الانتخابات البرلمانية بالأردن في 23 يناير

رئيس الوزراء عبد الله النسور - ارشيف
undefined
محمد النجار-عمّان
 
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات بالأردن أن الانتخابات البرلمانية المبكرة ستجرى في 23 يناير/كانون الثاني المقبل، وهو موعد يمثل استحقاقات الإصلاح السياسي بالنسبة للنظام، والردة عن الإصلاح بالنسبة للمعارضة التي تقاطع الانتخابات.
 
وحددت الهيئة المستقلة للانتخاب بالأردن ذلك الموعد بعد أن حل الملك عبد الله الثاني البرلمان خلال منتصف الولاية التشريعية تحت ضغوط للإسراع بإجراء إصلاحات سياسية. وجاء تحديد ذلك التاريخ بعد يوم من انتهاء أجل تسجيل الناخبين.
 
وبمضي الدولة نحو الانتخابات رغم مقاطعة قوى رئيسية لا سيما الحركة الإسلامية والجبهة الوطنية للإصلاح وحراكات شعبية خرجت للشارع منذ نحو عامين، يرى مراقبون وسياسيون أن الأردن ماض نحو إعادة إنتاج أزمته السياسية بالتوازي مع أزمة اقتصادية.

ويتحدث سياسيون في عمّان عن مكاسب حققها النظام في مرمى المعارضة، أهمها تمكنه من تعيين رئيس وزراء هو عبد الله النسور المحسوب عليها والذي تبنى طروحاتها تحت قبة البرلمان على مدى العامين الماضيين بنفس التشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء المستقيل فايز الطراونة، وبنفس شروط اللعبة السابقة والمتمثلة بعدم إحداث أي تغيير على قانون الانتخاب.

وحاول النسور حثّ الإسلاميين وأحزاب المعارضة على المشاركة بالانتخابات، لكن الحركة الإسلامية وبقية الأحزاب وجهت نقدا مباشرا للنسور لقبوله ترأس حكومة بنفس التشكيلة التي حجب عنها الثقة من جهة، وتبنيه لقانون انتخاب كان من أشد المحذرين من إجراء انتخابات وفقه، وقبول مقاطعة الجهات التي اعتبر أن لا معنى لأي انتخابات دون مشاركتها.

بالمقابل يتحدث مقربون من النسور أن الرجل جاء لرئاسة الحكومة محملا بضمانات بعدم التدخل أو الضغط على حكومته وعدم تدخل أي جهة -وخاصة المخابرات- بالعملية الانتخابية المقبلة، إضافة لمنحه ضوءا أخضر للمضي بتطبيق الإصلاحات ومكافحة الفساد دون أي خطوط حمر.

التحدي الأكبر بنظر سياسيين ومحللين أن النسور مكبل بتعديلات دستورية لا تمنحه أي حق في تعديل القوانين أو إصدارها بشكل مؤقت

تحديات أخرى
وتواجه حكومة النسور تحديات أخرى إلى جانب ملف الانتخابات البرلمانية، بينها أزمة المعتقلين من نشطاء الحراك والذين يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة بتهم تصل الأحكام فيها للإعدام بناء على هتافات وشعارات رددوها طالت ملك البلاد.

كما يواجه تحديا اقتصاديا متمثلا في بروتوكول مع صندوق النقد الدولي يتعهد الأردن بموجبه برفع الدعم عن كل السلع الأساسية، وبالتالي رفع أسعار السلع الأساسية وخاصة المحروقات وصولا للخبز الذي ظلت الحكومات الأردنية تعتبر رفع أسعاره خطا أحمرا على مدى أكثر من عقد من الزمان.

والتحدي الآخر الذي تواجهه حكومة النسور هو الأزمة مع الإعلام وخاصة المواقع الإخبارية الإلكترونية، والتي لا تزال تعتصم في خيمة أقامتها منذ أكثر من شهر رفضا لقانون المطبوعات والنشر الذي تصل عقوباته إلى حد حجب الموقع.

ولعل التحدي الأكبر بنظر سياسيين ومحللين أن النسور مكبل بتعديلات دستورية لا تمنحه أي حق في تعديل القوانين أو إصدارها بشكل مؤقت.

فهد الخيطان:

هناك شروط إن تحققت فإن الدولة وحكومة النسور ستخرج من الأزمة الحالية بأقل الخسائر، إضافة لإمكانية تحقيقها مكاسب على حساب المعارضة

مرمى الدولة
وبرأي المحلل السياسي فهد الخيطان فإن التحديات تبدو في مرمى الدولة أكثر منها في مرمى المعارضة. وقال للجزيرة نت إن هناك شروطا إن تحققت فإن الدولة وحكومة النسور تحديدا ستخرج من الأزمة الحالية بأقل الخسائر إضافة لإمكانية تحقيقها مكاسب على حساب المعارضة.

وتابع "إذا تمكن النسور من الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإغلاق هذا الملف، وتأجيل قرارات رفع الأسعار إلى ما بعد الانتخابات، وإقناع جهات سياسية بالمشاركة بالانتخابات لتعبئة الفراغ الكبير الذي سيتركه غياب الإسلاميين، والأهم إجراء انتخابات نزيهة وشفافة؛ فإن المملكة ستخرج ببرلمان شعبي إلى حد كبير وستتمكن من وضع المعارضة في موقف لا تحسد عليه أمام الشارع".

وبرأي المحلل السياسي فإن الخطورة و"خيار الانتحار" قد يحدث إن تدخلت جهات أمنية أو سياسية بالانتخابات أو رفعت الحكومة الأسعار ولم تتمكن حكومة النسور من إنهاء أزمة المعتقلين، "وهما شرطان لتدمير وصفة الإصلاح ومنح المعارضة أوراقا لم تبحث عنها في مرمى الشارع".

وتكشف مصادر تحدثت للجزيرة نت عن إجراءات ستقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات في الأيام القريبة لإقناع الشارع بنزاهة العملية الانتخابية، تتمثل في البت في سبعة آلاف طعن في عمليات التسجيل بالانتخابات بعد أن نجحت الدولة في حشد الناس للتسجيل بنسبة تجاوزت 70%.

ومن الإجراءات الأخرى بدء تحركات قد تصل لتوقيف عدد من أصحاب رؤوس الأموال الذين حجزوا آلاف البطاقات الانتخابية مع وجود شبهات على وجود عمليات شراء للأصوات.

غير أن ذلك كله يجري وسط ما يتناقله سياسيون أردنيون عن قلق أميركي غير رسمي على الوضع بالأردن، لكن ما يطمئن الرسميين الأردنيين هو رضا الإدارة الأميركية الحالية على الخطوات التي اتخذت حتى الآن باتجاه الإصلاح المنشود.

لكن سياسيين من مشارب مختلفة يتملكهم الخوف من أن يستيقظ الأردنيون صباح اليوم التالي للانتخابات على برلمان مطعون في شرعيته، مما يعيد إنتاج الأزمة الأردنية ويضعها في المربع الأول ولكن بتكلفة إصلاح ربما تكون أكبر بكثير.

المصدر : الجزيرة