مبادرة زيناوي للسودان بمهب الريح

Sudanese President Omar Hassan al-Bashir (R) talks with Ethiopian Prime Minister Meles Zenawi (L) after Zenawi arrived on an official visit, at Khartoum Airport September 16, 2011.

البشير مستقبلا زيناوي في زيارته الأخيرة للخرطوم الأسبوع الماضي (رويترز)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

يبدو أن مبادرة رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي المشتركة مع الاتحاد الأفريقي بشأن الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ستواجه بكثير من العقبات الكؤود بعدما جددت الخرطوم تأكيدها بإطلاق يد القوات المسلحة السودانية لحسم التمرد عسكريا بالولايتين.

ولم يمض على ترحيب الرئيس عمر البشير بالمبادرة إلا أيام معدودات، حتى أمر نائبه الأول علي عثمان طه القوات المسلحة بولاية النيل الأزرق بتنظيف الولاية والولايات المشابهة من أي جيوب للتمرد، الأمر الذي قاد إلى التساؤل عن قناعة الخرطوم بالمبادرة من عدمها.
 
وبدا أن الأمر بصورته النهائية آخذ في التصاعد باتجاه رفض الجهود الإثيوبية رغما عن إصرار رئيس وزرائها على نجاح مهمته التي يشاطره فيها رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي.
 
لكن المؤتمر الوطني ورغم ذلك قلل من وجود تعارض بين الحسم العسكري والحوار مع أي جهة تسعى لأجل الحوار والسلام ومعالجة المشكلات في المنطقة، مشيرا إلى استعداد إثيوبيا إلى معالجة كافة المشكل السوداني. 
 
صدارة أفريقية
وقال الناطق الرسمي باسمه إبراهيم غندور إن ما لدى إثيوبيا من ثقل في المنطقة "جعلها تحتل صدارة دول إيغاد في الاهتمام بالقضايا الأفريقية"، مؤكدا أن اهتمام زيناوي يأتي في إطار اهتمامه بالسودان وعلاقته بالرئاسة السودانية "ما يؤهله للقيام بأي دور إيجابي لحسم المشكلة".
 
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي حمل في زيارة خاطفة إلى الخرطوم للمرة الثانية على التوالي مبادرة لنزع فتيل التوتر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
 
وفي مقابل ذلك لم تجد أطراف أخرى ما يمنعها من الدخول مباشرة في القضية بل وتبنيها خاصة حركة العدل والمساواة التي اتهمت الحكومة بالسعي لارتكاب جرائم فظيعة بحق المدنيين بالولايتين.
 
وقال الناطق الرسمي باسمها جبريل آدم بلال في بيان له -تلقت الجزيرة نت نسخة منه- إن حكومة المؤتمر الوطني تسعى لمواصلة "الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في السودان"، مطالبا المحكمة الجنائية الدولية بضرورة التدخل العاجل للتحقيق في ما أسماه "التطهير العرقي بالبلاد".
 
رحلة خارجية
أما الكاتب والمحلل السياسي محمد موسى حريكة فأشار إلى أن الحكومة اعتبرت اتفاقية الدوحة هي آخر رحلة خارجية لحل مشكلات السودان رغم موافقتها على طرح أديس أبابا.
 
وتوقع في حديثه للجزيرة نت موافقة الحكومة على المبادرة أو أي مبادرات أخرى "لكن بعد فوات الأوان"، منبها لخطورة الأوضاع السودانية الحالية.
 
وقال للجزيرة نت إن المؤتمر الوطني لن يستمع للمبادرة الحالية في الوقت الحالي "لأنه قرر الاعتماد على القوة العسكرية"، مشيرا في الوقت ذاته إلي إمكانية دعم حكومة الجنوب للمبادرة "وبالتالي سيكون من الممكن للخرطوم الموافقة".
 
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي إبراهيم دقش أن الحكومة تعمل لإنهاء ما بدأته عسكريا لاعتقادها بعدم جدوى أي مبادرة حالية، مشيرا إلى أن المبادرة الإثيوبية ربما واجهت بعض العقبات السياسية والإستراتيجية لطرفي الصراع.
 
مشكلات جديدة
وقال للجزيرة نت إن رئيس لجنة حكماء أفريقيا يحاول تجنيب الخرطوم أي مشكلات جديدة مع المجتمع الدولي "بتبنيه للمبادرة"، كما أن أديس أبابا تسعى هي الأخرى لمحاصرة ما يهدد أمنها قبل استفحاله.
 
لكنه أضاف أن تاريخ الحكومة السودانية يشير إلى أنها "ستقبل بأي مبادرة مطروحة والجلوس مع الأطراف الذين ترفضهم الآن"، مطالبا الحكومة بالتعامل وفق سياسة الربح والخسارة التي تراعي المصلحة الوطنية أولا.

المصدر : الجزيرة