فلسطينيو 48 يصعّدون نصرة للنقب


محمد محسن وتد-القدس

شهد الداخل الفلسطيني إضرابا شاملا اليوم الأحد نصرة للنقب، وتوج بمظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف من فلسطينيي 48 قبالة ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بالقدس، فيما سمي بمعركة الأرض والمسكن.

واستجابت الجماهير لنداء "لجنة المتابعة العربية العليا" -التي تمثل عموم فلسطينيي 48- والتزمت بالإضراب الشامل الذي يعتبر الأول من نوعه منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقد شمل كافة مرافق الحياة.

مخطط برافر
ويأتي هذا التصعيد لمواجهة المخطط الإسرائيلي "برافر" القاضي بمصادرة قرابة مليون دونم من أراضي البدو بالنقب، وهدم نحو 30 قرية وتشريد قرابة مائة ألف من قاطنيها.

وتهدف إسرائيل من خلال هذا المخطط إلى تهويد وعسكرة الجنوب ومنع أي تواصل جغرافي ما بين النقب وغزة وسيناء، عبر تجميع البدو البالغ عددهم نحو 200 ألف نسمة على أقل، من مائة ألف دونم بمنطقة السياج التي هي أشبه بمعسكرات تجميع ومخيمات لاجئين.

شعارات تطالب بإسقاط مخطط برافر (الجزيرة نت)
شعارات تطالب بإسقاط مخطط برافر (الجزيرة نت)

وقال رئيس لجنة المتابعة العربية العليا محمد زيدان "الإضراب الشامل ووحدة الصف التي تجلت بالمظاهرة الجبارة بمثابة رسالة للحكومة الإسرائيلية بأن للنقب أهله وأصحابه ونرفض التفريط بشبر من ترابه".

وشدد -في حديثه للجزيرة نت- على أن الداخل الفلسطيني يعيش أجواء انتفاضة الأرض، فالمؤسسة الإسرائيلية تتعامل معه بعقلية الاستعمار العسكري وتنظر إليه على أنه خطر ديمغرافي وأمني على الدولة.

وخاطب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول إن "نكبة 48 لن تتكرر، ومخطط برافر ما هو إلا محاولة لإكمال مشهد النكبة، لكننا نؤكد حسمنا لمستقبلنا ومصيرنا مع الأرض، إما أن نكون فوقها أعزاء أو شهداء ببطنها".

وحذرت قيادات الأحزاب والحركات والفعاليات الشعبية والوطنية الحكومةَ الإسرائيلية من المضي بمشروعها لتهجير الفلسطينيين، مؤكدة رفضها لأي مساومة وإصرارها على التمسك بالأرض وحقوق الملكية لعرب النقب.

مراوغة إسرائيلية
ويرى مراقبون أن المؤسسة الإسرائيلية تراوغ وتسعى للاستمرار بشكل تدريجي بسياسة التهجير والتشريد، وهي تخشى من مغبة اندلاع مواجهات مسلحة مع السكان البدو بالنقب إذا ما أقدمت على إخلائهم بالقوة.

غير أن النائب بالكنيست طلب الصانع -وهو من النقب- أكد أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها تسعى من خلال هذه المخططات إلى جر البدو بالنقب لمواجهات وصدام مسلح.

وبيّن -في حديثه للجزيرة نت- أن "أحزاب اليمين تنتظر الفرصة لاندلاع أي نزاع مسلح بالنقب، من أجل نزع الشرعية عنا وإظهارنا أمام المجتمع الدولي على أننا نمثل خطرا أمنيا".

وشدد على أن هذه الضغوط والممارسات الإسرائيلية ستفجر قريبا انتفاضة شعبية بالجنوب قد تمتد لجميع البلدات العربية بالداخل، "فنحن راسخون بوطننا بالنضال الشعبي والجماهيري والقضاء الدولي لمحاصرة إسرائيل لكشف زيف ديمقراطيتها".

مشاركة واسعة في المظاهرة ضد مخطط
مشاركة واسعة في المظاهرة ضد مخطط

صمود ومواجهة
ويرفض الشيخ صياح الطوري رئيس قرية العراقيب في النقب النزوح عن القرية التي هدمتها إسرائيل خلال العام الحالي 32 مرة.

وأكد -للجزيرة نت- أن الجماهير الفلسطينية بالداخل أمام مواجهة وصدام مع إسرائيل، لافتا إلى أن جميع مخططات التهجير صاغتها عقول وقيادات من المؤسسة العسكرية والجيش الإسرائيلي.

ونفى أن تحمل هذه المخططات أي عمليات تطوير للبدو بالنقب، مفندا ما تروج له إسرائيل من أنها تتطلع لإعادة توطين البدو. واعتبر المشاريع الإسرائيلية هناك مقدمة لتصفية الأراضي وحربا على الوجود الفلسطيني بالداخل.

وحذر الطوري من مغبة تعاطي وتناغم أي قيادة عربية مع مشاريع التهويد والتشريد، وأوضح أنه "لا يحق لأي قيادي الحديث باسم عرب النقب، فكل من يساوم إسرائيل على مستقبل أراضينا هو مجرم وخائن".

وقال رئيس حزب التجمع الوطني واصل طه إن معركة النقب جسدت وحدة فلسطيني 48، فالمؤسسة الإسرائيلية -وفق رأيه- راهنت على فشل الإضراب والمظاهرة، "لكن الجواب لم  يتأخر وشعبنا خذل إسرائيل بخروجه لتدعيم صمود النقب".

ولفت -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن إسرائيل -التي تزعم أنها واحة الديمقراطية بالشرق- هي التي تعتمد سياسة التطهير العرقي والفصل العنصري وترتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.

وأضاف "شرعيتنا من كوننا أصحاب هذا الوطن، فوطننا ليس حقيبة والنقب يرمز لوجودنا ومستقبلنا، واليوم نسطر التاريخ بأحد أهم أيام النضال".

المصدر : الجزيرة