرت الشاطر وأيمن نور، بالإضافة إلى رفض مجلس أمناء الثورة ترشيح مدير المخابرات السابق اللواء عمر سليمان.

وأثارت هذه التطورات جدلا ربما يبقى مفتوحا بشأن من سيبقى من المرشحين ومن سيتم استبعاده حتى تقطع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الشك باليقين خلال اليومين القادمين، كما يقول مراسل الجزيرة في القاهرة محمود حسين.

وقد أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية حتى الآن تقديم 16 مرشحا لملفاتهم، كما يتوقع أن ينضم إليهم اليوم أربعة آخرون من بينهم عمر سليمان، وصفوت حجازي عن حزب التنمية والبناء، ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي الذي دفعت به جماعة الإخوان المسلمين تحسبا لاحتمال استبعاد مرشحها خيرت الشاطر.

جدل الجنسية
وفي خضم هذه التطورات، بات من شبه المؤكد خروج المرشح أبو إسماعيل، الذي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أمس أن والدته حصلت على الجنسية الأميركية عام 2006, مما يعني استبعاده.

وقد نفى أبو إسماعيل بشدة الحديث عن حصول والدته على الجنسية الأميركية، وقال إنه "افتراء ومؤامرة" وإنه لن يسمح بهذا أبدا، كما قال إنه طلب رسميا تقديم دليل دامغ على كون والدته أميركية، ولكن اللجنة لم تقدم له -حسب تعبيره- سوى "البطاقة الخضراء".

أبو إسماعيل: كنت ولا أزال على نفس الثقة بأن الأمر مكيدة لأننا على أرض ثابتة (الأوروبية)
أبو إسماعيل: كنت ولا أزال على نفس الثقة بأن الأمر مكيدة لأننا على أرض ثابتة (الأوروبية)

وقال أبو إسماعيل للآلاف من أنصاره مساء السبت في مسجد أسد بن الفرات بحي الدقي بمحافظة الجيزة جنوب العاصمة المصرية القاهرة، إن الهدف من ذلك كله كان العمل على "هز" ثقة الناس فيه كمرشح.

وشنّ أبو إسماعيل هجوما حادا على عدد من مرشحي الرئاسة الحاليين قائلا "لا نريد أن تعود بلادنا لمن كانوا جندا من قبل في حكومات كانت تحكم الناس بالقهر.. فعودة عمر سليمان مجددا وهو رجل المخابرات الذي أذاق المجاهدين الفلسطينيين المرار لصالح إسرائيل رغم أن الشعب هتف في الميدان لا حسني ولا سليمان الكلام ده كان زمان".

ووجه أبو إسماعيل كلامه إلى اللجنة القضائية للانتخابات الرئاسية في لغة تشبه التهديد قائلا "أوجه إنذارا إلى اللجنة القضائية أنها لو اعتمدت على واقعة ينكرها صاحب الشأن في قرارها لاستبعادي فإن هذا القرار سيكون إشعالا.. خاصة مع تحصين قراراتها ضد الطعن".

وأضاف "كنت ولا أزال على نفس الثقة بأن الأمر مكيدة لأننا على أرض ثابتة لكن إذا حدث وأصروا على اللعب بالنار وهم أحرار فإن الأمور لن تمضي سهلة أبدا إذا ما وقع تغيير الحقائق أو التزوير".

ولكن اللجنة هددت بالمقابل وقالت إن لديها أدلة دامغة على حصول والدته على الجنسية الأميركية، مما يعني أن المرشح قد يواجه تهما بالتزوير إذا ثبت ما تقوله اللجنة.

وفي السياق نفسه، أصدرت الجماعة الإسلامية بيانا حذرت فيه من خطورة استبعاد المرشحين الإسلاميين الواحد تلو الآخر, وهددت بأن ذلك يعني عواقب وخيمة. وقررت الجماعة الدفع بمرشح عنها في الانتخابات هو الدكتور صفوت حجازي.

‪ترشيح الشاطر تحت رحمة القانون‬ (الجزيرة)
‪ترشيح الشاطر تحت رحمة القانون‬ (الجزيرة)

جدل البراءة
وفي حرب إثبات البراءة، لا يزال وضع مرشح الإخوان خيرت الشاطر غامضا بعد صدور قرار أمس من القضاء الإداري المصري بمنع أيمن نور -الذي يعتزم الطعن فيه- من الترشح، بموجب قانون ينص على أن كلا من صدر بحقه حكم في جناية ولم يرد إليه اعتباره أو يصدر قانون بالعفو الشامل عنه، لا يجوز له مباشرة أي من حقوقه السياسية إلا بعد ست سنوات.

ولوجود قواسم مشتركة بين حالة الشاطر وحالة أيمن نور، مع اختلاف في منطوق قرار العفو، كما يقول مراسل الجزيرة في القاهرة محمود حسين، فإن استبعاد أيمن نور لا يعني بالضرورة استبعاد الشاطر وإن كان العفو في كلتا الحالتين هو السبب.

وقد دفع الإخوان بمحمد مرسي مرشحا احتياطيا خشية ما قد يلحق الشاطر من استبعاد، وقال القيادي في حزب الحرية والعدالة الدكتور أحمد أبو بركة إن خيرت الشاطر يظل المرشح الرئيسي لجماعة الإخوان, وإن ترشيح قيادي آخر احتياطي يعود لعدم الاطمئنان بشكل كامل للإجراءات القانونية.

واعتبرت الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة بالفعل أن مرسي هو مرشح الحزب، في حين يحمل الشاطر صفة المرشح المستقل.

وقال مسؤول في حملة الشاطر "إذا قبلت أوراق الشاطر فسوف ينسحب مرسي من السباق، وإذا رفضت أوراق الشاطر فسوف يواصل مرسي السباق".

سليمان: إن رغبة شعبية جارفة هي التي دفعتني لاتخاذ القرار بخوض الانتخابات (الأوروبية)
سليمان: إن رغبة شعبية جارفة هي التي دفعتني لاتخاذ القرار بخوض الانتخابات (الأوروبية)

سليمان ورموز النظام
وفي سياق التطورات دائما، أعلن مجلس أمناء الثورة رفضه القاطع لترشح عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع حسني مبارك أو أي من رموز النظام السابق لرئاسة الجمهورية، بعد أن استلم هذا الأخير أوراق ترشحه وسط حماية مشددة من الجيش والشرطة.

وقال سليمان في بيان نشرته حملته الانتخابية إن رغبة شعبية جارفة هي التي دفعته لاتخاذ القرار بخوض الانتخابات، مضيفا أن "النداء الذي وجهتموه لي أمر، وأنا جندي لم أعص أمراً طوال حياتي، فإذا ما كان هذا الأمر من الشعب المؤمن بوطنه، لا أستطيع إلا أن ألبي هذا النداء".

وتجمع مئات من مؤيدي سليمان في القاهرة الجمعة وهم يحملون لافتات تقول إنه من يمكنه إنقاذ مصر، وإن المصريين يحتاجونه في هذه المرحلة وإنهم لا يريدون الإسلاميين.

ورحب أحمد شفيق -الذي كان آخر رئيس وزراء في عصر مبارك- بترشح سليمان، قائلا إن هذه الخطوة "تمثل تعبيرا عن ثراء التيار المدني العصري الراغب في حماية الهوية المصرية للدولة بالقيادات القادرة على حكم الدولة وتحقيق انتقالها الناعم إلى الاستقرار والنهوض".

وبالنسبة لكثيرين ممن قادوا الانتفاضة، فإن عودة سليمان للظهور تمثل دليلا على أن المؤسسة الأمنية القوية تعتزم التراجع عن التحول إلى حكم ديمقراطي قبل أن يسلم الجيش السلطة لرئيس مدني.

المصدر : الجزيرة + وكالات