الفلسطينيون والشراكة من أجل النجاح

مدينة رام الله
الجزيرة

كثيرا ما أسمع الضمير "نحن" في أحاديث مجتمع الأعمال الفلسطيني. "نحن نبيع سيارات واردة من أميركا.. نحن مركز لتعاقد العاملين مع شركة غوغل.. نحن نصدر منتجاتنا من زيت الزيتون إلى الأسواق العالمية"؛ وفي المقابل نادرا ما تسمع "أنا فزت بهذا العقد" أو "أنا أقوم بشحن بضائع إلى هذا البلد"، فالضمير دائما ما يكون بصيغة "نحن".

خلال ما يقرب من ثلاث سنوات من العمل بصفتي أعلى ممثل دبلوماسي أميركي في القدس، والإعجاب بشعور التعاون الجماعي بين رجال الأعمال الفلسطينيين ما زال يتملكني.

كما أن ذلك أمر سليم تماما من ناحية الجدوى التجارية. فالدراسات تشير إلى أن الفرق والجماعات تتفوق على الشخص الذي يعمل بمفرده حتى إن كان عبقريا، وحتى الفرق غير المتجانسة تكون أكثر إبداعا وإنتاجا من الفرق المتجانسة.

وقد رأيت مؤخرا -أثناء فعالية أقيمت للشركات الناشئة في عطلة نهاية الأسبوع في منظمة القيادات حاضنة الأعمال في رام الله، والتي نقوم بتمويلها- مجموعة متنوعة للغاية من الرجال والنساء من مختلف الخلفيات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، وهم يتعاونون بسلاسة في استخدام تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، وكثير منها -حسبما نأمل- سيُطرح في الأسواق في وقت قريب.

لئن ظل تحقيق سلام طويل الأجل بين الفلسطينيين والإسرائيليين يبدو للبعض أمرا صعبا، فإن ما يثلج صدري هو منجزات مجتمع الأعمال الفلسطيني، وفي اعتقادي أن الدروس المستخلصة من روح الفريق والشراكة التجارية ستؤتي ثمارها يوما ما في ضمان قيام دولة فلسطينية

كما قمنا برعاية وتسهيل سفر الوفد الفلسطيني إلى أسبوع القمة العالمية لريادة الأعمال في مراكش في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكان الوفد يضم فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. وقد عادوا إلى وطنهم بعد أن وقعوا عقدا مربحا لأعمال التصميم مع شركة تصنيع أميركية مقرها ولاية جورجيا، وكان ذلك بحق إنجازا عظيما للفريق!

إنك عندما تخطو بقدميك داخل الشركات الناجحة، سواء كانت في رام الله أو في وادي السليكون، فإنه يمكنك رسم خط مستقيم تقريبا يربط بين نتائج العمل وتركيبة الأشخاص الذين تتألف منهم فرق العمل.

لقد دخلت حكومة الولايات المتحدة في شراكة مع عدد من الشركات الفلسطينية لربطها بأصحاب المشاريع والشركات الأميركية. إن مجالات التعاون هذه بين الشرق والغرب مجزية لكلا الجانبين.

فقد ربط برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية المزارعين الفلسطينيين بشركات دولية مثل "هول فودز" (Whole Foods) و"وليامز سونوما" (Williams-Sonoma)، و"لايز" (LAYS)، كما زادت صادرات المنتجات الزراعية الفلسطينية بواقع 25 مليون دولار من 2012 إلى 2013 مما زود هذه الشركات المتعددة الجنسيات بسلسلة إمدادات جديدة، منخفضة التكلفة، ذات نوعية عالية.

ومنذ أن أثبتت هذه الشراكات فاعليتها في زيادة النتائج المالية، فإننا نعمل جاهدين على توسيع التعاون بين قادة الأعمال الفلسطينيين والأميركيين. وخلال الأسبوع 7-13 ديسمبر/كانون الأول، سافرت مع وفد تجاري فلسطيني من غرفة التجارة الفلسطينية الأميركية إلى الولايات المتحدة لاستطلاع واستكشاف شراكات جديدة وصفقات تجارية جديدة، وذلك في شيكاغو ومينيابوليس وواشنطن العاصمة لزيارة عدد من مراكز الأعمال والتجارة، بما في ذلك شركتا كارغيل وموتورولا، بينما وجه الوفد الفلسطيني رسالة واضحة: رغم كل التحديات، نحن نفتح صدورنا للتعامل التجاري، وسوف تجدون فينا شريكا قادرا على تحقيق النجاح.

إن قادة الأعمال الفلسطينيين يعرفون وجهتهم وأسباب ذلك. إنهم يدركون قيمة روح الفريق وقيمة الشراكات، والمفاهيم المتعددة، والمصالح التي تلتئم معا بصورة متناغمة لتولد وضعا يكون فيه كلا الطرفين من الرابحين.

ولئن ظل هدفنا في تحقيق سلام طويل الأجل بين الفلسطينيين والإسرائيليين يبدو للبعض أمرا يصعب تحقيقه، فإن ما يثلج صدري هو منجزات مجتمع الأعمال الفلسطيني، وفي اعتقادي أن العبر والدروس المستخلصة من روح الفريق والشراكة في الميدان التجاري ستؤتي ثمارها يوما ما في ضمان قيام دولة فلسطينية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.