راديو بئر السبع يعود إلى القدس

جاب من المعرض. محاكاة لفسيفساء شلالة المسروقة.
الفنان التشكيلي الأسترالي توم نيكلسون استحضر لوحات فسيفساء كان الجيش الأسترالي سرقها من النقب عام 1917 (الجزيرة نت)
هبة أصلان-القدس

راديو بئر السبع هو العمل الفني الصوتي للشاب المقدسي بيسان أبو عيشة، استحضر فيه عمليات تهريب الأسرى الفلسطينيين أجهزة الراديو إلى داخل سجون الاحتلال.

وهذا العمل هو أحد الأنشطة الفنية في معرض على أبواب الجنة الثامن "ما قبل وبعد الأصول"، الذي تنظمه مؤسسة المعمل للفن المعاصر ضمن فعاليات محفل "قلنديا الدولي" الثالث.

عملية الاستحضار التي عالجها أبو عيشة كانت عودة مغايرة من حيث الزمان، لكنه أراد أن تتكرر بتفاصيلها في يومنا هذا، يريد لأشياء افتقدناها أن تعود، عودة للأصل، ومحاولة منه للحث على الابتكار والخلق.

هو يحكي قصة الأسرى ومنهم والده الذي قضى محكوميته في سجن بئر السبع جنوبي فلسطين في ثمانينيات القرن الماضي، وكيف كان يلخص الأخبار لتوزع على باقي الأقسام، بعد أن يعيد تجميع قطع راديو الترانزستور المهربة، في ظل حرمان إدارة السجون لهم من الاستماع إلى الإذاعات العربية والاكتفاء بالمحطة العبرية.

عودة فعلية
العودة التي يطمح إليها أبو عيشة هي موضوع مهرجان "قلنديا الدولي" لهذا العام، وقد شاركه فيها 30 فنانا تشكيليا من فلسطين والعالم، اجتمعوا وأعمالهم في القدس وأرادوا أن يعبروا عن ما قبل العودة وما بعدها بمفهوم المقدسي.

‪برسكيان: حتى عندما قررنا العودة بمعرض فني كان الاحتلال عقبة أمامنا‬  (الجزيرة نت)
‪برسكيان: حتى عندما قررنا العودة بمعرض فني كان الاحتلال عقبة أمامنا‬  (الجزيرة نت)

يقول مدير مؤسسة المعمل جاك برسكيان "نريد أن نحدث عودة فعلية إلى القدس، دعونا كل من يستطيع للحضور حتى الفنانين الذين عاشت بلدانهم الاستعمار وتشابهت ظروفنا مع ظروفهم، هم بأعمالهم يريدون العودة إلى بلدانهم الأصلية، ونحن نريد عودة حقيقية لكل الفلسطينيين.. والعودة إلى القدس بعد أن فقدت الكثير من تفاصيل حياتها العربية".

عرضت أعمال ما قبل النكبة وما بعدها في عدة مواقع داخل البلدة القديمة بالقدس المحتلة، فأحيت محيط الباب الجديد أحد أبواب البلدة، حيث يتنقل الحضور ما بين مقر مؤسسة المعمل وقصر الفرسان، إلى جانب عدد من المحال التجارية التي أعيد فتحها بعد أن بقي بعضها مغلقا منذ العام 1967، ومنها المطبعة التجارية القديمة بالقرب من مدخل الباب، ومحل تجاري يحمل اسم "دكان 35".

ويعلق برسكيان "أردنا أن نقول إن القدس على أبواب الجنة، حاولنا كسر حصارها بمداخلات فنية نوعية مكنتنا أن نشرع أبوابها الموصدة ونقدم مادة تثقيفية تاريخية مهمة لجيل الشباب وتساعدنا في إنارة عتمة ليل المدينة".

تحاكي أعمال الفنانين المشاركين بمحفل قلنديا الأحداث ما قبل نكبة 48 وما بعدها، وهي أعمال ترتبط بأحداث تاريخية، وبالرجوع إلى ما قبل النكبة، أعادت مجموعة الفسيفساء "شلالة" للفنان التشكيلي الأسترالي توم نيكلسون لوحات الفسيفساء التي كان الجيش الأسترالي قد سرقها عام 1917 من منطقة "شلالة" في النقب المحتل، عودة وإن كانت غير حقيقية أو مطابقة تماما للنسخة المسروقة، لكن نيكلسون أراد أن يقول إن المحتل يلوث كل ما تطاله يداه، ولا شيء يعود كما كان.

 ياونغاوي يعبر عن حلمه بالعودة لموطنه الأصلي بورما بلوحة تحكي قصة مقتل أحد أفراد عائلته على يد الجيش (الجزيرة نت)
 ياونغاوي يعبر عن حلمه بالعودة لموطنه الأصلي بورما بلوحة تحكي قصة مقتل أحد أفراد عائلته على يد الجيش (الجزيرة نت)

من بورما
على خطى أبي عيشة الذي استحضر أحد أحداث ما بعد النكبة، عبر الفنان التشكيلي ساوانغونغز ياونغاوي من دولة بورما (ميانمار) عن حلمه بالعودة إلى موطنه الأصلي بلوحة "الثاني من آذار 1962" التي تجسد قصة عائلته التي قتل أحد أفرادها على يد الجيش البورمي.

ومحفل قلنديا الدولي للفنون المعاصرة محاولة لتوظيف دلالات متعددة ومتناقضة من أجل إيصال رسالة سياسية، فقلنديا هي القرية والمخيم والحاجز العسكري، وهي جزء من المعاناة الفلسطينية اليومية.

وتستمر أعمال "ما قبل وبعد الأصول" التي تتضمن إلى جانب المعارض الفنية عروضا للأفلام وندوات وحلقات نقاش، حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

المصدر : الجزيرة