"نكهة القدس" أطباق فلسطينية تنعش ذائقة المدينة

أسيل جندي-القدس

مثل خلية نحل تعمل المقدسيات الثلاث حنين القواسمي وانتصار سعدة وصباح ادكيدك في مشروعهن "نكهة القدس" للطبخ المنزلي الذي وُلد بعد مخاض عسير قبل عام ونصف العام في المدينة المقدسة.

جمعهن الشغف بالطهي بعد لقاء عن طريق الصدفة بأحد الملتقيات النسوية المقدسية عام 2012، وتبلورت خلاله فكرة إنشاء مشروع نسائي يختص بالطبخ المنزلي، اجتمع عليها بالبداية ثلاثون سيدة.

كانت الفكرة تتعلق بإعداد أصناف متنوعة من المطبخ الفلسطيني لبيعها بشكل جماعي بمناسبات معينة في القدس كالمهرجانات والفعاليات، لكن طموح المشاركات لم يتوقف عند ذلك، واستمرت 16 منهن في البحث عن مكان بالمدينة يحتضن إبداعهن.

حنين القواسمي.. ما تعلمته من شريكتيها لم تتعلمه بدراستها
حنين القواسمي.. ما تعلمته من شريكتيها لم تتعلمه بدراستها

مثابرة
وعن تلك المرحلة، قالت حنين إنها أخذت على عاتقها مسؤولية الزيارات الميدانية لكافة فنادق القدس ومطاعمها، لحثها على إعطاء فرصة لسيدات القدس للتدرب بالمطابخ واكتساب مهارات وفنون تقديم الأطباق للزبائن.

وبعد مرور عام كامل، وافق أحد الفنادق على احتضان السيدات لتلقي التدريب هناك ستة شهور، وفور انتهائها أكملت ثمان منهن الرحلة، وقمن بافتتاح مشروع "نكهة القدس" في شارع الأصفهاني، لكن العدد تقلص بشكل تدريجي ليصل لثلاث.

بعد حصولها على شهادة الدبلوم في تخصص تربية الطفل، دفع الشغف بالمطبخ حنين (24 عاما) للالتحاق بكلية نوتردام بالقدس للحصول على شهادة دبلوم أخرى بالطهي، واستمرت بتطوير نفسها في هذا المجال حتى حازت على لقب "ناقدة طعام" ما أسهم بشكل مباشر في نجاح المشروع الذي تشترك به مع سيدتين.

ورغم عشرات الدورات التي أُضيفت لسيرتها الذاتية، فإن حنين تعتبر أن ما تعلمته من شريكتيها بالمشروع لم تتعلمه على مقاعد الدراسة، وأضافت "أنا الأصغر سنا والأقل خبرة في الحياة تعلمت من شريكتيْ الصبر، فكل منهما أم وصاحبة خبرة طويلة في الحياة".

انتصار سعدة تعرض رغيفا من خبز الطابون
انتصار سعدة تعرض رغيفا من خبز الطابون

أطباق أصيلة
منذ زواجها، كانت انتصار سعدة تطرب لعبارات الإطراء التي تسمعها عن مدى اتقانها للطهي، ما دفعها لتشارك بحماس في تبني الفكرة والمساهمة بنجاح مشروعها.

تعيش انتصار بالقدس منذ عقود، لكن جذور عائلة زوجها تعود لبلدة حلحول بمحافظة الخليل، وتعتقد أن ذلك أثّر على طبيعة الطعام الذي تميل لإعداده، وتميزت بالأطباق التقليدية مثل "خبز الطابون، المنسف الفلسطيني" وقالت "نحرص في نكهة القدس على استخدام السمنة واللبن البلدي لإضفاء الطعم الأصيل على طعامنا".

وهي تطمح الآن لتوسيع المشروع بهدف إتاحة فرص عمل لنساء القدس ممن لا يملكن مؤهلات علمية حتى لا يضطررن لدخول سوق العمل الإسرائيلي والخدمة به عاملات نظافة، و"نريد رفع شأن المرأة المقدسية بتحويلها لامرأة منتجة لأنها تستحق هذه المكانة".

صباح ادكيدك صممت على المضي في العمل
صباح ادكيدك صممت على المضي في العمل

توسع تدريجي
أما بالنسبة لصباح ادكيدك فهي ربة بيت اعتادت منذ زواجها على تكريس وقتها لأبنائها ثم أحفادها. وفي حديثها لـ الجزيرة نت قالت إنها تستمد قوتها من شريكتيها بالعمل، وترى أن المشروع يتوسع تدريجيا، إذ توافد التجار وأصحاب المهن وغيرهم من الموظفين والأطباء والمحامين "لشراء طعام الغداء بعدما ملّوا من الوجبات السريعة، كما تتوافد علينا السيدات العاملات ممن لا يجدن وقتا للطهي".

وقبل غروب الشمس عن المدينة المقدسة بنحو ساعة تعود الثلاث لمنازلهن، وهن يفكرن بالأطباق التي سيقدمنها للزبائن اليوم التالي، وكلهن عزم على المضي قدما في قصة نجاح مشروع بدأ فكرة قبل أعوام في لقاء عابر.

المصدر : الجزيرة