حرب غزة في حسابات التجربة الوطنية الفلسطينية

تصميم فني العنوان: حرب غزة في حسابات التجربة الوطنية الفلسطينية الكاتب: ماجد كيالي


نحو مراجعة نقدية
مقاربة تاريخية
مقاومة الفلسطينيين وهزيمة إسرائيل

مجددًا وفي قطاع غزة، أثبت الفلسطينيون قدرة عالية على الصمود والمقاومة، كما أثبتوا قدرة على إيلام إسرائيل، وفضح طبيعتها كدولة استعمارية عنصرية متجبرة، تستخدم القوة الطاغية والعمياء في محاولاتها قهر الفلسطينيين والسيطرة عليهم، والإمعان فيهم تجويعا وقتلا وتدميرا، في ظل موازين قوى، ومعطيات عربية ودولية، غير متكافئة البتّة.

على ذلك فإن الفلسطينيين بعد كل التجارب التي مروا بها طوال العقود الماضية -لا سيما في الانتفاضتين الأولى والثانية- لم يعودوا بحاجة إلى الإثبات بأنهم شعب شجاع ومضحٍّ وصاحب كرامة، بقدر حاجتهم -أيضا- إلى الإثبات لأنفسهم ولغيرهم بأنهم شعب قادر -أيضا- على تحويل معاناته وتضحياته وبطولاته إلى إنجازات سياسية، أي إلى وقائع على الأرض، سواء في مواجهة عدوهم أو في إطار بناء مجتمعهم وكيانهم.

نحو مراجعة نقدية
معنى ذلك أن المعضلة المزمنة تكمن هنا، أي في عملية التحويل والبناء، فمن الواضح أن كلفة نضال الفلسطينيين ومعاناتهم البشرية والمادية والمعنوية لا تتناسب مع العوائد المرجوة منها على كافة الأصعدة، هذا إذا لم تكن على الضدّ من ذلك، حيث ظل الفلسطينيون طوال القرن الماضي يخسرون معاركهم ضد المشروع الصهيوني، كما ضد دولته المصطنعة إسرائيل، في حين نمت هذه الدولة وتطورت على حساب أرضهم وكيانهم ومستقبلهم -وما زالت- بسبب طبيعة بناهم وتخلّف إدارتهم لأوضاعهم وعلاقاتهم، وطريقة إدارتهم لصراعهم ضد عدوهم.

طبعا ليس القصد من هذا الكلام تحميل الفلسطينيين لوحدهم مسؤولية عدم النجاح في هذه المعركة الممتدة في الزمان والأشكال ضد المشروع الصهيوني، إذ ثمة قسط كبير من المسؤولية يقع على عاتق الظروف الموضوعية (الدولية والإقليمية) التي ساعدت إسرائيل على النشوء والاستقرار والتفوّق، لا سيما أنها بنيت بشكل تتمكّن فيه من مواجهة مجموع الدول المحيطة بها، إضافة إلى تمتعها بضمانة الدول الكبرى (بريطانيا ثم الولايات المتحدة) لأمنها وتفوقها العسكري والاقتصادي والعلمي، فضلا عن احتكارها لحيازة السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط.

فما نقصده هنا هو ضرورة لفت انتباه الفلسطينيين إلى هذا الوضع غير الطبيعي، وضرورة وضع حد له من خلال تغيير المعادلات السياسية التي ما زالوا يتشبثون بها، ويشتغلون عليها منذ نحو نصف قرن على الأقل. فلقد بيّنت التجربة أن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى الخروج من نطاق الأيدولوجية إلى الواقعية، ومن إطار المطلقات إلى النسبيات، ومن أسر العواطف إلى العقلانية.

"
الفلسطينيون يفتقرون إلى وعي ضرورة تعزيز كيانهم السياسي وتنظيم أوضاعهم، ومأسسة إطاراتهم، ودمقرطة علاقاتهم، كما يفتقرون إلى التمييز بين ضرورة التوافق على خطابات سياسية ووسائل كفاحية معينة
"

أيضا فإن الفلسطينيين بحاجة إلى التفكير في أوضاعهم وقضيتهم وشكل كفاحهم وخطاباتهم بطريقة سياسية برغماتية ومستقبلية، أي بطريقة نسبية تدرجية بنائية، على الأقل بقدر ادعائهم النظري بالتمسك بالثوابت، إن لم يكن أكثر.

ولقد بيّنت التجربة أيضا أن الفلسطينيين يفتقرون إلى وعي ضرورة تعزيز كيانهم السياسي وتنظيم أوضاعهم، ومأسسة إطاراتهم، ودمقرطة علاقاتهم، وإلى التمييز بين ضرورة التوافق على خطابات سياسية ووسائل كفاحية معينة، وبين الحق في الرأي والاختلاف والتعددية السياسية، وهو ما بدّد من إمكانياتهم وشوّش على شعبهم وأضعف صدقيّتهم على الصعيد الخارجي.

إن تحديد مكامن الضعف هذه في عمل الساحة الفلسطينية لا تقلل من أهمية الإنجازات المتحققة، إذ نجح الفلسطينيون خلال صراعهم الطويل والمرير والدامي ضد المشروع الصهيوني في وضع علامات شكّ حوله، كما استطاعوا زعزعة أمن إسرائيل وخلخلة استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكشفوا طابعها الّلاأخلاقي الاستعماري والعنصري والإرهابي والإلغائي، وبيّنوا صعوبة السيطرة على شعب آخر، ما وضع قضيتهم على رأس الأجندة الدولية (وحتى الإسرائيلية) رغم كل التعقيدات المحيطة بها. كما استطاع الفلسطينيون الحضور من الغياب وفرض حقيقتهم كشعب، رغم النكبة وواقع التشرد والحرمان من الوطن والهوية، الذي أحاق بهم نتيجة قيام إسرائيل على أنقاض وطنهم.

لكن لنكن واقعيين أيضا، فإن مرد هذه الإنجازات الوطنية يعود إلى عناد الفلسطينيين وتمسكهم بقضيتهم، وروح التضحية العالي عندهم وإحساسهم التاريخي بدورهم المتميّز في مواجهة المشروع الصهيوني، أكثر من عودته إلى خطة أو إستراتيجية عمل متوافق عليها في الساحة الفلسطينية، كما أن هذه الإنجازات تفتقد لبنى مستدامة وممأسسة تشكل إطارا للفلسطينيين وتنظم طاقاتهم.

وهذا وذاك يعطيان شرعية للخشية من إمكان تبدّد المنجزات الوطنية وتآكلها إذا بقيت الساحة الفلسطينية على خلافاتها وانقسامها، وخصوصا إذا لم تجر عملية تنظيم وتقنين لهذه الخلافات على قاعدة التعددية والديمقراطية وتقبل الرأي الآخر.

ومثلا، فأين هي منظمة التحرير؟ وكيف تم استثمار الانتفاضة الأولى؟ وكيف تمت إدارة الانتفاضة الثانية؟ وما مآل الكيان الفلسطيني؟ وما هي طريقة مشاركة التجمعات الفلسطينية في تقرير الخيارات السياسية الكبرى؟ ثم كيف تخلت الحركة الفلسطينية عن طابعها كحركة تحرر وطني وتحولت إلى سلطة؟ وكيف تحولت قضية فلسطين من قضية تحرر من الاستعمار والعنصرية إلى قضية إعانات ومعابر وشرعيات.. وهكذا.

مقاربة تاريخية
ولعله من المفيد في هذا السياق عرض جردة لحساب الخسائر الفلسطينية من الناحية البشرية -على سبيل المثال- من دون أن ننسى الخسائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تكبدها الشعب الفلسطيني خلال بعض مراحل كفاحه العنيد والمديد والمرير ضد المشروع الصهيوني وإسرائيل.

مثلا، في ثورة الأعوام 1936-1939 قدرت خسائر الفلسطينيين بنحو سبعة آلاف شهيد وعشرين ألف جريح وخمسين ألف معتقل، أي بمجموع قدره 77 ألفا من سكان لا يتجاوز عددهم المليون الواحد.

"
الانتفاضة الأولى (1987-1993) حققت مكاسب كبيرة، إذ أسهمت في خلخلة أمن إسرائيل، وأثارت تناقضاتها الداخلية، وقوضت صورتها الخارجية، ووضعت الشعب الفلسطيني على الخارطة الدولية
"

وثمة عديد من المؤرخين يرون أن هذه الثورة التي تركزت على الانتداب البريطاني -على أهميتها- ساهمت عن غير تخطيط في تبديد طاقة الفلسطينيين في مواجهة الصهيونية، إذ عندما أزفت اللحظة المناسبة (1948) كان الفلسطينيون يفتقدون للسلاح اللازم الذي سحبته منهم القوات البريطانية، كما كانوا يفتقدون لقياداتهم التي باتت في المنافي، وللكوادر المناضلة المجربة التي استشهدت أو أودعت السجون أو غادرت فلسطين، ما فتح الوضع على الفوضى وغياب مقاومة فلسطينية فاعلة، وهو ما سهل على العصابات الصهيونية اقتلاع معظم شعب فلسطين من أرضه وتشريده.

ومن ذلك يتضح أن بنى الحركة الفلسطينية قبل العام 1948 لم تكن على الدرجة المناسبة من القوة الممأسسة والفاعلية، وأن قيادات هذه الثورة حينها لم تكن على درجة مناسبة من الدراية لطبيعة ما يجري، كما أن هذه القيادات زجّت كل طاقات الشعب في معمعان الثورة مرة واحدة بدون أي حساب لما بعد ذلك، ما بددها وجعل الشعب الفلسطيني في حالة من الضعف لم تمكنه من الصمود أمام العصابات الصهيونية المسلحة التي عملت على تأسيس دولة إسرائيل.

ويبدو أن هذا الأمر تكرر في المرحلة المعاصرة في تجربة الانتفاضة الثانية التي اندلعت في سبتمبر/أيلول 2000 وتحولت إلى مواجهات مسلحة بلغت خسائر الفلسطينيين فيها نحو ستة آلاف شهيد و60 ألف جريح وعشرات ألوف المعتقلين، بقي منهم حتى الآن نحو 11 ألف معتقل من 3.5 ملايين فلسطيني.

ففي هذه المواجهات خرجت المقاومة الفلسطينية من قواعد حرب الشعب طويلة الأمد التي تستخدم إستراتيجية حرب الضعيف ضد القوي، والتي تحيد القوة العاتية للعدو وتعمل على استنزافه وإرهاقه، وخلق التناقضات في صفوفه ورفع كلفة احتلاله، إلى مربع المواجهات المسلحة، بخاصة وفق نمط العمليات التفجيرية والقصف الصاروخي، ما أدى إلى تجريد إسرائيل كل قوتها ليس فقط لضرب المقاومة المسلحة، وإنما أيضا لشل قدرة الشعب على المقاومة.

وهكذا، وبدلا من أن تستنزف المقاومة الفلسطينية المسلحة عدوها، قام هو باستنزافها وإنهاكها وشل حركتها والتشكيك في مقاصدها على الصعيد الدولي.

وللمقارنة فقد استشهد في انتفاضة الأعوام 1987-1993 التي طغى عليها طابع الانتفاضة الشعبية -وإن اشتملت على عمليات مسلحة ضد المستوطنين والعسكريين في الأراضي المحتلة عام 1967- نحو 1600 شهيد، في حين بلغت خسائر إسرائيل البشرية 383 قتيلا فقط، وقتل في المواجهات منذ سبتمبر/أيلول 2000 نحو 1060 إسرائيليا.

مع ذلك فإن الانتفاضة الأولى حققت مكاسب كبيرة، إذ أسهمت في خلخلة أمن إسرائيل، وأثارت تناقضاتها الداخلية، وقوضت صورتها الخارجية، ووضعت الشعب الفلسطيني على الخارطة الدولية.

ومقابل الألوف وعشرات الألوف من ضحايا الحروب العربية الإسرائيلية (من فلسطينيين ومصريين ولبنانيين وسوريين وأردنيين وغيرهم)، ومثلهم من ضحايا الحروب الأهلية المعطوفة على هذه الحروب، فإن مجموع ما تكبده الإسرائيليون منذ قيام إسرائيل (1948) بلغ نحو 20 ألف قتيل لقوا مصرعهم بعد قيام إسرائيل، ضمنهم ستة آلاف قتلوا في الحرب الأولى (معاريف 1/5/2006)، و803 في حرب الأيام الستة، و 738 في حرب الاستنزاف (هآرتس 8/8/2003)، وثلاثة آلاف في حرب 1973 (معاريف 10/8/2006)، ونحو 860 في عمليات المقاومة الوطنية اللبنانية خلال 18 عاما (1982-2000).

"
الوضع الفلسطيني أضعف قياسا بحزب الله في لبنان، ناهيك عن أن التجربتين مختلفتان، ولا يمكن نقل تجربة حزب الله إلى فلسطين، فهناك دولة ذات سيادة وعمق ومدى إستراتيجي مفتوح، عكس الوضع المغلق للأراضي المحتلة
"

إن القصد من هذه الجردة هي التأكيد أن حرب الشعب أو المقاومة المسلحة ليست مسألة عفوية أو مزاجية، وأنها تحتاج إلى بنى فاعلة صلبة، كما تحتاج إلى مستوى مناسب من الوحدة الوطنية، وإلى خطاب سياسي واضح ومقبول.

ولنا في تجربة حزب الله في لبنان مثالا يحتذى في ذلك، فهذا الحزب حرص على عدم زجّ كل قواه في صراعه ضد إسرائيل، ولم يشن حربا هجومية ضدها.

وعموما فقد أدار هذا الحزب مقاومته للاحتلال باقتدار عال، فتحكم في وتائر المقاومة ولم يتركها تفلت، ولم يستدرج للاستفزازات من قبل إسرائيل. وربما يستغرب البعض بأن عدد القتلى الإسرائيليين الذين لقوا مصرعهم نتيجة عمليات المقاومة منذ ما بعد غزو لبنان (1982) حتى الانسحاب (2000) لم يتجاوز 860 إسرائيليا في 18 عاما، بمعدل 45 إسرائيليا في العام، في حين أن عمليات المقاومة الفلسطينية أدت إلى مصرع ألف من الإسرائيليين في أربعة أعوام (2001-2004)، ضمنهم 420 إسرائيليا عام 2002، أي نصف عدد القتلى الإسرائيليين في عمليات حزب الله خلال 18 عاما!.

لكن النتيجة أو التداعيات لم تكن واحدة، إذ إن الوتيرة المتوازنة من عمليات حزب الله ساعدته على الاستمرار وتنمية قواه، ما مكّنه من الاستفادة من ذلك في صد العدوان الإسرائيلي عام 2006 وكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

غير أن الوتيرة العالية من عمليات المقاومة الفلسطينية جلبت مصرع وجرح واعتقال عشرات الألوف من الفلسطينيين، وأدت إلى تقويض الكيان الفلسطيني ومعاودة احتلال الضفة الغربية، وبناء الجدار الفاصل، وتحويل قطاع غزة إلى سجن كبير، ثم تراجعت عمليات المقاومة بدرجة كبيرة جدا، إذ شهد العام 2007 مصرع 11 إسرائيليا فقط، وعام 2006 مصرع 24 إسرائيليا، وعام 2005 نحو 50 إسرائيليا.

ومعلوم أن الوضع الفلسطيني أضعف قياسا بحزب الله في لبنان (محليا وإقليميا)، ناهيك عن أن التجربتين مختلفتان ولا يمكن نقل تجربة حزب الله إلى فلسطين، فهناك دولة ذات سيادة وعمق ومدى إستراتيجي مفتوح، عكس الوضع المغلق للأراضي المحتلة. كذلك فإن مكانة الأراضي الفلسطينية هي غير الأراضي اللبنانية، بالنسبة إلى الإسرائيليين.

مقاومة الفلسطينيين وهزيمة إسرائيل
القصد من ذلك أن الفلسطينيين لوحدهم يستطيعون خلخلة أمن إسرائيل ورفع كلفة الاحتلال، وكشف حقيقة هذه الدولة العنصرية والإرهابية والاستعمارية، ولكن هزيمة هذا المشروع مسؤولية عربية لأن هذا الأمر يحتاج إلى توازن في القوى ولو بالمعنى النسبي، وهو يحتاج بالضرورة إلى وضع عربي مناسب، كما يحتاج إلى معطيات دولية مواتية لأن إسرائيل تدين بأمنها ووجودها لضمانة العالم الغربي -لاسيما الولايات المتحدة- لها.

القصد أننا في هذه المرحلة لسنا في زمن حرب التحرير، وإنما في زمن صراع الإرادات والخيارات، زمن الصراع على رفع كلفة الاحتلال وكلفة إسرائيل في المنطقة، على الدول الغربية وعلى الولايات المتحدة. وبمعنى أخر نحن لسنا الآن في مرحلة حرب الضربة القاضية، وإنما نحن في زمن الصراع على النقاط.

على ذلك فإن القيادات الفلسطينية -سلطة ومعارضة- معنية بدراسة خطط عملها ووضع الكفاح الفلسطيني على سكة تقلل من خسائره وتزيد خسائر عدوه، سكة تؤدي إلى تحقيق الإنجازات وتراكم النجاحات في صراع يفترض أنه طويل وممتد في الزمان والأشكال.

هكذا فإن هذه القيادات معنية بترشيد كفاح الشعب وعدم التفريط في طاقاته بالزج بها مرة واحدة في معركة حاسمة غير متكافئة وغير محسوبة سياسياً، وقيادته نحو هدفه بأصوب وأفضل ما يمكن، ما يفترض منها قيادة الشارع وليس الانقياد لغرائزه وعواطفه، وهذا هو جوهر العمل القيادي والسياسي الذي يرتبط بموازين القوى والتفاعلات السياسية.

"
نتائج حرب غزة والتداعيات الناجمة عنها، ستقرر إلى حد كبير مصير الحركة الوطنية الفلسطينية، ومصير عملية التسوية وكيان السلطة المنبثق عنها، كما ستقرر مستقبل ومكانة حركتي حماس وفتح في الساحة الفلسطينية
"

طبعا نحن هنا نؤكد شرعية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، ولكننا نؤكد أن الشعب -والمقاومة الشعبية- هو الأساس في مقاومة المستعمر. كما لا نتناول مسألة الغلبة في ميزان القوى، فلطالما كانت الشعوب المستعمرة أضعف بإمكانياتها العسكرية من المستعمر..

ولكن الحديث هنا يدور عن ضرورة إخضاع كافة أشكال المقاومة -وضمنها المسلحة- لإستراتيجية سياسية واضحة ممكنة، واختيار أشكال النضال الملائمة لكل مرحلة. مع تأكيد أن نجاعة أي شكل نضالي تتحدد بضمان ديمومته وتحمل تبعاته، وتأمين مقومات الحياة الطبيعية للشعب، كما تتحدّد بشل قدرة الطرف الآخر على استخدام أقصى قوته.

لقد جدد صمود غزة والمقاومة الفلسطينية -كما المقاومة في لبنان والعراق- فكرة أن المجتمعات المتحررة من قيود الأنظمة هي التي تقاوم العدوان والاحتلال.

وعلى أية حال فإن نتائج حرب غزة والتداعيات الناجمة عنها ستقرر إلى حد كبير مصير الحركة الوطنية الفلسطينية، ومصير عملية التسوية وكيان السلطة المنبثق عنها، كما ستقرر مستقبل ومكانة حركتي حماس وفتح في الساحة الفلسطينية. ولاشك أنها أيضا ستقرر مصير ومكانة إسرائيل في المنطقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.