خطاب مفتوح إلى شيخ الأقصى

خطابٌ مفتوح إلى شيخ الأقصى

سلامٌ عليك يا شيخ الأقصى وبعد،

فإننا قد تنفسنا الصعداء -كما في كل مرة- والعدو المحتل يقرر إخراجك من سجن نفحة في آخر محطة اعتقال وسجن لك أيها الشيخ الجليل، ولكننا حبسنا الأنفاس غضبا من تصرف المحتل الأرعن حين قرر أن يرميك في وسط الشارع في الجنوب الفلسطيني دون وازع أو رادع، وبكل حقد واستهانة بالأقصى وشيخه المقاوم الصامد في وجه الهجمة الصهيونية الشرسة على القدس والمسجد الأقصى المبارك.

وظلت قلوبنا معك حتى تنفسنا الصعداء مرة أخرى حين رأيناك تصل إلى يافا بعد رحلة مشقة وعذاب، لتدخل إلى مسجد حسن بيك لتصلي ركعتين شكرا وحمدا لله الذي حماك وأوصلك إلى جميلة الجميلات يافا دون أن تتعرض للأذى أو لاعتداء غادر على الطريق.

لا شك أنك ستواصل سيرك بثقة واقتدار إلى مسقط رأسك أم الفحم، ولا شك أن أهالي مدينتك الصابرة الصامدة سيستقبلونك استقبال الشيخ الباسل المنتصر الثابت على عهده ووعده للقدس وللأقصى المبارك بعقيدة لا تقهر وإرادة صلبة لا تكسر.

كم هو عجيب يا شيخنا أمر هذا المحتل المتغطرس إذ لم يصل معك إلى نتيجة، وهي أنك إنسان مؤمن صابر صادق وقوي في الدفاع عن الحق في وجه الباطل وأعوانه

سيلاقونك بالهتافات وسيملؤون الأجواء بالأناشيد والزغاريد، وكيف لا وأنت من كنت رئيسا لبلديتهم لثلاث مرات قبل أن تستقيل لتتفرغ لقيادة الحركة الإسلامية في الداخل المحتل.

كم هو عجيب يا شيخنا أمر هذا المحتل المتغطرس إذ لم يصل معك إلى نتيجة، وهي أنك إنسان مؤمن صابر صادق وقوي في الدفاع عن الحق في وجه الباطل وأعوانه.

فمنذ أن تفرغت عام 2000 لنصرة القدس والأقصى المبارك وأنت داخلٌ إلى السجن أو خارجٌ منه، وممنوعٌ من دخول القدس أكثر من مرة دون أن يدرك السجان الصهيوني أنك ومن معك أقوى من سجنه وقضبانه وقيوده وحواجزه وقرارات منعه واعتقالاته المستمرة لشيوخ وشباب ونساء فلسطين.

متى يفهم يا شيخ الأقصى هذا المحتل المتمادي في التهويد والاستيطان، أن الحق لا يزول ما دام وراءه مطالب لا يهاب الموت، وأن الباطل إلى زوال مهما تجبر أهله وطال؟

لله درك يا شيخ الأقصى وأنت تقول قبل توجهك للسجن "إن السجن مهما طال أو قصر لن يلغي من قلوبنا حب الأقصى وحب القدس، وليعلم العدو الإسرائيلي بأن كل مؤامراته ستنقلب عليه وأنه إلى زوال، ليفعل الاحتلال ما يشاء، ليضرب منا مرابطين ومرابطات، فإننا نقول له: لا نخافك.. لا نهاب إرهابك وأنت تمارس العنف والإرهاب، نحن على حق وأنت على باطل أيها المحتل".

لله درك وأنت تقول لسجانك " لقد دخلنا السجن مرات ومرات، وخرجنا كما نحن أقوياء.. مرحبا بالسجون.. فالسجن أحبُّ إلينا مما تدعوننا إليه، فإن خيرتمونا بين السجن وبين التنازل عن القدس فإننا نقول: يا مرحبا بالسجن، فبالروح وبالدم نفدي الأقصى المبارك".

نحن على يقين أيها الشيخ المؤمن المقاوم بأنك رغم السجن والمنع من السفر ستجدد البيعة للقدس الغالية وللمسجد الأقصى العزيز على الأرواح والقلوب، كما كنت تجددها في كل مرة يطلق فيها العدو سراحك مهددا ومتوعدا.

هكذا يكون أبطال فلسطين الشرفاء وهم يسيرون بخطاهم الثابتة على درب الشهداء، يحملون نواياهم وهم أمناء على وصاياهم

لقد أصبحت يا شيخ الأقصى الشجاع رمزا حيا عالي الهمة لمقاومة الاحتلال وعلامة بارزة تعلو على كل قيد وحصار، تضرب أروع الأمثلة في الصمود، وتعطي بمواقفك المشرفة الثابتة على العهد دما جديدا لانتفاضة القدس، وتدعو كل مؤمن بالله إلى نصرة الأقصى المبارك والدفاع عن أرض الإسراء والمعراج  وعن درب آلام المسيح عليه السلام، لا سيما وأنت تقول بملء القلب والفم "نحن أولى بأرض الأنبياء.. بمعراج محمد ومولد عيسى عليهما الصلاة والسلام".

في الحقيقة يا شيخ الأقصى المجاهد لا يملك المتصفح لشيء من سيرتك النضالية الخضراء إلا أن يوجه لك تحية إكبار واعتزاز، وهو يشعر بالفخر بكل ما قدمت للأرض والشعب والقضية، وأنت تكابد وتجاهد من أجل حماية القدس والأقصى.. من أجل التحرر والاستقلال والحرية دون أن تتردد أو تتوانى أو تتراجع.

هكذا يكون أبطال فلسطين الشرفاء وهم يسيرون بخطاهم الثابتة على درب الشهداء، يحملون نواياهم وهم أمناء على وصاياهم.

وختاما يا شيخنا.. يا شيخ الأقصى، نقول لك مقتدين بكلامك: عبثا يحاول الاحتلال بكل جبروته وغطرسته إبعادك عن الأقصى أو إبعاد الأقصى عنك، وإن لم تكن حاضرا في يوم من الأيام لتتصدى لأي اقتحام، فإن طيفك سيرعبهم، وإن جيلا ربيته على حب الأقصى والقدس سيتصدى لهم، وسيعرف كيف يردهم، فتلاميذك ومحبوك ومريدوك مرابطون وصامدون ومنتفضون، فكن مطمئنا والأيام بيننا وبينهم طال الزمن أم قصر، وستحتفل معنا وسنحتفل معك بنصر قادم بإذن الله ومشيئته، والله يصدق للمؤمنين المرابطين الصابرين وعده، ولا بد أنه ناصر في ساحات الأقصى الطاهرة عباده وجنده.

المصدر : الجزيرة