احتجاجات بمصر على جمعية كتابة الدستور

نظم عشرات الناشطين السياسيين بمصر وقفة احتجاجية أمام مجلس الدولة بالقاهرة الثلاثاء، تزامنا مع نظر المجلس في عدد من الدعاوى القضائية ضد تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد للبلاد، وفي الأثناء يبحث مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، موقف الجماعة من الدفع بمرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية.

وردد المشاركون في الوقفة شعارات تندد بما يعتبرونه استحواذ حزبي الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفي، على الأغلبية داخل الجمعية، ورفع المتظاهرون نداءات تطالب بمشاركة أطياف الشعب كلها في صياغة الدستور.

وعلى مدى اليومين الماضيين انسحب ممثلو أحزاب ليبرالية ويسارية وناصرية وشخصيات عامة من الجمعية التي انتخبت الأحد الماضي، وشغل حزبا الحرية والعدالة والنور وحلفاء لهما نحو نصف مقاعدها.

بيان احتجاجي
وقال السياسيون -وهم إما منسحبون من الجمعية التأسيسية وإما معارضون لتشكيلها- في بيان وزع خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء "سنقوم بهذا الواجب من خارج اللجنة الرسمية وبالتعاون مع كل الأطياف والخبرات التي كان يلزم أن تكون حاضرة من البداية في تشكيل الجمعية التأسيسية".

"
تأكدنا أن دستور مصر سوف يجري إعداده من خلال تيار الإسلام السياسي.. سوف نواصل منذ اليوم نضالنا بكل الطرق السياسية والقانونية لإسقاط هذه الجمعية
"
رئيس حزب المصريين الأحرار

وقال البيان إن أعضاء الجمعية "لا يمثلون التعدد المطلوب في لجنة بهذه الخطورة التاريخية ولا التوازن الضروري للتمثيل السياسي المتكافئ للأطياف المختلفة" وأضافوا أنهم سيقومون بوضع الدستور الذي يرون أنه سيعبر عن المجتمع "بمشاركة كل القوى السياسية الرافضة لهذا الأسلوب، وندعو كل من يرغب في أن يساهم في كتابة الدستور للانضمام".

ومن بين الموقعين على البيان رئيس حزب المصريين الأحرار وعضو مجلس الشعب أحمد سعيد، ونقيب المحامين سامح عاشور وهو رئيس المجلس الاستشاري الذي يعاون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمشورة في إدارة شؤون البلاد، وكذلك رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي محمد أبو الغار، وكذلك حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق، وهم من بين نحو عشرين انسحبوا من الجمعية التأسيسية.

كما وقع على البيان منسحبون آخرون منهم رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، والناشط السياسي أحمد حرارة.

وقال رئيس حزب المصريين الأحرار بالمؤتمر الصحفي "تأكدنا أن دستور مصر سوف يجري إعداده من خلال تيار الإسلام السياسي.. سوف نواصل منذ اليوم نضالنا بكل الطرق السياسية والقانونية لإسقاط هذه الجمعية".

وفي المقابل، قالت الهيئة البرلمانية للحرية والعدالة في بيان صدر الليلة الماضية إن نسب الحزب وحزبي النور و"البناء والتنمية" الذين يمثلون التيار الإسلامي بمجلسي الشعب والشورى والشخصيات التابعة لهم من خارج البرلمان 49% من الجمعية التأسيسية بينما تمثل باقي الاتجاهات الحزبية والفكرية والمستقلة نسبة 51%.

ومن المقرر أن تعقد اللجنة التأسيسية المنتخبة من البرلمان أول اجتماعاتها غدا الأربعاء، غير أنه لم يتضح بعد كيف سيتأثر عملها بانسحاب معارضين.

ووسط هذه الأجواء عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليوم اجتماعا طارئاً مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية، من بينها حزبا الحرية والعدالة والنور، لبحث الأزمة.

وقال مراسل الجزيرة بالقاهرة عبد البصير حسن إن الاجتماع بدأ بحضور رئيس المجلس المشير محمد حسين طنطاوي ونائبه رئيس الأركان سامي عنان ورؤساء أحزاب الحرية والعدالة والوفد، وغيرهم.

وأضاف المراسل أن الاجتماع يبحث أيضا الإشكال الحالي بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري، في ظل تبادل البيانات والاتهامات من كل طرف للآخر، ومطالبة الإخوان للمجلس بإقالة حكومة كمال الجنزوري التي يحملونها مسؤولية التدهور الأمني والاقتصادي.

‪بديع لم يستبعد أن تدفع الجماعة‬ (رويترز)
‪بديع لم يستبعد أن تدفع الجماعة‬ (رويترز)

الإخوان والرئاسة
في الوقت نفسه، بدأ مجلس شورى جماعة الإخوان اجتماعا للنظر في إمكانية ترشيح أحد أعضائها لخوض انتخابات الرئاسة، من المقرر أن تحسم خلاله قرارها بهذا الشأن وسط أنباء عن انقسامات.

وعلم مراسل الجزيرة بالقاهرة أن الاجتماع سيطرح أربعة خيارات لحسم هذا الملف، أولها التراجع عن القرار السابق للجماعة بعدم الدفع بأحد أعضائها بالانتخابات الرئاسية وترشيح أحد اعضائها، أو ترك الأمر مفتوحا دون تأييد أحد المرشحين بالسباق الرئاسي.

ويتمثل الخيار الثالث في دعم أحد الأسماء المطروحة ضمن المرشحين المحتملين، أو إقناع إحدى الشخصيات العامة أو السياسية للترشح مقابل دعمها من جانب الإخوان.

ونقل مراسل الجزيرة بالقاهرة عن مصادر داخل الجماعة أن الأمر لن يتوقف عند مجلس شورى الإخوان، ولكن أي قرار يتوصل إليه المجلس يحتاج موافقة مكتب الإرشاد.

وكان المرشد العام محمد بديع، قد ألمح في لقاء مع قواعد الإخوان بمحافظة كفر الشيخ (شمال) الأحد إلى إمكانية أن تقدم الجماعة مرشحا لانتخابات الرئاسة، بعد ساعات من تأكيد رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي أن تقديم مرشح بات أمرا مطروحا بعد "المستجدات التي طرأت على الساحة مؤخرا".

جدير بالذكر أن قيادات إسلامية كانت قد اقترحت ترشيح الإخوان رجلهم القوي خيرت الشاطر نائب المرشد العام لمنصب الرئاسة، لكن أنباء أولية أشارت إلى رفض مزدوج من الرجل والجماعة، قبل أن يتضح أن الأمر ربما لا يزال واردا حتى ساعة الحسم التي ينتظر أن تأتي في غضون أيام.

المصدر : الجزيرة + وكالات