محللون يستشرفون السيناريوهات المستقبلية للقدس

القدس- حائط البراق.. الجدار الغربي للأقصى
محللون يرون أن السيناريوهات المتوقعة لا تبشر بتسوية سياسية نظرا للاستقطاب الحاد حول القدس (الجزيرة نت)

محمود الفطافطة-رام الله

انشغل الاحتلال الإسرائيلي في العقود الخمسة الماضية برسم صورة مستقبلية للقدس الكبرى، وبين حين وآخر تخرج شخصية أو جماعة هنا أو دولة ومؤسسة من هناك بسيناريو وأكثر لما سيكون عليه مستقبل المدينة.

في هذا التقرير تتحدث الجزيرة نت إلى عدد من الأكاديميين والمحللين وتطرح جملة من الأسئلة عن مستقبل القدس، أهمها: ما هي أبرز السيناريوهات المطروحة بشأن مستقبل القدس السياسي؟ وما مدى حظوظها من التطبيق؟ وما الأسباب الرئيسة التي قد تعيق تجسيد هكذا سيناريوهات؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين أيمن يوسف إنه في ظل الواقع العربي والإقليمي الراهن يمكن الحديث عن سيناريو وحيد لمستقبل القدس سياسيا، يتمثل في إبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية على أن تتحول إلى مدينة مفتوحة دينيا وحضاريا، مع إمكانية تواجد فلسطيني شكلي -وربما أردني- من أجل ضمان الاستقرار وعدم التناحر الديني بين اليهود والمسلمين.

يوسف يرجح تشجيع السياحة الدينية في القدس من البلدان العربية والإسلامية (الجزيرة نت)
يوسف يرجح تشجيع السياحة الدينية في القدس من البلدان العربية والإسلامية (الجزيرة نت)

السياحة الدينية
وأضاف أن دعاة هذا السيناريو سيسعون إلى تشجيع السياحة الدينية في القدس من مختلف البلدان العربية والإسلامية لتوسيع وشرعنة تغلغل إسرائيل في المنطقة العربية والإسلامية، منوها بأن العلاقات التي تجريها إسرائيل مع دول خليجية ومغاربية بصورة سرية تصب في محاولة تطبيق هذا السيناريو.

وأشار الأكاديمي الفلسطيني في حديثه للجزيرة نت إلى أنه من أجل تجسيد هكذا سيناريو سيكون هناك ضغط أوروبي وأميركي على الفلسطينيين والعرب، وأقل على الإسرائيليين. ورغم اعتقاده أن هذا السيناريو هو الممكن تحقيقه ضمن الظروف الإقليمية التي تعيشها المنطقة الآن فإنه يستبعد تنفيذه نظرا لتعطل مسار التسوية السياسية وغياب أي أفق قريب لعودتها.

في المقابل، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس علي أبو سمرة إلى أن الحل الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 بتدويل القدس ما زال يثار بين وقت وآخر، موضحا أن هذا السيناريو طالب بجعل مدينة القدس كيانا خاضعا لنظام دولي خاص تتولى الأمم المتحدة إدارته، وأن ترتبط منطقة القدس بوحدة اقتصادية مع الدولة العربية (فلسطين) واليهودية (إسرائيل).

ويرى أن هذا السيناريو غير قابل للتحقق نظرا لسياسة التهويد والتدمير التي تنتهجها إسرائيل في القدس.

أما المحلل السياسي جهاد حرب فيرى أن غياب السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية يحول دون سيناريو مستقبلي للمدينة يصب في صالح الفلسطينيين.

وأضاف حرب أنه رغم تعدد السيناريوهات فإنه لم يأخذ أي منها طريقه للنقاش أو التبلور أو الإجماع الجاد بسبب حالة الصراع على المدينة وغياب أفق سياسي من جهة، وعدم وجود إرادة فاعلة ومتابعة مخلصة ممن يفترض أنهم يرعون التسوية السياسية التي هي غائبة أصلا من جهة أخرى.

حرب: غياب السيادة الفلسطينية يحول دون سيناريو مستقبلي للقدس يصب في صالح الفلسطينيين (الجزيرة نت)
حرب: غياب السيادة الفلسطينية يحول دون سيناريو مستقبلي للقدس يصب في صالح الفلسطينيين (الجزيرة نت)

الرواية فوق الحل
بدوره، أوضح الخبير في إدارة الصراع والنزاعات مجدي عيسى أن القدس حجرة عثرة في أي مفاوضات لما لها من أهمية جيوإستراتيجية ودينية لطرفي الصراع، وبالتالي صعوبة الحديث عن حل سياسي يرضي الطرفين، منوها بأن مستقبل القدس سيكون -في الأغلب- مرتبطا بفرض رؤية الطرف الأقوى، وهو إسرائيل حاليا.

وتابع أن الاحتلال لن يقبل التخلي عن القدس الشرقية لصالح الفلسطينيين، ولا يمكن لهم أن يقيموا دولة لهم من دون القدس كعاصمة، مستبعدا في الوقت ذاته مبدأ تقسيم القدس لأنه بالنسبة للإسرائيليين يعني تفريغ الرواية التوراتية المزعومة بشان أحقية اليهود بالمدينة.

من جهته، خلص الباحث في الدراسات الإسلامية سري سمور إلى أن مدينة القدس تعيش واقعا غاية في التعقيد والتشابك، وهذا ما يجعل المستقبل أكثر تعقيدا، معتبرا أن السيناريوهات المتوقعة لا تبشر بتسوية سياسية، نظرا للاستقطاب الحاد حول المدينة، وجنوح المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف من جهة، ولعدم قبول أي قائد فلسطيني بتوقيع اتفاق يشطب الحق العربي والإسلامي في القدس من جهة أخرى.

المصدر : الجزيرة