معركة الموصل.. الأطراف المشاركة والتداعيات المنتظرة

العبادي: لن نسمح لتركيا بالمشاركة بمعركة الموصل

أهمية معركة
محاور العمليات
مراحل العملية العسكرية
النتائج المتوقعة

شكل العاشر من يونيو/حزيران عام 2014 علامة فارقة في مسار الأزمة العراقية تحديدا والأزمة الإقليمية عموما، حيث سيطر تنظيم الدولة على مدينة الموصل.

أدى السقوط المريع للمدينة إلى انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية مما سمح لقوات تنظيم الدولة الإسلامية (والتي قدرت في تلك الفترة بعشرات المئات من المقاتلين المزودين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة) من السيطرة على أربع محافظات عراقية زادت مساحتها الإجمالية عن 40% من مساحة العراق.

أدى التقدم السريع لقوات تنظيم الدولة واقترابها من العاصمة بغداد إلى إصدار المرجع الديني علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي والتي أسس بناء عليها الحشد الشعبي كما أنشأت أميركا تحالفا دوليا ضم أكثر من 60 دولة لمحاربة التنظيم.

رغم عقد كامل من الجهود الأميركية لإعادة تجهيز قوات الأمن والجيش العراقي فإن معظم تلك القوات بقيت ينخرها الفساد والمحسوبية والطائفية ويرجع ذلك إلى فشل القيادات السياسية في الوصول إلى اتفاق وطني يتجاوز تلك السلبيات، مما جعل غالبية أبناء الطائفة السنية يشعرون بأنهم مواطنين من الدرجة الثانية، وهذا ما دفع بعض القوى السنية لمبايعة تنظيم الدولة ليس حبا به ولكن اتقاء لبطشه وخوفا من الوقوع تحت الهيمنة الشيعية، ومن تلك القوى على سبيل المثال: الجيش الإسلامي، حماس العراق، كتائب ثورة العشرين، جيش المجاهدين، أنصار السنة، وجيش الطريقة النقشبندية.

أهمية معركة
تعتبر مدينة الموصل أحد مركزي الثقل بالنسبة لتنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق، ومنها أعلن البغدادي ولادة دولة الخلافة الإسلامية، وتحتل موقعا إستراتيجيا فريدا فهي حلقة الوصل بين تركيا وسوريا والعراق بما فيه إقليم كردستان، كما أنها تقع على طريق الحرير الجديد الذي تسعى إيران لإنشائه منذ عقود ليصل إيران بالبحر المتوسط، لذا تسعى جميع الأطراف المتأثرة بنتائج معركة الموصل للاشتراك بها لتأمين مصالحها.

وتقدر القوات المشاركة أو المحتمل مشاركتها في معركة الموصل من تنظيم الدولة بـ 3000 مقاتل أجنبي و7000 آلاف مقاتل محلى داخل مدينة الموصل و600 مقاتل أجنبي و6500 مقاتل محلي في الأقضية والنواحي، وقد بدأ تنظيم الدولة بحفر الخنادق وإنشاء السوار الترابي وإعداد المواقع القتالية وحرق بعض آبار النفط استعدادا لخوض معركة الموصل.

وفي مواجهة القوات أعلاه تم حشد القوات التالية:

– الجيش وقوات الأمن العراقية: تم إعداد الفرقة 15 و الفرقة 16 واللواء الرابع من الفرقة الثامنة وقوات الشرطة الاتحادية وقوات جهاز مكافحة الإرهاب، بالإضافة لقوات عمليات نينوى التي تتكون من الفرقة السابعة وبإسناد من سلاح الجو العراقي.

– قوات الحشد الشعبي: وتعتبر نظريا جزءا من المؤسستين الأمنية والعسكرية العراقية بموجب أوامر صادرة عن رئيس الوزراء العراقي، وتشارك ضمن تلك القوات العديد من الفصائل الشيعية من أهمها فيلق بدر وعصائب أهل الحق والنجباء.. الخ.

وقد قدر المتحدث باسم الجيش الأميركي عدد قوات الحشد الشعبي بحوالي مائة ألف مقاتل بينما تشير الوقائع على الأرض أن العدد الفعلي يقدر ما بين 30 إلى 40 ألفا يشرف فيلق القدس على تدريبها وتسليحها.

– قوات البشمركة الكردية: ويتوقع أن يشارك منها ثلاثة ألوية بالإضافة إلى وحدة مدفعية وفرق هندسة.
– الحشد الوطني السني: تقدر الأعداد الأولية بأربعة آلاف مقاتل يضاف لها الحشد العشائري ويسعى كلاهما لتأدية دور بارز في معركة الموصل وما بعدها.

تشرف قوات التحالف على عمليات الإعداد والتدريب وتقديم الاستشارات العسكرية كما تقدم الإسناد الجوي والمدفعي للقوات المشاركة.

محاور العمليات
تسمح طبيعة أرض المعركة بتوفير ثلاثة مقتربات رئيسية هي:
– المقترب الجنوبي والذي يبدأ من القيارة جنوبا ويمتد بمحاذات النهر إلى مدينة الموصل وستعمل علية قوات الجيش والأمن العراقية.

– المقترب الشرقي ويبدأ من عمق أراضي إقليم كردستان وستعمل عليه قوات البشمركة وجزء من الحشد الوطني السني.

 -المقترب الغربي ويبدأ من تل أعفر وستعمل عليه قوات الحشد الشعبي في حال استخدامه، وربما يفضّل المخطط العسكري الإبقاء على بعض مناطقه غير مشغولة بالقوات لإغراء قوات تنظيم الدولة على الإنسحاب باتجاه الحدود السورية .

-المقترب الشمالي الغربي ويبدأ من المناطق المحيطة بسد الموصل وتعتبر مناطق حشد مناسبة ، وستعمل عليه قوات الحشد الشعبي.

مراحل العملية العسكرية
نظرا لطبيعة المدينة الجغرافية وإمتدادها الواسع وتنوع القوات المحتمل مشاركتها في القتال سيتم تنفيذ العمليات العسكرية على عدّة مراحل هي:

المرحلة التحضيرية والتي بدأت منذ عدّة أشهر ولا تزال مستمرة والتي إشتملت على السيطرة على عدّة بلدات وقاعدة القيارة التي يتم تحسينها لتكون قادرة على إستقبال طائرات الشحن وتعتبر قاعدة القيارة منطقة الحشد للجهد القتالي الرئيسي، فيما ستكون مناطق حشد قوات البشمركة في مواقعها الحالية بينما ستنتشر قوات الحشد الشعبي في منطقة تل إعفر.

مرحلة تقرب القوات من المدينة وستقوم خلال هذه المرحلة بتأمين الأراضي وتطهير الطرق ولا يتوقع أن تواجه معارك حاسمة ولكنها ستواجه الكثير من حقول الألغام والعبوات الناسفة والهجمات السريعة المفاجئة لإعاقة تقدم القوات المهاجمة.

مرحلة التطويق، وسيتم خلالها تطويق المدينة كليا بما يحمل ذلك من مخاطر تتمثل بإجبار قوات التنظيم على خوض معركة بقاء مما يعني سقوط آلاف القتلى من المدنيين وإطالة أمد المعركة لعدة أشهر، أو تطويق جزئي لإغراء مقاتلي التنظيم على الإنسحاب باتجاه الحدود السورية.

مرحلة الإقتحام، وسيتم تجزئة هذه المرحلة على العديد من المراحل الفرعية ويعتمد عددها على طبيعة الخطة الدفاعية المعتمدة وعلى تصميم الخطة الهجومية و هل سيتم عمل القوات على محاور متلاقية أم محاور متوازية.

ستختلف معركة الموصل عما سبقها من معارك في تكريت والرمادي والفلوجة بسبب أهمية الموصل وكبرها وأعداد المدنيين المتواجدين بها، ولذا ستكون أكثر عنفا ودموية وتحتاج إلى أضعاف الوقت الذي إحتاجته المعارك السابقة.

من الصعب أن يفصح القادة السياسيون والعسكريون عن ساعة الصفر الحقيقية لتحقيق عنصر المفاجأة، لكن المؤشرات العامة تشير إلى قرب المعركة، فالحكومة العراقية أعلنت عن إكمال الإستعدادات العسكرية، فيما صرح وزير الدفاع البريطاني أن اللمسات الأخيرة وضعت يوم 23 سبتمبر/أيلول الماضي، فيما حدد الرئيس التركي بدء العمليات يوم 19 من الشهر الجاري، وأقدر بدء العمليات في الأيام الأخيرة من الشهر الحالي أو الأسبوع الأول من الشهر القادم.

النتائج المتوقعة
قررت الإدارة الأميركية خوض معركة الموصل قبل انتهاء الفترة الرئاسية للرئيس أوباما لعدّة أسباب منها: تحقيق انتصار عسكري ضد تنظيم الدولة يُسجل له شخصيا ويدعم مرشحة الحزب الديمقراطي ويزيد من فرص وصولها للبيت الأبيض، كما يتضمن رسالة مباشرة لروسيا بأن الرئيس الأميركي قادر على اتخاذ القرارات الإستراتيجية حتى الأيام الأخيرة من رئاسته وبأنه ليس البطة العرجاء.

لكن هذا التحرك جاء دون اتخاذ أية إجراءات فعلية لمواجهة التداعيات السلبية المتوقعة ومنها:

– أنه لم يتم وضع تصور أولي عن أعداد القتلى المدنيين المتوقع والذي سيكون بالآلاف، وكيف يجب تجنب ذلك، بل تم الاكتفاء بتوجيهات عامة مثل تجنب قصف المناطق التي يتواجد بها المدنيون ومطالبتهم بالابتعاد عن المناطق التي يتواجد بها المسلحون.

– لم يتم اتخاذ أية إجراءات فاعلة لمواجهة عمليات النزوح الجماعي وتأمين أدني الظروف المناسبة للحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، حيث من المتوقع أن تكون بمئات الآلاف، وما سيصاحبها من انتهاكات قد تصل لمستوى الجرائم ضد الإنسانية.

كيف سيتم مواجهة قوات الحشد الشعبي إذا ما سعت لإنشاء موطئ قدم إيراني جنوب وغرب الموصل انطلاقا من تل أعفر لتأمين الممر الذي تنوي إيران إنشاءه؟

كيف سيتم مواجهة واحتواء عمليات التغيير الديمغرافي الذي من المتوقع أن تنفذه القوات الكردية والحشد الشعبي بحق السنة؟

كيف سيتم إدارة مدينة الموصل بعد التحرير ومن هي الجهات المسؤولة عن ذلك؟

ماذا عن الدور التركي في ظل الرفض العراقي، وكيف سيتم احتواء أي تصعيد عسكري محتمل؟

يبقى السؤال الأهم، هل العمليات العسكرية قادرة على اجتثاث تنظيم الدولة، أم أن الهزيمة العسكرية فقط سينتج عنها تنظيم جديد أكثر تطرفا؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.