يوميات أبو أحمد".. عند القدس تحكي الدراما

عاطف دغلس-نابلس

تختلف حكاية المسلسل الدرامي الفلسطيني "أبو أحمد" وأيامه هذا العام عن أعوام مضت؛ فالإبداع هذه السنة تحدده مزايا يُجسدها المكان أكثر من غيره.

فالفنان الفلسطيني سليم الدبيك وزملاؤه من الفنانين، وجميعهم من مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية) يسقطون جُلَّ إبداعهم لإنتاج عملهم الجديد على المكان، وكان في اختيارهم قرى مدينة القدس وضواحيها وقع جميل على عملهم الفني، الذي يؤكدون أنه الدراما الأولى الذي تُنفذ أكثر من ثلث حلقاتها الثلاثين في تلك المناطق.

يحاول الدبيك أن يكسر بكوفيته وزيه الفلسطيني التراثي (القمباز) الروتين والحداثة التي يفرضهما المحتل على الأهالي لينسيهم امتدادهم الفلسطيني بمدينتهم، وتأكيد التواصل بين الضفة والقدس.

بل ويسعى الفنان -وهو بطل العمل الذي يعرض خلال شهر رمضان بمختلف القنوات الفضائية الفلسطينية والعربية- أيضا لنقل رسائل المعاناة بشيء من الفكاهة، حيث إن العمل كوميدي، إلى حقيقته المرة على أرض الواقع في حياة القدس والمقدسيين.

عمق المكان
ويقول الفنان الدبيك للجزيرة نت "أضفنا على المكان شعورا مختلفا، وأعدنا للحجارة والحارات القديمة في تلك القرى المقدسية رونقها، ورددنا عن وجهها شحوبا". ويضيف أن الإبداع تجلى أكثر في طريقة التمثيل ومواضيع الحلقات التي عالجت جوانب عدة تعيشها القدس بحلوها ومرها.

نضال طه  وزميله سليم الدبيك بطلا مسلسل
نضال طه وزميله سليم الدبيك بطلا مسلسل "أبو أحمد" في دراما مختلفة على أطراف القدس (الجزيرة نت)

ليست بالطبع -والكلام للفنان الدبيك- هناك قدرة كبيرة للتصوير بكافة قرى المدينة المقدسة، لكن مجرد الوصول لمحاذاة المدينة سيسهل عملية عرض المسلسل وترويجه، "فكيف إذا كان المحتوى يفيض بالجمال أكثر؟"

الإحساس ذاته بعمق المكان وتاريخه عاشه الفنان نضال طه، وهو يؤدي دوره بين حواري البلدات الفلسطينية القديمة. ويقول إن وصولهم لتخوم القدس كسر "الإقامة الجبرية" التي يفرضها عليهم الاحتلال ليس بمنعهم من دخول المدينة المقدسة وحسب، بل تقييد حركتهم كباقي الفلسطينيين بالضفة الغربية أيضا.

ويلعب الفنان طه، الذي يحمل اسم "أبو فهيم"، دورا مميزا في قولبة العمل وتحويل بعض القضايا لشكلها الدرامي وطريقة عرضها الجذَّابة والمقبولة لدى الجمهور رغم "الواقع الصعب والمرير"، كما يقول.

لذا كان على طه أن يتغلب على كل "قهر" يعيشه شخصيا والفلسطينيون عامة جرَّاء الحرمان من دخول مدينة القدس، بالوصول لأقرب مكان يطل عليها، آملا أن يتمكن يوما من الدخول إليها وإنتاج أعمال خاصة أو مشاركة فنانين مقدسيين في ذلك.

تدور أحداث المسلسل "يوميات أبو أحمد" الكوميدي حول قضايا مختلفة يعيشها المجتمع الفلسطيني بكل أطيافه وألوانه، لا سيما أهالي مدينة القدس وضواحي المدينة وبلداتها التي عزل الاحتلال بعضها مع بدء تشييده الجدار العنصري عام 2002 وقبل ذلك عبر الحواجز. 

رضا: اختيار المناطق تم بدقة كي تظهر حكاية القدس مكتملة (الجزيرة نت)
رضا: اختيار المناطق تم بدقة كي تظهر حكاية القدس مكتملة (الجزيرة نت)

جدران إسمنتية
تقول الفنانة ربا صلاح المشاركة في حلقات العمل الفني إن إنتاج بعض الحلقات عند تخوم القدس حظي بإعجاب المقدسيين أنفسهم، خاصة المغتربين والأسرى، مضيفة أنهم جسدوا شيئا من حياة المقدسيين هناك مع الاحتلال والاستيطان الذي ينهشهم شيئا فشيئا، "لا بل أكثر من ذلك حين تقاسمنا وإياهم بعض هذه المعاناة". 

وهنا يزعم مخرج العمل الدرامي ومصوره علاء رضا أنها التجربة الأولى للدراما الفلسطينية في تخوم القدس، لذا كان عليه أن يختار أماكن التصوير بدقة، ولم يكن سهلا تغيير المكان مرة واثنتين.

ويقضي رضا جُلَّ وقته في توجيه الفنانين زملائه لاختيار الصورة المناسبة ودورهم في العمل الذي يُريده بحجم القدس، ويقول "مجرد أن تقترب من أسوار المدينة وتطل عليها تهون عليك جدران إسمنتية تقفز فوق عشرة أمتار يريدها الاحتلال سيفا مسلطا يقتل المقدسيين".

المصدر : الجزيرة