هل تتطور أحداث القدس لانتفاضة جديدة؟

قيادات الداخل الفلسطيني والقدس دعت إلى اعتصام في شارع صلاح الدين قبالة القدس القديمة
محللون لاحظوا عمقا شعبيا بين المشاركين في الاعتصامات والصلوات والأنشطة (الجزيرة)
أسيل جندي–القدس

مع استمرار رفض المقدسيين لليوم الثامن على التوالي دخول المسجد الأقصى المبارك عبر البوابات الإلكترونية التي نصبتها شرطة الاحتلال، يزداد يوميا عدد المعتصمين الذين يؤدون الصلوات على الأبواب، وتتصاعد التساؤلات حول مستقبل الحراك الشعبي في المدينة، وإمكانية تطوره لانتفاضة جديدة.

يرى مراقبون أن الفلسطينيين حسموا أمرهم بعدم الدخول للمسجد إلا كما غادروه قبل إغلاقه واقتحامه في 14 من الشهر الجاري، الأمر الذي أجبر إسرائيل على التفكير في بدائل للبوابات الإلكترونية في محاولة للخروج من المأزق الذي وقعت فيه دون تقدير دقيق لعواقب العبث بحرمة الأقصى.

وقال الصحفي والكاتب السياسي محمد ضراغمة إن من يبحث عميقا وراء الأحداث الجارية في القدس، يمكنه التنبؤ بميلاد انتفاضة شعبية مكتملة العناصر في حال تصاعدت قضية البوابات.

وتطرق ضراغمة لتوفر العناصر التالية في القدس -والتي ترتكز عليها أي انتفاضة- وهي العمق الشعبي والقيادة والاستمرارية، وأشار إلى أن العمق الشعبي واضح بين المشاركين في الاعتصامات والصلوات والأنشطة من الكبار والصغار، الرجال والنساء، وحضور الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، المثقفين والعمال، بالإضافة إلى العلماء والجُهّال، وجميعهم مدفوعون بالقلق على الوجود والهوية التي يمثلها المسجد الأقصى.

ضراغمة تحدث عن توفر عناصر أساسية ترتكز عليها أي انتفاضة وهي العمق الشعبي والقيادة والاستمرارية (الجزيرة)
ضراغمة تحدث عن توفر عناصر أساسية ترتكز عليها أي انتفاضة وهي العمق الشعبي والقيادة والاستمرارية (الجزيرة)

قيادة ميدانية
أما عنصر القيادة فأكد ضراغمة في حديثه للجزيرة نت أن المقدسيين ينظمون أنفسهم وفق الاحتجاجات والاحتياجات؛ فالشبان ينظمون الاحتجاجات، ولديهم وسائل اتصال خاصة عبر الإعلام الجديد، وهناك فئات أخرى تنظم الاحتياجات من الطعام والشراب وتنظيف أماكن الاعتصام وغيرها.

وأردف قائلا "بسبب غياب القيادة السياسية في القدس يلجأ المقدسيون للقيادة الدينية، فقبيل صلاة الجمعة الماضي اقترح ضابط في الشرطة الإسرائيلية على المعتصمين الدخول للمسجد دون المرور عبر البوابات الإلكترونية، وبعد انقسام الشبان بين مؤيد ومعارض قرروا الرجوع للمفتي الذي قال لن ندخل إلا بعد إزالة البوابات؛ فالتزم الجميع. وهكذا تراجعت القيادة السياسية إلى الخلف، لثقة الناس في المرجعيات الدينية وانعدامها بالسياسيين".

وفي ما يتعلق بعنصر الاستمرارية، رجّح ضراغمة أن إبقاء البوابات بأي شكل سيقود لاستمرارية الحراك الشعبي في القدس وتحوله إلى انتفاضة، تُجمع حولها الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل المحتل، الذي يظهر حضوره الفاعل في أحداث القدس.

بدوره، قال الخبير في شؤون القدس جمال عمرو إن الاحتلال الإسرائيلي يتخبط على المستويين السياسي والأمني، ويحاول اللجوء لإجراءات بديلة عن البوابات، لكنها في الواقع أكثر إهانة وسوءا، مؤكدا أن الأحداث تقف حاليا على مفترق طرق ومفتوحة بكل الاتجاهات، وتعتمد على حجم الحماقة التي سترتكبها حكومة الاحتلال التي تخضع للمستوطنين، حسب تعبيره.

أما الإعلامي المختص في الشأن الإسرائيلي محمد مصالحة فاستبعد اندلاع انتفاضة ثالثة رغم الحراك الشعبي المنظم في القدس، وتوقع أن تبذل إسرائيل كل ما بوسعها لإفشال الوحدة المقدسية ولحمة فلسطينيي الداخل معهم، من خلال التصعيد الميداني الهادف إلى مزيد من التضييق على المقدسيين، بالاعتقالات الاحترازية وإغلاق الأسواق وملاحقة التجار واتباع سياسية "فرق تسد" لزرع الخلافات العائلية، ورفع وتيرة الذل والإهانة لأهالي القدس بشكل عام والمعتصمين على أبواب الأقصى بشكل خاص.

فشل التقديرات
وقال للجزيرة نت إن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان ومفتش عام الشرطة روني الشيخ تباهيا يوم الجمعة الماضي، بأن الهدوء يخيم على مدينة القدس، وأن كل شيء تحت السيطرة بسبب الإعداد المسبق واستدعاء عناصر أمن كافية للمدينة، لكن اشتعال المظاهرات وارتقاء الشهداء وسقوط الجرحى بعيد الصلاة أحرجهم، ودفعهم للتفكير في بدائل للبوابات الإلكترونية
.

وتابع أن مقتل ثلاثة مستوطنين في عملية الطعن بمستوطنة حلميش قلبت المعادلة أيضا، وخلقت نقاشا عميقا واتهامات بين مركبات المجلس الوزاري الأمني والرأي العام والمنحى السياسي لدى المعارضة والائتلاف.

ويرى كثير من الإسرائيليين أن رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو وقع في المصيدة عندما ترك قرار إبقاء البوابات الإلكترونية أو إزالتها لوزير الأمن الداخلي والشرطة، وأنه لم يتعلم من أخطاء إسرائيلية سابقة كفتح النفق أسفل الأقصى عام 1996، وزيارة آرييل شارون الاستفزازية للأقصى عام 2000، ولا من غيرها من الأخطاء التي أدت إلى اشتعال الانتفاضات وعمليات الدعس والطعن وإطلاق النار ضد الإسرائيليين، ثم تم التراجع عن تلك الأخطاء تحت ضغط الجمهور الإسرائيلي والضغط العالمي.

المصدر : الجزيرة