مدينة النعمة

تقع مدينة النعمة في أقصى الشرق الموريتاني على بعد نحو 1200 كلم شرق العاصمة نواكشوط بمحاذاة الحدود الموريتانية الشرقية والجنوبية الشرقية مع دولة مالي.
 
تعتبر مدينة النعمة -التي يعود تأسيسها إلى نحو قرنين من الزمن- أهم مدن الشرق الموريتاني وهي عاصمة محافظة (ولاية) الحوض الشرقي ذي الكثافة السكانية الكبيرة، وتتصل بالعاصمة نواكشوط عبر طريق الأمل الذي يمتد على مسافة تقدر بنحو 1200 كلم، ويربط أغلب مدن موريتانيا الواقعة بين نواكشوط والنعمة.
 
تقع المدينة بواد كبير تحيط به الجبال والمرتفعات من مختلف الجهات باستثناء الجهة الغربية التي تبقى المنفذ شبه الوحيد للمدينة، وتتمتع بمناخ صحراوي ترتفع فيه درجة الحرارة صيفا إلى نحو خمسين درجة، وتنخفض شتاء إلى أقل من عشرين درجة مئوية.
 
اقتصاديا
تشتهر المدينة الواقعة على الحدود الشرقية من موريتانيا بكونها مدينة رعوية وزراعية تحتضن جزءا كبيرا من الثروة الحيوانية للبلاد، وتساهم مع مناطق الشرق الأخرى في تزويد بقية مناطق البلاد بحاجاتها من مختلف أنواع الماشية.
 
وتنتشر الزراعات المطرية بضواحيها وأريافها بحكم وفرة مياه الأمطار خلال فترة الخريف، حيث تعتبر من أكثر مدن ومناطق موريتانيا استفادة من الهطولات المطرية أثناء فصل الخريف الممطر عادة في موريتانيا.
 
وإلى جانب أهميتها الرعوية والزراعية، تعد مدينة النعمة مركزا تجاريا حيويا، وقد أضفى عليها موقعها الجغرافي القريب من الحدود مع مالي أهمية خاصة، حيث أصبحت مع الوقت مركزا للتبادل التجاري ومنطقة عبور للسيارات والشاحنات والقوافل التجارية المتجهة إلى مالي.
 
وقد تعززت أهميتها التجارية في العقدين الأخيرين بعد إنشاء ميناء نواكشوط، حيث أصبحت مالي تستخدمه في استيراد أهم حاجياتها الغذائية والكمالية من الخارج بسبب كونها دولة داخلية لا تطل على أي بحار أو محيطات.
 
القاعدة
لكن شهرة مدينة النعمة تحولت في الآونة الأخيرة من المجالات الرعوية والتجارية وحتى السياحية إلى مجال آخر أكثر حساسية، بعد أن صارت مركزا عسكريا متقدما في الحرب الدائرة ليس فقط بين موريتانيا وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وإنما بين الأخير وقوى إقليمية ودولية عديدة.
 
فقد ظلت مدينة النعمة -المطلة على منطقة الصحراء الكبرى- إحدى أهم المناطق التي يعتمد عليها التنظيم خلال سنواته الماضية في الحصول على حاجياته المختلفة، وفي توصيل المقاتلين والمنتسبين الجدد إليه من داخل موريتانيا والدول القريبة منها، ولم يكن وجود عناصر الجماعة المقاتلة في الأسواق وبين السكان يثير الريبة أو الشكوك أو حتى الفضول.
 
بيد أن التطورات المتلاحقة التي عاشتها المنطقة في السنوات الثلاث الأخيرة قلبت الصورة تماما، بعد أن تحولت الحرب إلى واحدة من أهم الأولويات الأمنية للحكومات المتعاقبة في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة.
 
وتحتضن مدينة النعمة المنطقة العسكرية الخامسة (قاعدة عسكرية) التي انطلقت منها الهجمات التي شنتها موريتانيا بالتنسيق مع القوات الفرنسية منذ منتصف العام الماضي على معسكرات التنظيم في شمالي مالي.
 
وكتجسيد للتحول الحاصل في علاقة المدينة الصحراوية الوادعة بمقاتلي تنظيم القاعدة، شهدت المدينة ولأول مرة منتصف العام الماضي عملية انتحارية لأحد عناصر التنظيم استهدفت قاعدتها العسكرية وأدت لخسائر مادية محدودة بالإضافة إلى مقتل الانتحاري.
 
ودلت هذه العملية إلى تحول في نظرة التنظيم لمدينة النعمة من مركز للتزود والتموين والربط إلى هدف في حربه الدائرة مع الحكومة الموريتانية.  

المصدر : الجزيرة