حكاية أكوام الأتربة شرق المسجد الأقصى

أكوام من الأتربة تشوه ساحات الأقصى
أكوام الأتربة استخرجت خلال إعمار المصلى المرواني وتوقفت الأوقاف عن إخراجها خشية استغلالها من قبل الاحتلال (الجزيرة نت)

جمان أبوعرفة-القدس

على مساحة أربعة دونمات (4000 متر مربع) تنتشر أكوام من الأتربة والحجارة مقابل السور الشرقي للأقصى في القدس بطريقة تشوّه المكان وتحرم المصلين من الاستفادة من مساحته.

وملأت هذه الأتربة المنطقة الشرقية منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث أُخرجت من المصلى المرواني عندما قام الشيخ رائد صلاح بمعاونة مئات المصلين وإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية بترميم المصلى وجعله مؤهلاً للاستخدام بعدما كانت تملؤه الأتربة والأوساخ.

كانت دائرة الأوقاف الإسلامية تقوم حينها بإخراج تلك الأتربة خارج المسجد الأقصى وإلقائها في وادي قدرون الملاصق لسور المسجد الشرقي وأماكن أخرى، لكنها تنبهت لاحقاً إلى قيام الاحتلال الإسرائيلي بأخذ الأتربة وتنخيلها والحصول على آثار ونسبها إلى فترة الهيكل المزعوم واستخدامها دليلا على ملكيته لمنطقة المسجد الأقصى.

يقول مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني للجزيرة نت إن الأوقاف اتخذت قرارا بعدم إخراج الأتربة درءاً لاستخدامها من قبل الاحتلال، وسعت لبناء مصاطب فوقها لإخفائها وحفظها من السرقة، إلى جانب إمكانية استفادة المصلين من تلك المصاطب، لكن الاحتلال منع الأوقاف من القيام بذلك.

مشاريع معطلة
يؤكد الكسواني أن دائرة الأوقاف الإسلامية مستعدة أيضاً لتسوية الأتربة وتنقيتها، لكن الاحتلال يمنع ذلك لسيطرته على أبواب المسجد الخارجية، لافتا إلى مراقبته أكياس القمامة ومنعه مرات عديدة من إخراجها إلا بإشرافه.

أكوام الأتربة تنتشر على مساحة تزيد على 4 آلاف متر مربع (الجزيرة نت)
أكوام الأتربة تنتشر على مساحة تزيد على 4 آلاف متر مربع (الجزيرة نت)

وبيّن الكسواني للجزيرة نت أن هناك أكثر من 42 مشروع ترميم متوقفا داخل المسجد الأقصى، يعرقلها الاحتلال جميعا ويعطل دخول المواد الخام اللازمة، مشترطا إشراف عمال من سلطة الآثار الإسرائيلية عليها، الأمر الذي ترفضه دائرة الأوقاف رفضا قاطعًا.

وقال الكسواني إن المسجد الأقصى ملك إسلامي خالص ولا شأن للاحتلال به، "وعرقلة المشاريع ومنعها قرار سياسي بحت بهدف السيطرة على المنطقة الشرقية وتطبيق التقسيم المكاني للمسجد". 

وبدأ الاحتلال بمشروع تنخيل تراب الأقصى منذ عام 1996 وعمل عليه دون إشراف علماء وخبراء محايدين. ويوضح الباحث في تاريخ الأقصى إيهاب الجلاد للجزيرة نت أن سرقة الاحتلال لأتربة الأقصى تحمل ضررا ذا شقين، يكمن الأول في استخدام الآثار الموجودة فيه دليلا على الهيكل، والثاني في تدمير الآثار العربية الإسلامية داخله.

ويبيّن في حديثه للجزيرة نت أن المصلى المرواني كان مكشوفا في البدايات، والأتربة الموجودة داخله ليست أصلية حيث قام المماليك بإضافة أتربة على أرضية المصلى بهدف جعلها متجانسة مستوية، مدللاً على ذلك بوجود عظام حيوانات وبشر داخل الأتربة، الأمر الذي ينعدم وجوده داخل تراب المصلى، وبالتالي عدم مصداقية الاكتشافات التي يقوم بها الاحتلال.

اقتراحات بتمهيد المناطق المهملة وزراعتها وتشجيرها واستيعاب المصلين فيها (الجزيرة نت)
اقتراحات بتمهيد المناطق المهملة وزراعتها وتشجيرها واستيعاب المصلين فيها (الجزيرة نت)

خطورة الإهمال
ويحذر الجلاد من خطورة إهمال المنطقية الشرقية للمسجد الأقصى وتمكين الاحتلال من فرض التقسيم المكاني على أرض الواقع، متعللاً بعدم اهتمام المسلمين بالمكان وإعماره.

وقال إن الاحتلال يستغل وجود الأتربة إعلاميا، حيث قامت مستوطنة متطرفة بتصوير الأتربة وتحدثت خلال شريط مصوّر عن عدم أهلية المسلمين لهذا المكان بسبب عدم محافظتهم عليه، على حد تعبيرها.

ويقترح الجلاد إحياء تلك المنطقة بزراعتها وتشجيرها لجذب المصلين إليها، مشجعاً المبادرات الجماعية التي يقوم بها المصلون من حين لآخر لتنظيف المكان وإعماره.

ويتعمد المستوطنون بشكل مستمر التوجه نحو السور الشرقي لدى اقتحامهم الأقصى، ويقومون بالصلاة ويتلقون شروحا تاريخية عن الهيكل المزعوم هناك، فهم يعتقدون أن باب الرحمة كان يستخدم مدخلا رئيسيا للهيكل، ويقفون بمواجهته كأنهم سيدخلون من خلاله إلى ما يسمونها "قدس الأقداس". في حين أن الباب يعود بناؤه إلى العهد الأموي وتم إغلاقه في العهد الفاطمي، كما يحتوي على قاعات كبيرة تعلوها قبة اختلى بها الإمام الغزالي وألّف فيها كتابه "إحياء علوم الدين"، لكن الاحتلال أغلق القاعات حديثا ومنع ارتياد المصلين لها.

المصدر : الجزيرة