مصير ترمب.. بين اضطراب الإدارة ومصيدة مولر

U.S. President Donald Trump meets with bi-partisan members of Congress to discuss school and community safety in the wake of the Florida school shootings at the White House in Washington, U.S., February 28, 2018. REUTERS/Kevin Lamarque

كان الأسبوع المنصرم هو الأكثر غرابة في عُمر إدارة الرئيس دونالد ترمب؛ إذ لم يُفصل فيه موظف رفيع المستوى، وكان الموظف الكبير الوحيد المفصول هو مساعد البيت الأبيض المسؤول عن الأمن الداخلي، الذي أجبر على الخروج بأمر من جون بولتون، الذي تولى للتو منصب مستشار الأمن القومي الثالث لترمب خلال 15 شهرا.

ومع ذلك؛ ربما كان ذلك الأسبوع هو الأكثر اضطرابا حتى الآن خلال رئاسة ترمب، فقد كان تعيين بولتون كافيا لبث قدر كبير من الرعب في واشنطن خوفا من أن يعزز أكثر آراء ترمب شراسة، مثل ما أعرب عنه ترمب من ضرورة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم عام 2015.

ومع ذلك، انتشرت التكهنات -على نطاق واسع- بتفوق وزير الدفاع جيمس ماتيس على بولتون -الذي يُقال إنه بيروقراطي بارع- فيما يتعلق بالمدى الذي قد يذهب إليه الهجوم العسكري على سوريا، ردا على أحدث استخدام حكومة بشار الأسد الأسلحة الكيميائيةضد شعبها.

تُثار التساؤلات الآن في مجلس الشيوخ عن مدى ملاءمة تعيين مايك بومبيو -وهو المتشدد في آرائه بشأن المسلمين وروسيا- خلفا لريكس تيلرسون في منصب وزير الخارجية. وبعد ترسيخ بولتون في الجناح الغربي من البيت الأبيض؛ يدور الإجماع الآن على تصور مفاده أن ماتيس هو الوحيد الذي يقف بين ترمب والجموح العسكري

وفي النهاية؛ اقتصرت الهجمات -التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا– على أهداف يُعتَقَد أنها مرافق لتصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية.

وتُثار التساؤلات الآن في مجلس الشيوخ عن مدى ملاءمة تعيين مايك بومبيو -وهو المتشدد في آرائه بشأن المسلمين وروسيا– خلفا لريكس تيلرسون في منصب وزير الخارجية. وبعد ترسيخ بولتون في الجناح الغربي من البيت الأبيض؛ يدور الإجماع الآن على تصور مفاده أن ماتيس هو الوحيد الذي يقف بين ترمب والجموح العسكري، لأن ماتيس يدعم الاتفاق مع إيران.

كان التحرك الشخصي الأكثر غرابة من قِبَل ترمب مؤخرا -كجزء من قائمة متزايدة النمو من فصل كبار الموظفين- هو فصل ديفد شوكلين من منصبه كرئيس لإدارة المحاربين القدامى، الهيئة التي تتمتع بقدر كبير من النفوذ، وترشيح طبيبه الخاص للقيام بهذه المهمة.

ويُعتَقَد أن الترشيحات المنتظرة لشغل مناصب رفيعة المستوى -قبل انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني القادم- كانت أحد الأسباب وراء عزوف ترمب عن فصل المعين الأكثر إثارة للجدال سكوت برويت (رئيس هيئة حماية البيئة).

وينم إصرار برويت على عكس إنجازات هيئة حماية البيئة فيما يتصل بخفض تلوث الهواء والمياه، وخاصة الضوابط التنظيمية التي جرى تبنيها خلال رئاسة باراك أوباما؛ عن استياء ترمب ذاته من أوباما. وبالإضافة إلى هذا؛ يُبدي أصحاب الصناعات الملوثة الرئيسية الحماس لتعيين برويت.

مكمن المشكلة أنه في إدارة عامرة بالمحتالين والخبراء في الانغماس في السفر جوا على الدرجة الأولى، وغير ذلك من أسباب الراحة على حساب دافعي الضرائب؛ ربما يكون برويت البطل. إذ تتقلب مشاعر ترمب إزاء برويت، وقد تعلم المراقبون عدم التكهن بما قد يفعله ترمب عندما يتعلق الأمر بأي جانب من جوانب السياسة وهيئة العاملين.

ويصدق هذا أيضا على السؤال الذي يخلق أقصى درجات التوتر: ما إن كان ترمب سيحاول إنهاء التحقيق في المزاعم حول تآمره هو أو حملته الانتخابية مع الروس، لمحاولة تغيير نتائج انتخابات 2016 لصالحه.

والواقع أن الأدلة التي تؤكد هذا التواطؤ في تصاعد. ويرى كثير من المراقبين أن ترمب استوعب الفكرة بأن فصل المستشار الخاص روبرت مولر -الذي يتولى قيادة التحقيق- لن يُفضي إلى نتائج مواتية على الإطلاق.

وقد بدأ الجمهوريون السلبيون في الكونغرس -الذين يشعرون بالفزع من ترمب وقاعدته من المؤيدين المخلصين- يُظهِرون بعض الشجاعة، وهم يتحركون الآن نحو دعم قرار من شأنه أن يحمي مولر، الذي يحظى بدعم أغلبية كبيرة من عامة الناس.

لكن ترمب وحلفاءه المقربين في الكونغرس ما زالوا يحاولون تقويض التحقيق عبر تشويه سمعة مكتب التحقيقات الفدرالي الذي يتولى ملفه، ومسؤولي وزارة العدل الذين يشرفون على عمل مكتب التحقيقات الفدرالي. وقد ألمح ترمب إلى أنه ربما يفصل نائب المدعي العام رود روزنشتاين الذي يترأس التحقيق.

ويظل الرئيس غاضبا لأن المدعي العام جيف سيشونز -الذي كان المؤيد الوحيد في مجلس الشيوخ لترمب منذ بدايات الحملة في عام 2016- نحّى نفسه عن التحقيق.

عندما يغضب ترمب بشكل خاص فإنه يظل على غضبه، وهو يستعرض هذا الغضب بطرق غير متوقعة. ويبدو أن لا شيء جعله أشد غضبا من الغارة غير الاعتيادية التي شنها مكتب التحقيقات الفدرالي في 9 أبريل/نيسان على مكتب محاميه الشخصي ومصلح أخطائه الرئيسي مايكل كوهين وغرفته في الفندق الذي يقيم فيه.

يبدو أن الهجوم على سوريا صرف انتباه الرأي العام عن فضائح ترمب ولكن بشكل مؤقت فقط، نظرا لجولة كومي المرتقبة التي تحظى بتغطية إعلامية ضخمة للترويج لكتابه. ولكن هناك شعور متنامٍ بأن ما يقترب مولر من إنجازه بشأن كوهين ربما يمثل الخطر الأعظم على الإطلاق الذي يهدد الرئيس

ظاهريا؛ تحرك مكتب التحقيقات الفدرالي لأن كوهين كان ضالعا في أكثر الجوانب تعقيدا ورهبة من حياة ترمب العامة. لكن كوهين ربما تورط أيضا في مؤامرة 2016 مع روسيا، وكانت شؤون أعماله الخاصة قيد التحقيق.

منذ أوائل هذا العام؛ بدا الأمر وكأن إسقاط ترمب في حكم الممكن، ليس بسبب تعاملاته المحتملة هو وحملته الانتخابية مع روسيا، بل بسبب نجمة الأفلام الإباحية البارعة الجمال التي تحمل الاسم الفني ستورمي دانييلز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد).

فهي ومحاميها العدواني لا يبديان أي خوف من ترمب، الذي رتب كوهين نيابة عنه دفع 130 ألف دولار لها قبل الانتخابات لحملها على التزام الصمت بشأن علاقتها لمرة واحدة مع ترمب، والتي حدثت في أوائل زواجه من ميلانيا ترمب وبعد أربعة أشهر من ولادة ابنه بارون.

وأحد الأسئلة التي أثارتها الصفقة هي ما إن كان ذلك المبلغ -الذي يقول كوهين إنه دفعه من جيبه الخاص دون عِلم ترمب- ربما يُعَد مساهمة غير قانونية في الحملة الانتخابية.

جانب آخر من جوانب الغموض يتمثل في سؤال: لماذا يبدو ترمب -الذي كان أقل انزعاجا من كشف علاقة أطول مدى في نفس الوقت تقريبا مع نجمة إباحية أخرى- مرعوبا بشكل خاص من ستورمي دانييلز. وعلى غير عادته؛ رفض ترمب التعليق أو التغريد بشأنها.

وفي نهاية الأسبوع؛ بدأت تتسرب مذكرات مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي، الذي أدى فصل ترمب له إلى تعيين مولر. وقد أثار هذا أيضا غضب ترمب الذي وصف كومي بأنه "ضعيف وغير صادق".

وكما حدث من قبل؛ فإن هجومه ساعد مؤلف كتاب -غير متملق ولا باعث على الارتياح- في دفعه إلى رأس قائمة أفضل المبيعات، قبل إصداره رسميا.

ويبدو أن الهجوم على سوريا صرف انتباه الرأي العام عن فضائح ترمب ولكن بشكل مؤقت فقط، نظرا لجولة كومي المرتقبة التي تحظى بتغطية إعلامية ضخمة للترويج لكتابه. ولكن هناك شعور متنامٍ بأن ما يقترب مولر من إنجازه بشأن كوهين ربما يمثل الخطر الأعظم على الإطلاق الذي يهدد الرئيس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.