النهضة وأفق المشروع الوطني
أكثر من دعوةٍ للتطبيق
حركة النّهضة بين الإسلام السياسي وتيار الإصلاح
يستعدّ المجلس الوطني التأسيسي في تونس للبدء في صياغة الدّستور الجديد. وبدت الطّبقة السياسيّة كالمنقسمة إلى فريقين: دعاة الدّولة المدنيّة ودعاة الدّولة الشريعيّة، في مقابلة بين الإسلام والمدنيّة تبدو غريبة عند من دقّ عندهم النّظر في تراث الإسلام السياسي. غير أنّ موقف حركة النّهضة المنبثق عن هيئتها التأسيسيّة يوم 26 مارس/آذار الماضي يدعو إلى إعادة النّظر في ما بدأ يستقرّ من فرز على قاعدة صياغة الدّستور.
وجاء في بيان الحركة أنّ صيغة الفصل الأوّل من دستور 1959 التي تنصّ على أنّ "تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها والعربيّة لغتها، والجمهوريّة نظامها" واضحة ومحلّ توافق بين كلّ مكوّنات المجتمع، وهي تحفظ الهويّة العربيّة الإسلاميّة للدّولة التونسيّة، وتؤكّد على مدنيّتها وديمقراطيّتها، في ذات الوقت". ولم تر الحركة في مبدأ التنصيص على مرجعيّة الشريعة ضرورة. فكيف يُقرأ هذا الموقف؟ وإلى أيّ مدى يمكن أن يكون مدخلا إلى تبيّن تحوّلات السياسة في تونس الثورة؟
أكثر من دعوةٍ للتطبيق
عشيّة هروب بن علي، برز استقطاب إيديولوجي حادّ، طرفاه الإسلاميّون والعلمانيوّن، حتّى ظُنّ أنّ الفرز الذي كانت قاعدته الحريّة، وكان من ثماره السياسيّة حركة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005، لم يكن فرزا أصيلا. واحتدم هذا الاستقطاب، مع عودة وجوه الثمانينيّات الإيديولوجيّة، وكأنّها تستكمل معركة لم تبلغ مداها في الحركة الطلاّبيّة والنّقابيّة، وظهرت عناوين لا يخفى بعدها عن شعارات الثورة في الحريّة والكرامة.
وصرنا أمام مسارين متوازييْن: الحركة الاجتماعيّة وجدل النّخبة. ففي حين كانت الحركة الاجتماعيّة تحثّ الخطى نحو فكرة التأسيس، كانت النّخبة تعيد إنتاج ثنائيّات الجدل الإيديولوجي القديم: إسلامي/علماني. غير أنّ انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 مثّلت تجاوزا حقيقيّا للاستقطاب المذكور، وشاهدا على أصالة الفرز على قاعدة الحريّة الذي كان مقدّمة الثورة.
في تونس تحول المشهد اليوم من الصراع مع الإسلام إلى الصراع عليه، ومن الاختلاف مع العروبة إلى الاختلاف حولها، ومن مناهضة الاشتراكيّة إلى الاختلاف حول سُبُلِ تحقيق العدل |
جمعت الترويكا المفوّضة ديمقراطيّا بين مرجعيّات ليبراليّة وإسلاميّة وعروبيّة اشتراكيّة. ويمكن اعتبارها ائتلافا من الوسط يقف اليسار الإيديولوجي والتيّار القومي على شماله، ويقف التيّار الديمقراطي واليسار الثقافي ولفيفٌ من العائلة الدستوريّة على يمينه. إلاّ أنّ ظهور التيّار السلفي بقوّة، ووقوف القوى السياسيّة المذكورة بمختلف عناوينها في مواجهة الترويكا، وسعيها جاهدة إلى ألا تتحوّل الشرعيّة الانتخابيّة إلى شرعيّة سياسيّة تُيسّر الشروع في تحقيق التنمية والحياة الكريمة، أغرى بتصنيف آخر للقوى السياسيّة يجعل من الترويكا وسطًا بين أصوليّتين: بورقيبيّة وسلفيّة.
وقد نشطت الدّعوة إلى إحياء البورقيبيّة واتّخاذها غطاءً سياسيّا لمجاميع تختلف في كلّ شيء إلاّ في موقفها من الترويكا. ورغم ما بين الأصوليّتين من اختلاف من جهة المرجعيّة فإنّهما تتفقان في الصفة السلفيّة بما هي استدعاء لنموذج تاريخي من الماضي لحلّ قضايا الحاضر.
ومثلما يُسلّم جانب من خصوم بورقيبة بدوره في بناء الدّولة ونشر التعليم الحديث وتأسيس مكانة جديدة للمرأة، يُقرّ مريدوه بأنّه فشل في رهان الحريّة، وكان حكمه فرديّا مستبدّا، غير أنّهم يأملون إمكانيّة دَمَقْرَطة البورقيبيّة. وهم يدركون جيّدا أنّها بناء سياسي مضادّ للحريّة جبّته الثورة. كما تشترك الأصوليّتان وأصوليّات أخرى في "دعوة التطبيق"، فإلى جانب تطبيق الشريعة يمكن الحديث بشيء من التجوّز عن تطبيق البورقيبيّة وتطبيق الناصريّة والستالينيّة. ومعضلة مْن يمثّل هذه الدّعوات عدم التمييز بين القيمة والنموذج.
ومن نتائج هذه المعضلة المنهجيّة النّظرُ في النّصوص التأسيسيّة المختلفة بعيون الموتى، بعبارة روجي غارودي. والأهمّ من هذا أنّ كلّ دعوات التطبيق هذه جزء من النّظام الاستبدادي العربي ولم تقم الثورة إلاّ لمواجهته. ولتتّضح الصورة، نذكّرُ بتطبيق الشريعة على طريقة آل سعود ونظام نميري ووريثه نظام الجبهة الإسلامية الانقلابي، ونظام القذّافي ودعوته إلى اعتبار القرآن شريعة المجتمع.
ويمثّل إحياء دعوات التطبيق المختلفة استدعاءً لبناء سياسي مضادّ للحريّة قامت الثورة المنطلقة من تونس والممتدّة في المجال العربي لتجاوزه. فتساوت هذه الدّعوات في "ماضويّتها" وجذورها الاستبداديّة. حتّى لا فرق بين "عبدة الشريعة" الباقين على اجتهادات الأسلاف المطابقة بين الدّين وفهمه، و"عبدة الطبيعة" المقيمين على صور بنوْها عن زعامات لهم فاستنسخوا طريقة القدماء في تقديس الآباء المؤسّسين إلى حدود التأليه.
فقد يَعبُد الإنسان ما ينحت صخْرا أو فكْرا. لذلك لم يكن سؤال إبراهيم الخليل الساخر: "أتعبدون ما تنحتون"؟!! علامةً على مرحلة قطعها الفكر الإنساني بقدر ما هو إبانة عن ثابت من ثوابت بنية العقل في إنتاج المعنى، رغم تبدّل التسمية باختلاف الألسن والعصور.
تعدّ الترويكا -في المستوى السياسي- محاولة جادّة لتجاوز فكرة "العودة إلى النّموذج" والاستعاضة عنها بـ"التقدّم نحو القيمة". كلّ ذلك كان صورة من تحوّل عميق من "الصراع مع المعنى" إلى "الصراع عليه". ومنه أنّ الإسلام كان -في نظر النّخبة العلمانيّة في سبعينيّات القرن الماضي- فكرًا تاريخيّاً نفاه التطوّر. ويمثّل حضوره عائقا من عوائق التحديث. مثلما كانت العروبة في أدبيّات بعض مكوّنات الإسلام السياسي دعوة جاهليّة، والاشتراكيّة صورةً سالبة من الاختراق الغربي.
وكان الفكر القومي العربي في أدبيّات الماركسيين العرب شوفينيّة وارتدادا إلى ما قبل الدّولة. فكان من نتيجة هذا أن استُبعدت عقيدةُ الشعب باسم الفكر العلمي، وحقيقتُه اللّسانيّة باسم درء عناوين الجاهليّة، وقيمةُ العدل باسم مناهضة الشيوعيّة.
لقد تغيّر المشهد اليوم من خلال ما نعيشه من تحوّل من الصراع مع الإسلام إلى الصراع عليه، ومن الاختلاف مع العروبة إلى الاختلاف حولها، ومن مناهضة الاشتراكيّة إلى الاختلاف حول سُبُلِ تحقيق العدل. فارْتسم توجّه مستقبلي نحو تخليص الإسلام من الإسلاميين، والعروبة من القوميّين، والعدل من الاشتراكيين. لتكون العروبة والعدل والحريّة قيما جامعة وأساسا لمواطنة كريمة.
ومع ترسّخ الفرز على قاعدة المشروع الوطني، يتأكّد الخروج التدريجي من الإيديولوجي إلى السياسي، على أهميّة الإيديولوجيا في صناعة الحُلم، وينتظر أن تختفي -مع الزّمن- العناوين الإيديولوجيّة التقليديّة (ماركسي، إسلامي، قومي، ليبرالي) لتحلّ في هويّات سياسيّة برامجيّة تُسمّى أحزابًا تتنافس سلميّا في تكريم الإنسان.
حركة النّهضة بين الإسلام السياسي وتيار الإصلاح
نُذكّر بأنّ ظهور تيّار النهضة والإصلاح في الفكر العربي الحديث كان استجابة لتحدٍّ حضاريّ حين اكتشف العرب المسلمون ضعف اجتماعهم وتخلّف عُمرانهم، مقارنةً بالغرب النّاهض والمتحفّز لبسط نفوذه خارج مجاله التاريخي. فكان سؤال هذا التيّار: لِمَ تخلّف المسلمون وتقدّم غيرهم؟ في حين كانت نشأة تيّار الإسلام السياسي استجابة لتحدّ سياسي تَمَثّل في شطب آخر هويّة انتظام سياسي في تجربة للمسلمين في 1924، ولذلك كان سؤاله: كيف تُستْأنَف الحياة الإسلاميّة؟
كان تيّار النّهضة والإصلاح سابقا على ظهور الإسلام السياسيّ. ولكنّ انهيار انتظام المسلمين المسمّى خلافة، أمام المدّ الأوروبّي الاستعماري، أفقد شروط النّهضة الثقافيّة والعقليّة الصّدارة |
كانت الغاية التي يجري إليها الإسلام السياسي هي الدّولة. ولم يكن بلوغه هذه الغاية ممكنا إلاّ مع ثورة الحريّة والكرامة التي استهدفت بناء النّظام العربي الاستبدادي. وتُمثّل البورقيبيّة (1956-2011) نموذجه الأوفى من خلال بنائها الثلاثي (الدّولة/المجتمع/الزّعيم) المانع من كلّ حياة سياسيّة تضمن الاختيار الحرّ أساسًا للتداول السلمي على السّلطة.
ولم يَخرج الإسلام السياسي في تميّزه عن الاستثناء التونسي، فقد كان أحد مكوّنات الحركة الدّيمقراطيّة وكان إلى جانب القوى المناهضة للاستبداد المجتمعة في حركة 18 أكتوبر/تشرين الأول، في سياق الفرز الذي شهدته البلاد. وتُمثّل هذه الحركة مفتاحا لتفسير نتائج الاستحقاق الانتخابي التاريخي يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول. وتعدّ الترويكا -وهي أولى ثمراتها السياسيّة- إبداعا تونسيّا لا يقلّ عن إبداع الحدث الثوري في انتصاره التاريخي على نظام بن علي نموذجِ الاستبدادِ والتبعيّةِ.
قبْل النّخبة، أدركت الجموع المظلومة بحدسها الأصيل أنّ نظام بن علي الحلقةُ الأضعف، فلم يكن شعاره في مقاومة "الإرهاب" إلاّ مثابرةً في تنفيذ أجندة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الأميركيّة، ولم تكن المعجزة الاقتصاديّة في تونس إلاّ كذبة من أكاذيب رأس المال المعولم، دأبت فرنسا خاصّة على ترويجها لتسويغ أنظمة دون المافيا خُلُقا وأداءً. وكانت الجموع المُفقّرة في الأعماق تدرك هذا وتعلم علم اليقين أنّه نظام أوْهَى من بيت العنكبوت. فلم يكن من رأس الاستبداد إلاّ التولّي رُعبا والفرار ذُعرا أمام أوّل اختبار جدّي، منذ استيلائه على الحكم سنة 87 بعنوان إنقاذ البورقيبيّة من بورقيبة.
وبقدر ما ضاعف ظهور الدّولة الوطنيّة من ضمور تيّار النّهضة والإصلاح، حين تبنّت الدّولة النّاشئة ظاهرًا جلّ عناوينه، كان إمعانها في شطب مؤسّسات الإسلام التقليديّة واتّجاهها إلى تحديث قسري كافييْن لتنطرح معان جذريّة باسم الإسلام، من خارجها. ومن ثمَّ اجتماع شروط صدام غير منفصل عن معركة التحرير الوطني، رغم تبدّل العناوين. ومن هذا المنظور عُدّت الثورة في تونس انتصارا سياسيّا قوامه تجاوز بنية النّظام العربي وريث الاستعمار، وهي بنية مضادّة للحريّة حالت دون الشروع الفعلي في تأسيس الاستقلال المنشود عشيّة رحيل جيوش المستعمر.
يطرح وصول الإسلام السياسي إلى الحكم بعد الثورة مسألة التأسيس وبدائله. ومدى قدرة هذا التيّار على النّهوض بأعباء المرحلة. ذلك أنّ التحدّي السياسي الذي واجهه لم يكن يُسعفه بطرح الأسئلة الملائمة وأجوبتها المناسبة. وقد استنزفته حالة الصّدام الغالبة على علاقته بنظام الاستبداد. فكان عطاء حركة النهضة في السياسة والمعرفة والإستراتيجية هزيلا قياسا إلى تضحيات مناضليها على امتداد أربعة عقود.
من يحكم؟ كان سؤال الإسلام السياسي، في حين كان سؤال الفكر الإصلاحي كيف نحكم؟ وهذا ما يرشّح هذا الفكر في تعبيراته المعاصرة للتأسيس الفعلي. لذلك يُفسِح وصول الإسلام السياسي إلى الدّولة -بتفويض شعبي بعد انتخابات ديمقراطيّة- الطريقَ أمام تيّار النهضة والإصلاح لتكون وجهته الجامعة محضن المشاريع الكبرى.
وقد كانت تجربتا تركيا وماليزيا رائدتين، من خلال تيّار العدالة والتنمية الذي نضج فكرةً في الجامعة قبل أن يصبح قوّة سياسيّة في الجمهوريّة الثانية التركيّة، وحزب عدالة الشعب مع أنور إبراهيم باعث الجامعة الإسلاميّة العالميّة بماليزيا، واتّجاه إسلاميّة المعرفة مع الشهيد إسماعيل الفاروقي مؤسس المعهد العالي للفكر الإسلامي بالولايات المتّحدة. وتركّزت وظيفة الجامعة عند هؤلاء، على وظيفة الإنتاج الفكري العميق والمنهجي، وتجديد قضايا التربية والتعليم بغاية تطوير أنساق قادرة على ترجمة الرؤى الإسلاميّة في المعرفة الإنسانيّة إلى نماذج عمليّة تستجيب لحاجات المجتمعات الإسلاميّة وتفتح آفاقا أمام الإنسانيّة.
استقرّت الثورة في تونس منوالا تقاس عليه سبل الإطاحة بالمستبدّ، وينتظر منها أن تَبْني منوالا في الخروج من بنية الاستبداد، ومثالا في تأسيس الحريّة وتحقيق التنمية |
لم يكن موقف حركة النّهضة من قضيّة تطبيق الشريعة مجرّد موقف سياسي أمْلَتْه ضرورات صياغة الدستور، وصورة من ثقافة التوافق في سياق البناء الثوري الجديد، بقدر ما يبدو مؤشّرًا على حقيقة الحركة نفسها. فكما كان مسار تطوّرها العام -من جهة بنائها التنظيمي ورؤيتها السياسيّة، في مسيرتها الممتدّة على أربعة عقود- من جماعة عقديّة إلى حزب سياسي، توتّرتْ في مستوى هويّتها الفكريّة بين حقيقة اندراجها ضمن تيّار الإسلام السياسي وفكر النهضة والإصلاح الذي لا يخفى أثره على رئيسها الأستاذ راشد الغنّوشي، ويجد هذا الأثر صداه في انفتاح دروسه بمساجد العاصمة وكتاباته السياسيّة في الصحافة التونسيّة، منذ مطلع الثمانينيّات، على فكر مالك بن نبيّ. وتنبيهه المبكّر على أهميّة مدرسة المقاصد مع العلاّمة محمّد الطاهر بن عاشور وعطائها في هذا المبحث، إذ لم تكن أطروحة بن عاشور في كتابه مقاصد الشريعة شرحا لعلم المقاصد الذي كانت انطلاقته مع العزّ بن عبد السلام واستواؤه مع الإمام الشاطبي، بقدر ما كانت محاولة منهجيّة لتأسيس أصولي جديد يرقى إلى لحظة التأسيس الأصولي الأولى مع الإمام الشافعي في رسالته.
وتتأكّد -في هذه المرحلة التأسيسيّة- ضرورة الانفتاح على كتابات مالك بن نبي في شروط النّهضة، ولُمَع محمّد إقبال في روحانيّة الإسلام الإنسانيّة، ووحدة التجربة الإنسانيّة في اجتهادات علي عزّت بيغوفيتش وروجي غارودي، وإنسانيّة المعرفة في موسوعيّة إسماعيل الفاروقي وعبد الوهّاب المسيري، وغير هؤلاء من روّاد الإصلاح الإنساني في الشرق والغرب.
استقرّت الثورة في تونس منوالا تقاس عليه سبل الإطاحة بالمستبدّ، وينتظر منها أن تَبْني منوالا في الخروج من بنية الاستبداد، ومثالا في تأسيس الحريّة وتحقيق التنمية. ولقد أمكن إلى حدّ الآن تخطّي مرحلة إنقاذ الدّولة بنجاح، رغم ما في مرحلة التأسيس الدستوري التي نحن بصددها من تعثّر. وستكون الانتخابات القادمة بداية المرحلة الثالثة، مرحلة البناء المؤسّسي الإستراتيجي لتونس الجديدة، ومقدّمة لإعادة بناء المجال العربي لكي نكون ضمْن صُنّاع المستقبل في هذا القرن.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.