بوتفليقة.. هل يعود بالجزائر إلى الأحادية الحزبية؟
بانتخاب عمار سعيداني رئيسا للمجلس الشعبي الوطني في الجزائر خلفا لكريم يونس الذي استقال من منصبه في وقت سابق من هذا الشهر، يكون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد جمع خيوط المؤسسات الرسمية المنتخبة في يده.
فبعد حصوله على 85% من أصوات الناخبين في رئاسيات الثامن من أبريل/نيسان الماضي، عين بوتفليقة حكومة أعضاؤها من أحزاب التحالف الرئاسي الذي تشكل لدعم برنامجه الانتخابي. كما أن غالبية أعضاء مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) من الموالين له، ليأتي في الأخير انتخاب سعيداني رئيسا للمجلس الشعبي وهو الذي كان رئيسا للجان مساندة بوتفليقة أثناء الحملة الانتخابية.
كل ذلك يراه زعيم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الدكتور سعيد سعدي رجوعا إلى عهد نظام الحزب الواحد الذي انتهى بإقرار الدستور مبدأ التعددية السياسية عام 1989.
ويضيف سعدي في اتصال مع الجزيرة نت أن بوتفليقة الذي قضى فترة طويلة وزيرا للخارجية في ظل نظام الحزب الواحد برئاسة هواري بومدين، يرفض الديمقراطية بحجة أنها "لا تناسب العالم الثالث".
ويرى زعيم التجمع أن النظام الجزائري يحاول فرض الأحادية ويسعى للتضييق على الصحافة الخاصة ومحاكمة أصحابها احتكارا لوسائل الإعلام ومصادرة للرأي الآخر، مما يتطلب "توحيد القوى السياسية والاجتماعية لتشكيل جبهة ضد النظام الدكتاتوري".
شبح الأحادية اختفى
المخالفون لسعدي في نظرته للرئيس بوتفليقة يرون أن "شبح الأحادية اختفى، وأنه لا يمكن للمسار الديمقراطي أن يرجع إلى ما قبل دستور 1989".
ويضيف عبد المجيد مناصرة نائب رئيس حركة مجتمع السلم في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أنه "حتى لو كان هناك من يريد العودة إلى الأحادية فإن هذا غير ممكن، نظرا للتطور الحاصل في المجتمع وواقع الأحزاب السياسية إلى جانب تغيرات الساحة الدولية".
هذا ما يؤكده أيضا المحلل السياسي سعد بوعقبة الذي أضاف أن في الجزائر "تعددية مؤيدة للرئيس بوتفليقة"، لكنه رأى أن هيمنة بوتفليقة موجودة منذ العهدة الرئاسية الأولى دون أن تؤدي إلى أحادية حزبية.
ويرى بوعقبة أن انتخاب سعيداني رئيسا للمجلس الشعبي لم يأت بجديد، موضحا للجزيرة نت أن القيادات السابقة للمجلس كانت تصب في صالح الرئيس.
صحافة خاصة غير مستقلة
سعي بوتفليقة للتضييق على الصحافة الخاصة كما يقول سعيد سعدي يراه سعد بوعقبة تحريرا لهذا القطاع من احتكار التيار الفرنكوشيوعي (اليساري المفرنس).
وعليه يرفض عبد المجيد مناصرة وصف هذه الصحافة بالمستقلة، ويضيف أن الصحف الخاصة "تملك كل الحرية في قول ما تشاء" حتى لو خالفت أحيانا القانون والدين والعرف.
وبشأن الاعتقالات الأخيرة لبعض الصحفيين أوضح مناصرة أن حركته تميز بين من يعاقب على رأيه السياسي فهذا ترفضه رفضا قاطعا، وبين من يعاقب في قضايا أخرى فهذا كغيره يحاكم لتجاوزه القانون.
غير أن الهيمنة على الإعلام المرئي لا يختلف عليها اثنان، إلا أن بوعقبة لا يراها وليدة عهد بوتفليقة وإنما هي من بقايا "نظام الحزب الواحد".
وبين اتهام المعارضين ودفاع المؤيدين، تبقى "هيمنة" الرئيس بوتفليقة على مؤسسات الدولة فرصة كبيرة في عهدته الرئاسية الثانية ليقود البلاد إلى بر الأمان والتنمية الاقتصادية، خاصة في ظل تجاوز احتياطي الصرف 30 مليار دولار. لكن ضياع هذه الفرصة لا يعني شيئا آخر غير العودة إلى الأحادية.. أو ما هو أسوأ.
________
الجزيرة نت