"خرق الولاء" ذريعة إسرائيل لتهجير المقدسيين

هدم منزل المقدسي توفيق الغزاوي في بلدة الطور بالقدس المحتلة
الاحتلال استخدم مفهوم "خرق الولاء" لدولة إسرائيل ذريعة لهدم منازل المقدسيين وترحيلهم (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس

 

تستغل إسرائيل الأزمات العابرة لتثبيت إجراءات دائمة تنتهك من خلالها ما تبقى من حقوق أساسية للفلسطينيين، وخلال الهبّة الشعبية الأخيرة التي اندلعت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استخدم الاحتلال مفهوم "خرق الولاء" لدولة إسرائيل ذريعة لتهجير المقدسيين ومسوغا لهدم منازلهم.

وفي سابقة خطيرة، أقدمت وزارة الداخلية في يناير/كانون الثاني الماضي على سحب الإقامة من أربعة شبان مقدسيين في بلدة صور باهر بحجة عدم الولاء لدولة إسرائيل، وذلك بعد إدانتهم بإلقاء الحجارة على سيارة مستوطن قرب البلدة مما تسبب في مقتله، ويقبع الشبان حاليا في سجون الاحتلال بينما قامت سلطات الاحتلال بإغلاق منزل أحدهم قبل أيام.

وينص القانون الإنساني الدولي على عدم توقع الولاء من السكان القابعين تحت الاحتلال للدولة المحتلة، وبالتالي فإن تبرير إلغاء الإقامة بسبب "خرق الولاء" إجراء مخالف لـ القانون الدولي.

وتنظر المؤسسات الحقوقية بعين الخطورة للخطوة الأخيرة، إذ لم يعد كافيا أن يعيش المقدسي في المدينة للمحافظة على إقامته، بل بات مطلوبا منه الآن الالتزام بمعيار "الولاء" الجديد وغير المحدد.

جانب من مؤتمر
جانب من مؤتمر "سحب الإقامات العقابي أحدث الأدوات للتهجير القسري بالقدس" (الجزيرة)

سياسة إسرائيلية
ووفقا لمدير مركز العمل المجتمعي في القدس القديمة منير نسيبة، فقد تم مؤخرا سحب إقامة 12 مقدسيا استنادا إلى الحجة غير القانونية بخرق الولاء لدولة إسرائيل، معتبرا أن هذا الإجراء يعد جزءا من سياسة إسرائيل المستمرة في التهجير القسري، بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية تهدف للحفاظ على الأغلبية اليهودية في القدس.

وأوضح نسيبة -خلال مؤتمر عقد مؤخرا تحت عنوان "سحب الإقامات العقابي: أحدث الأدوات للتهجير القسري في القدس"- أن الخطوة الأخيرة تعد نقطة تحول يُرجّح أن تسفر عن ترحيل آلاف السكان، وهي نقطة التحول القانونية الثالثة من نوعها في سياق الجهود الإسرائيلية لتقليل عدد الفلسطينيين بالقدس، ونتيجة لهذه القوانين سُحبت حتى الآن أكثر من 14 ألف إقامة بالمدينة منذ احتلالها عام 1967 وكان معظمها بعد عملية السلام التي انطلقت مطلع التسعينيات.

ويرى قانونيون -شاركوا في المؤتمر الذي دعت له ست مؤسسات فلسطينية- أن هناك ضرورة ملحّة للتصدي لإلغاء الإقامة كإجراء عقابي، لأن هذه الممارسة لم تحصل على موافقة المحكمة العليا الإسرائيلية بعد، مما سيسهل مهمة الطعن بها، وأن التأخر في معالجة الإجراء الجديد قد يؤدي لإقرار المحكمة أنه إجراء شرعي، بحيث يصبح جزءا من النظام القانوني الإسرائيلي ويسفر عن تهجير آلاف المقدسيين مستقبلا.

وأوصوا بتفعيل التشريعات اللازمة التي تفرض عقوبات جزائية بحق المسؤولين عن التهجير القسري، بالإضافة للملاحقة القضائية لوزراء الداخلية الإسرائيليين السابقين والحاليين المتورطين في تنفيذ هذه السياسة، وضرورة تصعيد العمل لإجراء تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية حول المسؤولين الإسرائيليين وممارساتهم غير الشرعية.

الحموري: المفاهيم المتعارف عليها مقاومة الاحتلال لا تقديم الولاء (الجزيرة)
الحموري: المفاهيم المتعارف عليها مقاومة الاحتلال لا تقديم الولاء (الجزيرة)

عداء لا ولاء
وفي تعليقه على الإجراء الجديد، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن المحاولات الإسرائيلية لسحب إقامات المقدسيين على خلفية "عدم الولاء" بدأت منذ عام 2006، وهذا أمر مستهجن لأن المفاهيم المتعارف عليها في كل العالم هي مقاومة الاحتلال وليس تقديم الولاء له.

وأضاف أن التصريحات الإسرائيلية التي تكررت خلال الهبّة الشعبية الأخيرة جزء من الحرب الديموغرافية التي تشغل بال المستوى السياسي، إذ باتوا يعلنون أن القدس عاصمة للشعب اليهودي بعدما كانوا يقولون إنها عاصمة لدولة إسرائيل، وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصيا أنهم يسعون للتخلص من مئتي ألف فلسطيني بالقدس.

وحول إمكانية نجاح الدبلوماسيين في وقف هذا الإجراء ومنع تحوله لقانون، قال الحموري إن جميع الدبلوماسيين والمجتمع الدولي على علم تام بالانتهاكات الإسرائيلية وأهداف الاحتلال بالقدس.

واستطرد مدير مركز القدس الحقوقي "أعتقد أن المجتمع الدولي إما أنه عاجز أو يغض الطرف عن تصرفات الاحتلال، وهذا الإجراء وغيره سيطبق عاجلا أم آجلا ولن تلتفت إسرائيل لأحد".

المصدر : الجزيرة