هل انتهت المجاعة في الصومال؟

موسم زراعي وفير إثر الجفاف
undefined

 

 

عبد الرحمن سهل-كيسمايو

أثار إعلان الأمم المتحدة بداية الشهر الجاري انتهاء المجاعة الناجمة عن الجفاف في الصومال ردود فعل إقليمية ومحلية متباينة، فبينما وافق البعض رأي المنظمة الدولية عرض آخرون وجهة نظر مخالفة تؤكد على أن وقف المساعدات المقدمة للصوماليين سيفاقم أوضاعهم الإنسانية.

وذكر الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لدى الصومال جون جيري رولينغز -في خطاب ألقاه خلال المؤتمر السنوي الثاني لمركز التكنولوجيا والتنمية الاقتصادية التابع لجامعة نيويورك في أبو ظبي منتصف الشهر الجاري- أن تسعة ملايين ونصف المليون لا يزالون يواجهون خطر المجاعة في منطقة القرن الأفريقي.

وطلب رولينغز من المجتمع الدولي توفير 1.5 مليار دولار لمساعدة الصوماليين الذين هم عرضة للمجاعة مجددا وفق تعبيره، إلا أن خبراء صوماليين وناشطين في المجال الإغاثي أكدوا للجزيرة نت أن المجاعة انتهت في الصومال غير أن آثارها باقية في مخيمات للنازحين بالعاصمة مقديشو وفي غيرها من المدن.

وقال الخبير الصومالي في شؤون الموارد البشرية عبد الله علي حاشي "أستطيع أن أقول وبكل ثقة وصدق أن المجاعة في الصومال قد انتهت".

مجهودات الإغاثة كان لها الفضل في إنهاء معاناة ملايين الصوماليين (الجزيرة نت)
مجهودات الإغاثة كان لها الفضل في إنهاء معاناة ملايين الصوماليين (الجزيرة نت)

أسباب الانفراج
وأرجع حاشي ذلك إلى عوامل عدة أبرزها هطول أمطار غزيرة في المناطق المتضررة من الجفاف، وموسم زراعي مختلف كليا عن المواسم السابقة، بالإضافة إلى دور الهيئات والجمعيات الإسلامية والعربية التي أوصلت المعونات الغذائية عبر وكلائها المحليين إلى المناطق المتأثرة من الجفاف، فضلا عن إغلاق مخيمات النازحين المنتشرة في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة الشباب المجاهدين.

وتحدث الخبير الصومالي عن موسم زراعي "لم يعرف الصوماليون مثله في العقود الأخيرة" بحسب قوله مؤكدا أن المزارعين في منطقتي باي وبكول وّدعوا المجاعة نهائيا وأن محاصيلهم الزراعية تكفي لسد حاجياتهم خلال عشر السنوات المقبلة.

وذكر حاشي أنه يستند في حكمه على ما رآه بأم عينه خلال زيارته لمنطقتي باي وبكول اللتين أعلنتهما الأمم المتحدة العام الماضي منطقتي مجاعة بسبب الجفاف.

وأشاد حاشي بالدور الذي لعبته الهيئات العربية والإسلامية حيال تخفيف المعاناة عن المتضررين من كارثة الجفاف، مشيرا إلى أن منظمات أخرى مثل لجنة الصليب الأحمر الدولية واليونيسيف ومنظمة كونسيرن الدولية شاركت هذه الهيئات في جهود الإغاثة.

تهجير الناس
وانتقد الخبير الصومالي أداء الأمم المتحدة وتعاملها مع كارثة المجاعة السابقة قائلا "بدلا من أن ترسل الأمم المتحدة المعونات الغذائية عبر الجمعيات الأهلية الصومالية فقد ساهمت بشكل كبير في تهجير الناس من منطقتي باي وبكول إلى مخيمات اللاجئين الصوماليين في كينيا بذريعة عرقلة حركة الشباب تدفق المعونات إلى المحتاجين".

وأضاف "هذا الأمر نفته حركة الشباب حينها، والمنظمات والهيئات الإسلامية والعربية هي التي قدمت المساعدات للصوماليين الهاربين إلى كينيا، بينما لم تقم الأمم المتحدة بدورها حيال هؤلاء".

ورصد حاشي عودة المزارعين مجددا إلى مخيمات النازحين المقامة بمقديشو قادمين من ولايتي باي وبكول برغم المحصول الزراعي الجيد في المنطقة، وهي "حالة غريبة" بحسب قوله.

وأرجع الأستاذ بجامعة كيسمايو نورية شورية عودة النازحين مجددا إلى تلك المخيمات للفوضى السائدة في البلد.

نازحون في انتظار الحصول على طعام بأحد مخيمات مقديشو (رويترز-أرشيف)
نازحون في انتظار الحصول على طعام بأحد مخيمات مقديشو (رويترز-أرشيف)

نهب المساعدات
وقال "إن انعدام الثقة لدى المواطن بسبب غياب الدولة الصومالية واستمرار الحروب في البلد وعدم إغلاق المخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الانتقالية، وتوزيع الهيئات والمنظمات المعونات الغذائية في الأوقات غير المناسبة، هي السبب في حالة التيه التي تهمين على النازحين الصوماليين".

ولم تسلم المساعدات الإنسانية المقدمة لسكان مخيمات مقديشو من مشاكل جمة وفق رأي الناشط في المجال الإغاثي الدكتور حسن البصري، وذلك نتيجة سوء إدارة المشاريع الإغاثية ونهبها على أيدي مليشيات مسلحة مجهولة، وأيضا من قبل العاملين فيها. وتقع تلك التجاوزات التي ما زالت مستمرة حتى الآن –بحسب رأيه- بعلم الحكومة الانتقالية.

ويرجع البصري سوء إدارة الأزمة الإنسانية ونهب المعونات الغذائية إلى غياب التخطيط والرقابة وعدم إعداد دراسات ميدانية لتحديد الشرائح المستهدفة.

وبالرغم من انتهاء المجاعة في الصومال وفق قول العديد من المتتبعين للشأن الصومالي فإن ضرورة مواصلة جهود الإغاثة خاصة في مخيمات النازحين بمقديشو والعمل على نقلهم إلى مناطقهم، وخلق فرص عمل لأصحاب المواشي المتضررين، وحفر الآبار وتوفير الخدمات التعليمية والصحية في المناطق النائية، إضافة إلى تمويل مشاريع زراعية عملاقة تنهض باقتصاد البلاد تبقى برأيهم ضرورية لتجنب تكرار سيناريو المجاعة القاتل مرة أخرى.

المصدر : الجزيرة