إسرائيل تنتقم من الولجة.. هدم منازل وجرحى بالجملة

أحد المنازل التي هدمها الاحتلال في قرية الولجة بالقدس
أحد المنازل التي هدمها الاحتلال في قرية الولجة بالقدس (الجزيرة)

عاطف دغلس-الولجة

كفًا بكف يضرب الفلسطيني خالد أبو خيارة (33 عاما) يديه بعد هدم جنود الاحتلال الإسرائيلي منزله في قرية الولجة جنوب مدينة القدس صباح اليوم الاثنين، وصار الحلم الذي حققه الرجل بعد سنوات طويلة من التخطيط والبناء "فاجعة" حلت به وبشقيقه وبعائلات أخرى في القرية.

قرابة الرابعة فجرا اقتحم جنود إسرائيليون القرية مدججين بأحدث الأسلحة، وتوجهوا وبرفقتهم ثلاث جرافات ضخمة صوب منطقتي عين جويزة وخلك السمك، وشرعوا في هدم خمسة منازل وكرفان (بيت متنقل) أخطر الاحتلال أصحابها بالهدم من قبل.

وكان أهالي الولجة أطلقوا أمس الأحد نداءات لحماية المنازل المستهدفة والرباط فيها للتصدي لجنود الاحتلال وآلياته العسكرية، وهو ما أدى لوقوع مواجهات عنيفة بين الشبان والجنود أصيب خلالها ثمانية فلسطينيين بالرصاص الحي والمطاطي، واختنق العشرات بالغاز المدمع.

حكاية عام من الصراع
وهو يروي للجزيرة نت حكايته، لم يكن خالد ليخفي حالته المرة التي عاشها وهو يرى منزله وحلم عمره يهدم أمام ناظريه، دون أن يحرك ساكنا ولا حتى يقدر على إخراج بقية أثاثه وأدواته، وخلت يداه وأيادي أطفاله وزوجته إلا من بعض أكياس وضعوا فيها ملابسهم.

وفي التفاصيل، تعود الحكاية لنحو عام من الآن حين داهم الجنود القرية وسلموا خالدا ومواطنين آخرين والمجلس القروي إخطارات بالهدم، لأن منازلهم "مبنية في حدود بلدية القدس، التي وضعتها إسرائيل عام 1967 وتصنف بالمناطق الخضراء"، وبالتالي يمنع البناء بها دون ترخيص، وهو ما يرفض الاحتلال (بلدية القدس) منحه للمواطنين.

ثمانية فلسطينيين أصيبوا عند تصديهم لقوات الاحتلال التي هدمت خمسة منازل في الولجة (الجزيرة)
ثمانية فلسطينيين أصيبوا عند تصديهم لقوات الاحتلال التي هدمت خمسة منازل في الولجة (الجزيرة)

رفض الاستئناف
وفور إخطار الأهالي بهدم منازلهم شرعوا وعبر المحامي غياث ناصر في الاعتراض على ذلك، فجاء قرار المحكمة بالهدم قبل أسبوعين، ويقول أبو خيارة إنهم لم ييأسوا وشرعوا بالاستئناف على الحكم، ليأتيهم الرد يوم أمس برفض الاستئناف.

ويضيف الرجل أن ضابط التنظيم ومسؤولين إسرائيليين في بلدية القدس حضروا أمس وأخطروا الأهالي بضرورة الرحيل عن منازلهم للشروع بهدمها خلال الساعات القادمة، "وطلبوا مني أن أخبر المواطنين المخطرين أمثالي".

وبالفعل لم تطل غيبة الجنود حتى عادوا فجر اليوم وشرعوا في الهدم، حينها لم يتمكن خالد أو شقيقه مراد الذي هدم منزله هو الآخر من إخراج كل أثاثهما، "فقد قضينا الليل مترددين بين حدس بالهدم وآخر باستبعاد وقوعه".

لم يمض عام على سكن خالد وأسرته المكونة من خمسة أشخاص وشقيقه مراد (سبعة أشخاص) بمنزلهم الجديد الذي بنوه بشق الأنفس فوق أرضهما الخاصة بمنطقة الجويزة، ليأتي الاحتلال ويشرد اثني عشر شخصا، ويتركهم بلا أثاث ولا مأوى يقيهم حر الصيف.

ويقول خالد "أمهلنا الجنود بضع دقائق لنخرج من المنزل محملين باحتياجاتنا منه، فلم نتمكن من أخذ إلا ما خف وزنه وزادت أهميته من أوراق ثبوتية، وبعض الملابس والحاجات الضرورية".

كرفان دمرته قوات الاحتلال في قرية الولجة (الجزيرة)
كرفان دمرته قوات الاحتلال في قرية الولجة (الجزيرة)

هدم متواصل
وهدمت إسرائيل منذ ثمانينيات القرن الماضي أكثر من ثمانين منزلا ومنشأة بينها عشرون منزلا أو يزيد خلال السنوات القليلة الماضية بـ"حجج الاحتلال" ذاتها لفرض سيطرتها على القرية وضمها لها مستقبلا.

وتشير معطيات مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إلى أن عمليات الهدم التي استهدفت منشآت الفلسطينيين في القدس المحتلة خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2018 شملت 63 منشأة.

كما يهدف الاحتلال وفق عضو مجلس قروي الولجة فراس الأطرش لتهجير القرية "قسرا" ضمن مخططات أعدها الاحتلال سلفا واتخذ من عدم الترخيص وتقسيمه للأرض وتصنيفاته لها كمناطق خضراء ومناطق حدودية حجة لذلك، وزاد الطين بلة فطوّقها بجداره العنصري.

وأمام هذا كله يرفض خالد وشقيقه مراد والمواطنون الذين هدمت منازلهم مغادرة أراضيهم، ومنذ الصباح يتنقلون بين أنقاضها بانتظار خيام وكرفانات وعدوا بها من جهات فلسطينية مسؤولة، لإكمال حياتهم في تحدٍ للاحتلال وأدوات قهره المختلفة.

المصدر : الجزيرة