حسني مبارك


undefinedتبنى الرئيس المصري حسنى مبارك منذ توليه السلطة في أكتوبر/تشرين الأول عام 1981 الكثير من طروحات الإصلاح السياسي. ورأى ضرورة في أن يكون تطبيقها على جرعات متدرجة. غير أن السنوات الماضية لم تشهد انفرجا حقيقيا يلامس القواعد الأساسية لهذا الهدف، فقد أعطى أولوية كبيرة للإصلاح الاقتصادي الذي لم تظهر نتائجه من رخاء ورفاهية على الشعب، الأمر الذي انعكس سلبا على نظيره السياسي.
 
وهذه الرؤية فشلت في تحقيق غرضها بكفاءة عالية وأصابت كثيرا من مناحي الحياة المصرية بما يشبه العقم السياسي، تعززت ملامحه السلبية بافتقار قوى المعارضة لرؤى وتقويمات صائبة، كفيلة بإجبار القيادة السياسية على اتخاذ خطوات إيجابية.
 
وتسبب تمركز غالبية الصلاحيات الدستورية في مؤسسة الرئاسة وفي شخص الرئيس تحديدا، في إغلاق الطريق أمام الإصلاح السياسي ما لم يقم الرئيس مبارك نفسه بتحريك المياه بمبادرة محددة من قبله.
 
وبرغم الانسداد الذي كان يبدو في نهاية النفق فإن الرئيس مبارك كان حريصا على توفير أجواء مواتية من حرية النقد للصحافة المصرية، طالت في بعض الأحيان رموزا رئيسية في نظامه. وقد قوبل ذلك بصدر رحب اقتناعا بأهمية هذا الدور. ويحسب له تعاطفه مع الكتاب المصريين في ممارسة أدوارهم بلا رقابة مباشرة، وميله لتوسيع نطاق الديمقراطية في هذا الاتجاه وإبداء رغبته مرارا في الإصلاح الكبير عندما تكون الأجواء مواتية.
 
وكان يقف موقفا متحفظا أو رافضا لكل الدعوات التي طالبت بالفصل بين منصبي رئيس الجمهورية ورئاسته للحزب الوطني الحاكم، وبتعديل بعض مواد الدستور والقوانين السالبة للحريات، خاصة إعلان حالة الطوارئ وحرية تكوين الأحزاب السياسية وفتح الباب لانتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح وتحديد مدة الرئيس التي تركها الدستور الحالي مفتوحة دون سقف زمني معين. الأمر الذي بدا متناقضا في نظر البعض مع إيمانه المعلن بالحريات ويقينه بأهمية الديمقراطية للمستقبل.
 
وكانت النقطة الفاصلة هي تزامن المطالبات الداخلية بالإصلاح مع التوجهات الخارجية في المجال ذاته. فتصاعدت الضغوط من الجانبين وجميعها صب في ضرورة تبني خطوات إصلاحية كبيرة.
 
وقام بخطوة استباقية بدعوته لمؤتمر حول الإصلاح في العالم العربي عقدت دورته الأولى العام الماضي بمكتبة الإسكندرية، وجاءت الثانية في مارس 2005. وفي الدورتين أكد بعبارات واضحة أهمية الإصلاح، باعتباره عملية "متصلة تنبع من إرادة الأمة ولا تطلب من الخارج".
 
وفي مسألة التعديلات الدستورية وقف موقفا رافضا لها في البداية ووصف في يناير/كانون الثاني 2005 مطالبة أحزاب المعارضة بهذا الأمر بأنها "دعوة باطلة" ودعا من يتحدثون عن الانتخاب المباشر والاستفتاء ومحاولة المفاضلة بينهما إلى إدراك أن الاستفتاء مؤسس على ترشيح من ممثلي الشعب في البرلمان.
 
وفي فبراير/شباط 2005 طالب بتعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بآلية انتخاب الرئيس لتكون بين أكثر من مرشح من خلال الاقتراع المباشر في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ورفض تعديل المادة 77 التي لا تضع حدا لإعادة انتخابه الأمر الذي يعني إمكانية بقائه في منصبه مدى الحياة.
 
ووعد بتعديل قوانين تتعلق بعملية الإصلاح السياسي، منها قانون الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية.

 
وبرغم عدم الإعلان رسميا عن ترشيح الرئيس مبارك لفترة رئاسية خامسة في الانتخابات المقبلة نهاية عام 2005، فإن التصريحات والاستنتاجات الرائجة تؤكد أنه المرشح الوحيد للحزب الوطني الحاكم حتى الآن.
 

وقد تصاعدت حدة تصريحاته بعد اتساع دائرة المظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاحات السياسية الجادة والتي اشتركت فيها كل القوى السياسية المعارضة وعلى رأسها حركة كفاية والإخوان المسلمون، وقد وصف تحركات الأولى بأنها "مدفوعة الثمن"، وحذر الشعب من الثانية قائلا إنهم "إذا حكموا فسيحكمون للأبد وسوف يسببون قلقا في البلاد"، وتوعد بعدم السماح لأي مظاهرة تخرج ما لم تحصل على ترخيص مسبق من سلطات الأمن، وبأنه لن يسمح لهذه المظاهرات بالانتشار مبررا ذلك بخوفه على المستثمرين الأجانب من الهروب من مصر مما سيتسبب في مزيد من البطالة.
المصدر : الجزيرة