إسرائيل الآن وحتى عام 2030

إسرائيل الآن وحتى عام 2030 - الكاتب: نبيل السهلي

undefined

على الرغم من مرور 64 عاماً على إنشاء إسرائيل وبالتالي نكبة الفلسطينيين الكبرى، فإن ثمة أسئلة تبرز إلى الأمام حول ما لم تحققه إسرائيل من أهداف عليا رغم العقود الماضية من احتلالها لفلسطين وطرد شعبها.

لقد اعتمدت الحركة الصهيونية وإسرائيل على ركيزتين أساسيتين لفرض صورة ديموغرافية تجعل من اليهود أكثرية على حساب العرب الفلسطينيين وأرضهم. تمثلت الركيزة الأولى بارتكاب المجازر لطرد غالبية الفلسطينيين من أرضهم. واستطاعت العصابات الصهيونية ارتكاب 44 مجزرة في عام 1948 بدعم بريطاني مطلق، مما أدى إلى طرد 850 ألف فلسطيني من أرضهم حتى الخامس عشر من مايو/أيار من عام 1948.

وينتمي هؤلاء اللاجئين إلى 531 مدينة وقرية فلسطينية. ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في بداية عام 2012 بنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم نحو خمسة ملايين لاجئ مسجلون في سجلات الأونروا. ويستحوذ الأردن على 41% منهم، يليه قطاع غزة 22%، ثم الضفة الغربية 16% فسوريا ولبنان على 10.5% على التوالي، كما يوجد بضعة آلاف من اللاجئين في كل من مصر والعراق والمنافي البعيدة، بيد أنهم غير مسجلين في الأونروا لأسباب مختلفة.

أما الركيزة الثانية لفرض الديموغرافيا الإسرائيلية فتجلت في القيام بعملية إحلال للمهاجرين اليهود في المناطق الفلسطينية المحتلة. وفي هذا السياق استطاعت الحركة الصهيونية جذب 650 ألف يهودي من مختلف أنحاء العالم ليصبحوا المادة البشرية لإسرائيل التي أنشئت في الخامس عشر من مايو/أيار 1948.

العصابات الصهيونية طردت عام 1948 (850) ألف فلسطيني شكلوا آنذاك 61% من مجموع الشعب الفلسطيني، ليطلق عليهم لقب لاجئين ويصبح مجموعهم في العام الحالي ستة ملايين لاجئ فلسطيني

عن الطرد والهجرة والإحلال
اتبعت الحركة الصهيونية ووليدتها إسرائيل سياسات محددة لفرض إستراتيجيتها المتمثلة في فرض واقع تهويدي؛ فمن جهة سعت المنظمات الصهيونية المختلفة وإسرائيل إلى تهيئة الظروف لجذب غالبية يهود العالم إلى فلسطين المحتلة بعد طرد أهلها ومصادرة أرضهم.

ولم تتوقف تلك السياسات بعد إنشاء إسرائيل. حيث لعبت الزيادة الطبيعية لليهود في فلسطين وموجات الهجرة اليهودية دوراً في ارتفاع مجموع اليهود في فلسطين المحتلة ليصل إلى 5.9 ملايين يهودي بحلول عام 2012. 40% منهم هم من اليهود الغربيين الأشكناز، و36% من اليهود الشرقيين السفارديم، في حين شكل يهود الصابرا لأب يهودي من مواليد فلسطين المحتلة نسبة 24% من إجمالي اليهود داخل حدود فلسطين التاريخية.

وقد رافق العمل الصهيوني لتحقيق الأهداف الصهيونية الإستراتيجية في فلسطين مصادرة واحتلال مزيد من الأرض الفلسطينية وتهويدها بغية تغيير معالمها الجغرافية والعمل بعد ذلك على فرض فكرة يهودية الدولة الصهيونية ببعديها الديموغرافي والجغرافي.

وفي جانب عمليات الطرد تشير الدراسات المختلفة إلى أن العصابات الصهيونية قد طردت في عام 1948 (850) ألف فلسطيني شكلوا آنذاك 61% من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ 1400000 فلسطيني، ليطلق عليهم لقب لاجئين ويصبح مجموعهم في العام الحالي 2012 ستة ملايين لاجئ فلسطيني.

وتركز معظم اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة عام 1948 في المناطق الفلسطينية الناجية من الاحتلال؛ أي في الضفة والقطاع 80.5%. في حين اضطر 19.5% من اللاجئين الفلسطينيين للتوجه إلى الدول العربية الشقيقة، سوريا والأردن ولبنان ومصر والعراق، بينما توجه العديد منهم إلى مناطق جذب اقتصادية في أوروبا وأميركا، وكذلك إلى دول الخليج العربية، وقد تغيرت الخريطة الديموغرافية للشعب الفلسطيني بعد طرد الجيش الإسرائيلي لنحو 460 ألف فلسطيني في عام 1967 إثر احتلال الضفة والقطاع، ليطلق عليهم لقب نازح ويصبح مجموعهم خلال العام الحالي 1.6 مليون نازح فلسطيني.

ويشار إلى أنه قد صمد في المناطق الفلسطينية التي أنشئت عليها إسرائيل والبالغة 78% من مساحة فلسطين التاريخية المقدرة بـ27009 كيلومترات مربعة، نحو 151 ألف عربي فلسطيني تركزت غالبيتهم في الجليل الفلسطيني، ووصل عددهم في عام 2012 إلى 1.6 مليون عربي فلسطيني.

ورغم أن الأقلية العربية تشكل أكثر من 20% من السكان فإنها لا تمتلك سوى 2% من الأرض التي أنشئت عليها إسرائيل. واللافت أنه بسبب الزيادة الطبيعية العالية بين الفلسطينيين، ارتفع مجموعهم ليصل إلى 11.22 مليون عربي فلسطيني في بداية العام الحالي، حسب الإسقاطات السكانية والاعتماد على معدلات النمو السائدة.

الخريطة الديموغرافية الراهنة للشعب الفلسطيني
الملاحظ أنه رغم السياسات الإسرائيلية السكانية التي أدت إلى عمليات ترانسفير مخطط لها مسبقاً شملت نحو ثلثي الشعب الفلسطيني بعد 64 عاماً من النكبة ، فإن غالبية الفلسطينيين تتركز في حدود فلسطين التاريخية وفي الدول العربية المجاورة.

وتشير المعطيات إلى أن نحو 50% منهم يتمركزون في فلسطين التاريخية. في حين تقطن النسبة الباقية من الشعب الفلسطيني ومقدارها 50% أيضاً من إجمالي الشعب الفلسطيني خارج فلسطين في المنافي القريبة والبعيدة. وتقدر نسبة الفلسطينيين المقيمين في فلسطين وحولها في الدول العربية المجاورة بنحو 80% من مجموع الشعب الفلسطيني.

رغم السياسات الإسرائيلية السكانية التي أدت إلى عمليات ترانسفير وشملت نحو ثلثيْ الشعب الفلسطيني، فإن غالبية الفلسطينيين تتركز في حدود فلسطين التاريخية وفي الدول العربية المجاورة

وبالنسبة لآفاق الصراع الديموغرافي فقد أكد الجهاز الإحصائي الإسرائيلي مؤخراً أن مجموع سكان إسرائيل وصل بحلول عام 2012 قرابة 8 ملايين نسمة. ولفت الجهاز إلى أن اليهود يشكلون نسبة تصل إلى 75% من إجمالي سكان إسرائيل؛ أي بالأرقام المطلقة نحو 5.9 ملايين يهودي. فيما نسبة المواطنين العرب 20.5% وبأرقام مطلقة تصل إلى 1.6 مليون عربي فلسطيني؛ حيث يتضمن الرقم سكان هضبة الجولان السورية أيضاً. هذا إضافة إلى 4.2% من المسيحيين غير العرب.

وأشار الجهاز الإحصائي الإسرائيلي إلى أن عام 2011 شهد زيادة بنسبة 1.8% من إجمالي مجموع سكان إسرائيل؛ أي حوالي 141 ألف شخص. وهي نسبة مماثلة تقريباً للسنوات العشر الماضية. وأوضحت معطيات الجهاز الإحصائي الإسرائيلي أن 166.800 طفل مولود جديد وحوالي 17.500 مهاجر جديد وصلوا إلى إسرائيل والأراضي العربية المحتلة طوال العام المنصرم 2011.

ومن جهته أشار جهاز الإحصاء الفلسطيني في رام الله إلى أن عدد الفلسطينيين تجاوز الـ11 مليون نسمة مع بداية عام 2012. موزعين على الأراضي الفلسطينية وإسرائيل وفي الشتات الفلسطيني أيضاً. وأكدت معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني أن مجموع الفلسطينيين المقدر في العالم هو حوالي 11.22 مليون فلسطيني في بداية العام المذكور.

وثمة 4.23 ملايين منهم يتمركزون في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. فضلاً عن حوالي 1.37 مليون فلسطيني في داخل الخط الأخضر؛ وما يقارب 4.99 ملايين في الدول العربية؛ ناهيك عن نحو 636 ألف في الدول الأجنبية. وأضاف التقرير أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية بلغ حوالي 2.6 مليون نسمة، و1.6 مليون في قطاع غزة الذي لا تتعدى مساحته 365 كيلومتراً مربعاً.

وبلغت نسبة السكان اللاجئين في المنطقتين 44% من إجمالي السكان. لكنها ترتفع لتصل إلى نحو 76% في قطاع غزة؛ حيث يتركز 53% من اللاجئين في القطاع في ثمانية مخيمات. وبالنسبة للإسقاطات السنوية المستقبلية، فقد توقع جهاز الإحصاء الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية (الأراضي الفلسطينية وما يسمى إسرائيل) سيتخطى عدد اليهود عبر الزمن.

ماذا عن عام 2030؟
على الرغم من بعض النجاحات في الإستراتيجية الإسرائيلية خاصة في شقها السكاني؛ فإن الهاجس الديموغرافي سيكون سيد الموقف في المشهد الإسرائيلي. وفي هذا السياق أكد الجهاز الإحصائي الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية بلغ حوالي 5.6 ملايين مع بداية عام 2012. في مقابل ذلك بلغ عدد اليهود 5.9 ملايين بناء على تقديرات الجهاز الإحصائي الإسرائيلي.

وتبعاً لمعدلات النمو السكاني السائدة في عام 2012 بين الفلسطينيين واليهود في إسرائيل سيتساوى عدد السكان الفلسطينيين واليهود في نهاية عام 2015، حيث سيبلغ ما يقارب 6.3 ملايين؛ وذلك إذا بقيت معدلات النمو السائدة حاليا. وستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 48.7% من مجموع السكان في فلسطين التاريخية؛ وذلك بحلول نهاية عام 2020. حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.8 ملايين يهودي في مقابل 7.2 ملايين فلسطيني.
سيصل مجموع الأقلية العربية داخل الخط الأخضر بحلول عام 2030 إلى 2.4 مليون عربي فلسطيني سيمثلون نحو 24.2% من مجموع السكان العرب واليهود

وفي عام 2030 سيصل مجموع اليهود إلى 7.5 ملايين يهودي في داخل فلسطين التاريخية في حين سيصل مجموع العرب الفلسطينيين إلى نحو 10.2 ملايين عربي فلسطيني يمثلون نحو 50% من مجموع الشعب الفلسطيني في العام المذكور والمقدر بنحو 20.4 مليون عربي فلسطيني.

وتبعاً للاتجاه العام لمعدلات النمو السائدة بين الأقلية العربية في داخل الخط الأخضر والبالغة نحو 3% سنوياً فإنه سيصل مجموعها بحلول عام 2030 إلى 2.4 مليون عربي فلسطيني، سيمثلون نحو 24.2% من مجموع السكان العرب واليهود.

وفي مقابل ذلك، سيشكل مجموع اليهود ما نسبته 42.4% من إجمالي العرب واليهود في فلسطين التاريخية في العام المذكور والمقدر بنحو 17.7 مليون نسمة، أما العرب الفلسطينيون أصحاب الأرض الأصليون فستصبح نسبتهم في وطنهم الأم 57.6%، وذلك على الرغم من عمليات الترانسفير التي شملت الآلاف منهم خلال العقود الماضية من الصراع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.