الفلوجة على طريق جنين

العراق وفلسطين

محمود عبد الغفار

أعادت المعارك الطاحنة التي اندلعت في الفلوجة بعد عدوان قوات الاحتلال الأميركية عليها إلى الأذهان المجازر التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد جنين قبل عامين.

فبعد ساعات من إحياء الفلسطينيين للذكرى الثانية للمجازر الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين قامت قوات الاحتلال الأميركية بمحاصرة الفلوجة لتجري معارك طاحنة على مدار ستة أيام متتالية، شهدت أوجه تشابه بين الفلوجة وأختها جنين رغم أن واشنطن لامت إسرائيل عليها من قبل مع التماس العذر لها بأن ذلك للدفاع عن النفس.

أول هذه الأوجه هو اتباع سياسة العقاب الجماعي باستهداف قصف المناطق السكنية والمدنيين العزل، ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية وخروج النساء والأطفال، وذلك في محاولة للضغط النفسي على روح المقاومة في المدينة ودفع المقاتلين إلى الاستسلام حفاظا على حياة ذويهم.

وبشأن هذه السياسة صدرت إدانات حتى من مجلس الحكم المعين من قبل واشنطن، الذي قام بعض أعضائه إما بتعليق عضويتهم وإما بالتهديد بذلك إذا استمرار هذا العدوان.

وفي خطبة الجمعة شبه مرجع الشيعة في لبنان العلامة محمد حسين فضل الله قتال العراقيين للأميركيين بقتال الفلسطينيين للجيش الإسرائيلي، لافتا إلى أن استعمال القوة سيزيد من العداء للولايات المتحدة.

وأدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان مذابح العرب، مؤكدة أنها تشكل انتهاكا لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على سلطة الاحتلال استهداف المدنيين ومنازلهم وأماكن العبادة, "بل يشكل بعضها جرائم حرب يستوجب ملاحقة مرتكبيه".

ولفتت صحيفة الجزيرة السعودية في افتتاحيتها اليوم الانتباه إلى تشابه آخر هو السلاح المستخدم، وقالت "في كلتا المجزرتين- جنين والفلوجة- السلاح واحد، طائرات أف 16 ومقاتلات أباتشي المحملة بالموت والدمار للإنسان والحضارة".

وتحت عنوان "من موفاز (وزير الدفاع الإسرائيلي) إلى بريمر (الحاكم الأميركي للعراق)" لحظت صحيفة الخليج الإماراتية أن التشابه يتمثل في أن الدم العربي واحد وأن الترسانة الأميركية هي التي تستخدم لقصف المدنيين.

ولهذا كان من الطبيعي أن يقول موفاز -الذي أشرف بنفسه على مجزرة جنين عندما كان رئيسا للأركان- في مقابلة مع يديعوت أحرونوت نشرتها الجمعة، إن إسرائيل تتمنى انتصار القوات الأميركية في العراق، لأنه يعتبر أن ذلك سينعكس بالإيجاب في الشرق الأوسط وعلى سوق النفط وعلى سلطة المجموعة الدولية.

ثمة تشابه آخر تمثل في الصمود البطولي الذي أبداه المقاتلون في المدينتين إلى حد الاعتراف الرسمي من مسؤولي البلدين المحتلين بذلك.

فقد أقر وزير الخارجية الأميركي كولن باول في مقابلة تلفزيونية أمس بأن القوات الأميركية واجهت أسبوعاً صعبا في العراق. وجاء ذلك بعد أن اعترف البنتاغون بإسقاط ثلاث مروحيات، في حين أكدت مصادر عراقية أن العدد أضعاف ذلك.

وعلى صعيد عدد الضحايا تقاربت أرقام الشهداء في المدينتين، إذ بلغت حتى اليوم نحو 500 شهيد في الفلوجة، وهو الرقم الذي تؤكد المصادر الرسمية والشعبية الفلسطينية أنه حدث في مجزرة جنين.

لكن رغم هذا التشابه فقد برز تناقض لافت في ردود الفعل الرسمية العربية والدولية، ففي حين كانت هذه الردود ملحوظة عند وقوع المذبحة الأولى، فإن أحدا لم يسمع ردا رسميا عربيا أو شعبيا عارما على ما يحصل في الفلوجة الآن.
________________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة