والدة المقدسي علاء أبو جمل وذكريات شهيد

والدة علاء أبو جمل+علاء أبو جمل)
صورة الشهيد علاء أبو جمل لا تفارق مخيلة والدته أم سفيان (الجزيرة نت)
فاطمة أبو سبيتان-القدس

حينما رأى علاء أبو جمل (33 عاما) أمّه تبكي استشهاد الشابين عدي وغسان أبو جمل مسح دموعها، وقال لها "لماذا تبكين؟ هنيئاً لهما الشهادة". ليُسجّل اسمه بعد أشهر في قائمة الشهداء، بعد أن تمكن من قتل حاخام وأصاب آخرين في عملية دعس وطعن غربي القدس.

صباح يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان آخر يوم تكحلت فيه عيون الوالدة (أم سفيان) برؤية قرتها علاء، ومن يومها وهي على أمل اللقاء به، وتود لو أنها تصحو وتراه أمامها.

تتذكر الوالدة كيف كانت تنقر بأصابعها نافذة الزجاج التي تفصل بين بيتها وسكن ولدها علاء أصغر أولادها الذكور والأقرب إلى روحها وقلبها، إذا احتاجت منه شيئا ولو كان بسيطا، وتفتقد خروجه إليها متهللا جاهزا لتلبية طلبها.

كان وقع الصدمة على الوالدة كبيرا، حيث لم يكن في تصورها أن ينفذ ولدها عملية ضد الاحتلال، لكنها حظيت بالاتصال الأخير ولم تنس حتى الآن تفاصيله وانتهى بقولها "الله يرضى عليك يمّا"، فقد عُرف عنه خصاله الحميدة، وعلاقته الطيّبة بعائلته وزوجته وأولاده، لكنّه تأثّر كثيراً بممارسات الاحتلال في القدس، خاصة ضد المسجد الأقصى.

تقول شقيقته عبير أبو جمل إنها رأت في المنام ليلة استشهاده أن الجيش الإسرائيلي اقتحم الحي الذي تسكنه، وسيطرت عليها "فكرة الموت" خاصة مع سياسة الإعدام المتّبعة، فشعرت بأنها ستموت أو أحد آخر.

وتضيف في يوم استشهاده كنت في عملي بالمدرسة، رغم وجود إضراب في كافة المدارس حداداً على أرواح الشهداء، بدأت الأنباء تتوارد بشأن عملية فدائية في جبل المكبّر، "وبدأت تجري اتصالات لمعرفة التفاصيل، حتى وصلت الأنباء عن استشهاد بهاء عليان وبلال أبو غانم، حيث نفذا عملية داخل حافلة في مستوطنة "أرمون هنتسيف" الواقعة على أراضي جبل المكبر.

والدة الشهيد علاء أبو جمل تستذكر كيف كانت تطلبه من نافذة سكنه (الجزيرة نت)
والدة الشهيد علاء أبو جمل تستذكر كيف كانت تطلبه من نافذة سكنه (الجزيرة نت)

بعد ذلك -تتابع عبير- "قمتُ بفتح صفحتي على فيسبوك، وهنا ذُهلت حينما رأيت صورة علاء ملقى على الأرض ارتعش جسدي، بدأت أتمتم هذا علاء، لا مش علاء، وأنا مدركة تماماً أنه هو".

وأضافت أنها اتّصلت عليه مرات عديدة، لكن بطبيعة الحال لم يرد، ثم قررت الاتصال بعائلتها، ورد والدها، وسألها إن كانت متأكدة أنها صورة علاء ثم أغلق الهاتف، ورغم تأكدها عاودت الاتصال بشقيقها فكان الهاتف مغلقا تماماً.

عادت عبير إلى المنزل، وفي طريقها حاولت سؤال الشباب المتجمهرين عن العملية، علّها تكذّب ما رأته عينها، تريد أن تسمع أنّ علاء ما يزال حيًّا، لكنها لم تحصل على شيء، وعندما وصلت المنزل دخلت على والدتها، وسمعتها تقول "والله مش علاء.. قبل شوي حكى معي".

اليوم تقف "أم سفيان" عند تلك النافذة، ترجع بها الذكريات إلى أوقات سمرها مع ولدها الشهيد، وتقول إنها لا تزال حاضرة لن تمحوها الأيام من الذاكرة.

المصدر : الجزيرة