تخوف أميركي من تدخل عسكري بسوريا

قال مسؤول بالبيت الأبيض أمس السبت إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعكف على بحث خيارات لوقف إراقة الدماء في سوريا، لكنها متشككة بقوة تجاه التدخل العسكري خشية أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
 
يأتي ذلك في وقت اتفقت فيه اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية مع روسيا على خطة من خمس نقاط بهدف حل الأزمة. وجاء الاتفاق في بيان مشترك بعد جلسة مباحثات مغلقة في مقر الجامعة العربية بالقاهرة. وتتضمن الخطة وقف العنف، وإنشاء آلية محايدة للمراقبة، ورفض التدخل الخارجي في الأزمة، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات دون إعاقة، إضافة إلى دعم مهمة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان.

وفي لقاء مع مجموعة محدودة من الصحفيين الجمعة، أشار مسؤول البيت الأبيض الذي طلب عدم نشر اسمه إلى اختلاف الوضع بين سوريا وليبيا، حيث دعمت حملةٌ لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الثوار الذين تمكنوا في نهاية المطاف من الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي.

وقال المسؤول إن الخيار العسكري "كان ممكنا جدا" في ليبيا حيث تضمن وقف تقدم قوات القذافي وإقامة مناطق آمنة للمدنيين، لكن هذه الظروف غير موجودة في سوريا".

وأضاف المسؤول أن الوضع في سوريا أكثر صعوبة "لأن لديك قوات أمنية تابعة للنظام متداخلة في كثير من الحالات مع السكان"، وتابع أن "الكثير من أعمال العنف الكارثية يحدث باستخدام المدفعية والقصف والقناصة ولهذه الأسباب ليست هناك خيارات عسكرية بسيطة تفرض نفسها".

وأضاف أن جزءا من بواعث قلق البيت الأبيض مصدره أن التدخل العسكري قد يفاقم الأزمة الإنسانية دون حل المشكلة.

الوضع في سوريا أكثر صعوبة من ليبيا لأن هناك قوات أمنية تابعة للنظام متداخلة في كثير من الحالات مع السكان.. والكثير من أعمال العنف الكارثية تحدث باستخدام المدفعية والقصف والقناصة، ولهذه الأسباب ليست هناك خيارات عسكرية بسيطة تفرض نفسها"
مسؤول في البيت الأبيض

في الوقت نفسه كشف وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أنهما يبحثان خيارات عسكرية أميركية بشأن سوريا بناءً على طلب أوباما. وأكد المسؤولان في جلسة الاستماع بالكونغرس التحديات والتعقيدات التي ينطوي عليها أي عمل عسكري.

ومن المقرر أن تجتمع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في نيويورك يوم الاثنين المقبل على هامش اجتماع وزاري خاص لمجلس الأمن بشأن الانتفاضات العربية، من المرجح أن تكون سوريا موضوعا رئيسيا فيه.

من ناحية أخرى، أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان السبت أن أي عملية سياسية لا يمكن أن تنجح ما دامت هناك مجموعات "إرهابية" تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد.

وقال الأسد بعد محادثات استغرقت نحو ساعتين مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي زار دمشق، إن سوريا مستعدة لإنجاح أي جهود "صادقة" لإيجاد حل لما تشهده من أحداث، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية.

ولم يصدر أي تعقيب فوري من أنان بعد الاجتماع الذي استهدف وقف حملة دموية حصدت أرواح آلاف الأشخاص منذ اندلاع انتفاضة ضد حكم الأسد قبل عام.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي اجتمع مع أنان في وقت سابق السبت بالقاهرة، قد أكد أن بلاده "لا تحمي أي نظام" لكنها لا تعتقد أن اللائمة في الأزمة السورية يمكن أن يتحملها أحد الجانبين دون الآخر، ودعا إلى وقف لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

بن جاسم طالب بالاعتراف بالمجلسالوطني السوري (الفرنسية)
بن جاسم طالب بالاعتراف بالمجلسالوطني السوري (الفرنسية)

خطة عربية روسية
في غضون ذلك اتفقت اللجنة العربية الخماسية المعنية بالأزمة السورية خلال اجتماعها مع لافروف السبت بالقاهرة على خطة من خمس نقاط للبدء في التحرك لحل تلك الأزمة، وذلك في بيان مشترك للجنة الخماسية وروسيا بعد جلسة مباحثات مغلقة بدأت بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية بالقاهرة.

وقال وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف إنه تم تحديد مرجعيات ثابتة لمهمة المبعوث الأممي والجامعة العربية كوفي أنان في سوريا.

وفي خطابه قبل تسليم رئاسة مجلس وزراء الخارجية العرب إلى الكويت، دعا بن جاسم إلى إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا، مؤكدا أنه "آن الأوان للأخذ بالمقترح الداعي إلى إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا".

كما دعا وزير الخارجية القطري إلى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للشعب السوري، وأكد أن "زمن السكوت عن ما يحدث في سوريا قد انتهى، ولا بد من تنفيذ قرارات الجامعة".

وتتضمن الخطة وقف العنف في سوريا، وإنشاء آلية مراقبة محايدة، ورفض التدخل الخارجي في الشأن السوري، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات دون إعاقة، إضافة إلى الدعم القوى لمهمة أنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة.

ومن جهته أكد لافروف الاتفاق بين روسيا والدول العربية إزاء الخطة ونقاطها الخمس، مشيراً إلى أن تلك الخطة تُرسل رسالة واضحة لجميع الأطراف السورية بأهمية الحل السياسي.

أما الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي فأكد أن الجامعة تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن الأزمة دون الاصطدام بحق النقض (فيتو)، مشددا على أن هذا هو أفضل ما أمكن الحصول عليه.

ودعا وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح -باسم مجلس وزراء الخارجية العرب- حكومة سوريا إلى وقف إطلاق النار وإطلاق المعتقلين والسماح للبعثات الإنسانية ووسائل الإعلام بالعمل بحرية.

من جانب آخر انتقد وزير خارجية السعودية سعود الفيصل مواقف روسيا والصين إزاء هذا الملف، وقال إنهما منحتا النظام في سوريا رخصة ليواصل القتل مستهينا بمصير الشعب السوري.

وفي لقاء مع الجزيرة علقت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس التي سبق أن زارت حي بابا عمرو في مدينة حمص على الخطة العربية الروسية بقولها "إنه من المهم أن يقوم كافة الأطراف بما يستطيعون لضمان توصيل المساعدات الإنسانية دون إعاقة ولكن هذه بداية بسيطة ونحتاج لأكثر منها".

وأعربت آموس عن أملها في أن تؤدي كافة التحركات الدبلوماسية إلى إحراز تقدم لرفع المعاناة عن الناس، مشيرة إلى وجود تقارير بشأن اندلاع اشتباكات في أماكن أخرى من سوريا، وبالتالي الحاجة إلى تقديم العون لهم.

المصدر : الجزيرة + وكالات