خريجو جامعة القدس.. شهادات تنتظر الاعتراف

2-القدس-أبو ديس-آذار 2017 حرم جامعة القدس
الاحتلال يعاقب جامعة القدس بعدم الاعتراف بشهادات خريجيها لأسباب سياسية (الجزيرة)
أسيل جندي-القدس

منذ عام 2003 تسعى خريجة جامعة القدس المقدسية لينا القواسمي للحصول على وظيفة في تخصص الخدمة الاجتماعية، لكنها تنضم سنويا لصفوف العاطلين عن العمل، وذنبها الوحيد أنها التحقت بجامعة يرفض الاحتلال الاعتراف بها لأسباب سياسية.

عندما اجتازت لينا الثانوية العامة بنجاح شجعها والدها على الالتحاق بجامعة القدس ببلدة أبو ديس (شرقي المدينة)، ولم تكن تعلم حينها بعراقيل الحصول على وظيفة بسبب رفض الاحتلال وجود جامعة تحمل هذا الاسم بمحافظة القدس.

وعن معاناتها المستمرة في البحث عن وظيفة منذ 14 عاما، قالت إنها تخرجت من الجامعة بنشاط واندفاعية نحو سوق العمل لتصطدم بالواقع تدريجيا، مضيفة "لم ألجأ للعمل بالمؤسسات الإسرائيلية في البداية؛ فهدفي كان خدمة مؤسساتنا الوطنية بالدرجة الأولى، لكنها هي الأخرى رفضتني كوني خريجة هذه الجامعة".

طرقت خريجة جامعة القدس كل الأبواب، وكانت في مقابلاتها للجهات التي تقدمت للعمل فيها تُقنع أرباب العمل أن قيمة الراتب الشهري لا تهمها بقدر سعيها لاكتساب الخبرة العملية، لكن كل جدران الخزانات التي طرقتها كانت أصلب من الاستجابة لها، مما دفعها للالتحاق بدورات تدريبية لتطوير مهاراتها بالإضافة إلى الالتحاق عام 2014 ببرنامج الماجستير في تخصص الإرشاد النفسي والتربوي بالجامعة ذاتها.

لينا القواسمي خرجت من الجامعة بنشاط واندفاعية نحو سوق العمل لتصطدم بالواقع (الجزيرة)
لينا القواسمي خرجت من الجامعة بنشاط واندفاعية نحو سوق العمل لتصطدم بالواقع (الجزيرة)

العودة للدراسة
وغير بعيد عن هذه التجربة القاسية، لم تُفلح المقدسية لينا سيّد في انتزاع حقها بالحصول على وظيفة بعد تخرجها من جامعة القدس بتخصص تربية ابتدائية ورياض أطفال عام 2011، إذ كان رد المدارس واضحا عند تقديمها طلب التوظيف بضرورة التوجه لوزارة المعارف الإسرائيلية وتقديم الشهادة الجامعية، وهناك يأتي الرد واضحا بضرورة الالتحاق باستكمال للشهادة غير المعترف بها، وهذا يعني العودة لمقاعد الدراسة من جديد.

لم تجد لينا خيارا آخر؛ فالتحقت قبل عامين بكلية سخنين الإسرائيلية بالقدس للدراسة في تخصص الطفولة، لضمان عدم طردها من عملها بوظيفة مدرسة بعد حصولها على هذه الفرصة بصعوبة وبشرط معادلة شهادتها الجامعية.

تنسحب مشكلة كل من القواسمي وسيّد على أربعة آلاف طالب وطالبة يحملون الهوية الزرقاء، ويتلقون تعليمهم بجامعة القدس بفروعها، ويشكل هؤلاء ثلث نسبة الطلبة بالجامعة الذين يصل عددهم إلى 12 ألف طالب.

بدأت مشكلة الاعتراف بالشهادات الجامعية تطفو على السطح بمجرد تعيين أول رئيس لجامعة القدس عام 1991، إذ كان الطلبة قبل ذلك يدرسون في كليات مستقلة، ثم وحدت جهودها تحت مظلة الجامعة لاحقا، الأمر الذي لم يرق لسلطات الاحتلال التي ترفض وجود جامعة تحمل اسم القدس بالمحافظة.

وحسب رئيس جامعة القدس الدكتور عماد أبو كشك، فإنه يوجد بالجامعة 15 كلية و29 مركزا ومعهدا، تُقدم خمسين برنامجا لدرجة البكالوريوس وخمسين برنامجا للدراسات العليا؛ أثبتت تميزها ليس على المستوى الفلسطيني فحسب، بل على المستويين الإقليمي والعالمي أيضا.

أبو كشك: جامعة القدس واجهت أزمة كبيرة مع كل التخصصات المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية (الجزيرة)
أبو كشك: جامعة القدس واجهت أزمة كبيرة مع كل التخصصات المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية (الجزيرة)

ملاحقة سياسية
وقال للجزيرة نت إنهم في الجامعة لم يواجهوا مشكلة منذ البداية مع خريجي كلية الحقوق، وذلك لأن نقابة المحامين الإسرائيليين هي الجهة المسؤولة عن امتحان مزاولة المهنة وليست الحكومة الإسرائيلية، مما أتاح للخريجين التقدم للامتحان والحصول على رخصة للعمل بالمدينة
.

ووفقا لرئيسها، فإن الجامعة واجهت أزمة كبيرة مع كل التخصصات المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، مما دفع الجامعة للتوجه إلى المحاكم منذ عام 2009، وبوصول القضية للمحكمة العليا الإسرائيلية ظهرت قوة حجة الجامعة التي أصرت على أن عدم الاعتراف بها في القدس يندرج في إطار سياسي بحت بعيد عن التقييم الأكاديمي المهني.

وأضاف "اضطر القضاة بالمحكمة العليا عام 2014 للسماح لطلبة كلية الطب من المقدسيين بالتقدم لامتحان المزاولة في إسرائيل، وفي حال أثبتوا كفاءتهم يتم النظر بقضيتهم، وكانت المفاجأة هي نجاحهم في الامتحان بنسبة 95%، في حين كانت نسبة النجاح في امتحان مزاولة المهنة منذ عشر سنوات بإسرائيل لا تتجاوز 33%، وهكذا تبين قطعيا أن هذا البرنامج متميز وذو جودة عالية".

وبعد انتزاع جامعة القدس حق طلبتها المقدسيين بالاعتراف بشهاداتهم في كل من كليتي الحقوق وكليات المجمع الصحي، يجري العمل حاليا على انتزاع الاعتراف بخريجي كليات العلوم والهندسة والآداب والتجارة ذات العلاقة المباشرة بالوزارات الإسرائيلية التي ترفض حتى الآن توظيف خريجي الجامعة المقدسيين.

المصدر : الجزيرة