نتائج تونس قطيعة مع النظام السابق

Supporters of Tunisia's Islamist Ennahda party celebrate on October 25, 2011 at the movement headquarters in Tunis.

التصويت للنهضة يدل على تحولات بنيوية كرستها الثّورة بالمجتمع التونسي، بحسب الورقة (الفرنسية)

رأى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي بتونس هذا الأسبوع تعكس حقيقة بسيطة تتجلى في رغبة المجتمع التونسي في إحداث قطيعة تامة مع عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بما في ذلك القطيعة على مستوى الهوية الثقافية. وقد تقاطعت أصوات الناخبين حول ذلك، لكنها افترقت في كيفية ترجمتها.

وذكرت ورقة تقدير موقف حديثة صدرت عن المركز الذي يتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقرا له وحصلت الجزيرة نت على نسخة منها، أنه بهذه الانتخابات تكون تونس ختمت المرحلة الانتقالية الأولى التي تلت سقوط نظام بن علي؛ وباشرت المرحلة الثانية من عملية الانتقال نحو الديمقراطية، وهي إقرار الدستور وإقامة نظام حكم ديمقراطي.

وتعكس الانتخابات -بحسب الورقة- محاولة الفئات الفقيرة والمتوسطة أن تستعيد الثورة بعد أن ادُعي أنها صودرت من قبل بقايا النظام السابق. فالثورة التونسية كانت في جوهرها ثورة الفئات والجهات الفقيرة التي عانت من الخلل التنموي البنيوي، وقد عبرت هذه الفئات في الانتخابات عن موقفٍ واضحٍ برفض كل ما يمت بصلة للنظام القديم.

واعتبرت ورقة المركز أن فوز حركة النهضة يدل على تحولات بنيوية كرستها الثورة في المجتمع التونسي حول مفاهيم الهوية والانتماء؛ فالتصويت لحركة النهضة تجاوز الاقتراب أو الابتعاد الأيديولوجي من الأوساط الشعبية التي هُمّشت في عهد بن علي، ليصل إلى رأيٍ عام في أوساطها يربط بين التوجهات العلمانية المتطرفة للنظام السابق والاستبداد الإلغائي.

وخلصت الورقة إلى أن المعطى الأهم الذي حفز التصويت لحركة النهضة، لا يتأتى فقط من كونها أكثر الأحزاب السياسية تعرضا للاضطهاد السياسي، بل أيضا من قناعة مفادها أنها النقيض الشامل للنظام السابق إضافةً إلى أنها امتلكت الأجوبة عن أسئلة الهوية التي شكّلت أحد أبرز الاختلالات البنيوية خلال العهد السّابق.

إستراتيجيات التحول الديمقراطي

في دراسة حديثة نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات يحاول الدّكتور عبد العظيم محمود حنفي استعراض تجارب التحول الديمقراطي التي شهدتها بعض الدول في الفترة الأخيرة ونسفت نظريات سياسية سابقة كانت تنظر إلى الواقع الحالي الذي تشهده دول ما يسمى بـ"الربيع العربي" على أنه أمر بعيد المنال مستثنية حدوث أي تحول ديمقراطي

وفي دراسة حديثة نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يحاول الدكتور عبد العظيم محمود حنفي استعراض تجارب التحول الديمقراطي التي شهدتها بعض الدول في الفترة الأخيرة ونسفت نظريات سياسية سابقة كانت تنظر إلى الواقع الحالي الذي تشهده دول ما يسمى بـ"الربيع العربي" على أنه أمر بعيد المنال، مستثنية حدوث أي تحول ديمقراطي.

ويرى الباحث في الدراسة التي عنوانها: "إستراتيجيات التحول الديمقراطي" أن الساحة السياسية زخرت خلال الثلاثة عقود الأخيرة بفيضٍ من التطورات السياسية التي شهدتها دول الجنوب، تبدَى معظمها في تراجع التوجهات التسلطية وتنامي التحولات الديمقراطية. ويمكن القول إن هذه الظاهرة أضحت تمثل الاتجاه الرئيس المعاصر في دراسة النظم السياسية في تلك البلدان.

وقد تأكدت تلك المقولة مع انتهاء ظاهرة الاستثناء الديمقراطي العربي بالثورات والانتفاضات العربية وعلى رأسها الثورة المصرية.

ويؤكد أن هذه التطورات الديمقراطية لا تمثل في حد ذاتها ظاهرة حديثة، حيث يمكن القول إن معظم هذه التحولات هي إعادة لتطورات ديمقراطية سابقة شهدت نوعًا من الانتكاسة التي أعقبتها عودة نُظمٍ تسلطية وعسكرية، حيث إن عددا من نظم الجنوب قد شهدت فترة ازدهار للممارسات الديمقراطية بعد استقلالها وذلك استجابةً للتطلعات الشعبية آنذاك، بيد أنها منيت في معظمها بالفشل.

ويشير الباحث إلى أنه تَحقق للديمقراطية خلال العقود الثلاثة الماضية نهوض غير عادي، ففي العام 1900 كانت هناك عشر دول فقط يمكن اعتبارها ديمقراطية، وبحلول منتصف القرن ازداد العدد إلى 30 دولة، وبقي على حاله بعد مرور 25 عاما على ذلك، إلا أنه بحلول العام 2005 أصبحت 119 من دول العالم البالغ عددها 193 دولة، دولا ديمقراطيّة.

ويرى الباحث أن هذه الدراسة، وقد استندت إلى الدراسات الغربية، تنوه بأن تجارب التحول الديمقراطي في الوطن العربي على إثر الثورات والانتفاضات الشعبية التي يشهدها، تضيف أبعادا أخرى نوعية لتلك الدراسات، مما يستلزم معها مواكبة تلك التطورات بالرصد والتحليل المتأني.

المصدر : الجزيرة