حياتي



عرض/ محمد منشاوي
يتعرض الكتاب ببساطة لمسيرة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون منذ مولده إلى ما بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية للولايات المتحدة, الكتاب محطات هامة تعرض لتاريخ الولايات المتحدة داخليا وخارجيا كما عاشها وأدركها بيل كلينتون خلال سنوات عمره الثماني والخمسين.


undefined-اسم الكتاب: حياتي
–المؤلف: بيل كلينتون
-عدد الصفحات: 957
-الطبعة:
الأولى 2004
الناشر: الفريد نوبف, أميركا


ولا ينقسم الكتاب إلي عدة فصول وعلي رأس كل فصل عنوان كما في تركيبة الكتب التقليدية, بل يتكون من 55 وحدة منفصلة بدون أي عناوين ولا يصنفها ويميزها سوي تسلسلها التاريخي.

وعلى ذلك يمكن أن يقسم الكتاب إلى جزأين الأول: منذ مولد بيل كلينتون في 19 أغسطس 1946 وحتى بلوغه البيت الأبيض 1992. والثاني: سنوات البيت الأبيض الثماني من 1982-2000.

والكتاب عبارة عن بورتريه لزعيم ليس فقط أميركي بل عالمي نال حب وكره الناس في مختلف دول العالم, وهو أحد أكثر السير الذاتية تفصيلا وشمولا مقارنة بسيرة أي زعيم سياسي أخر في التاريخ المعاصر.

يعتبر الرئيس بيل كلينتون أحد أكثر الشخصيات السياسية حبا أو كرها عند الكثير من الأميركيين, وخلال فترة سنوات حكمه الثماني شهدت الولايات المتحدة فترة هامة من تاريخها المعاصر تميزت بالنمو الاقتصادي وظهور تطورات تكنولوجية غير مسبوقة كما في حالة "الإنترنت" وحقق العديد من الانجازات السياسية داخليا وخارجيا.

وأثار الكتاب منذ نزوله في الأسواق الأميركية ومازال الكثير من العواصف السياسية بدءا بسبب نزوله في هذا التوقيت الحساس حيث أن الانتخابات الرئاسية الأميركية على الأبواب في نوفمبر القادم, والجدل بشأن مساعدة الكتاب للمرشح الديمقراطي للرئاسة السيناتور جون كيري أو الإضرار به, وانتهاء بما احتواه الكتاب من تفاصيل فضائح الرئيس الجنسية وسجلاته السياسية بإنجازاتها وإخفاقاتها.

محطات بارزة


خلال فترة سنوات حكم كلنتون الثماني تميزت الولايات المتحدة بالنمو الاقتصادي وظهور تطورات تكنولوجية غير مسبوقة, وحققت العديد من الإنجازات السياسية داخليا وخارجيا

يتناول الكتاب عددا من المحطات المهمة في حياة بيل كلينتون على النحو التالي:
• مشاهدته المناظرة الرئاسية عندما كان في سن العاشرة في أول تليفزيون تملكته أسرته الفقيرة سنة 1956.
• عمله كمتدرب مع السيناتور وليام أولبرايت وهو طالب في جامعة جورجتاون بواشنطن العاصمة.
• حصوله علي منحة "رودس" القيمة والتي أخذته إلى جامعة أكسفورد البريطانية العريقة, هناك أصبح جزءا من حركة الاحتجاج على حرب فيتنام.
• دخول جامعة يل لدراسة القانون وهناك تعرف على زوجته هيلاري كلينتون.
• عودته لولاية أركانسو مسقط رأسه وبدء دخول المعترك السياسي على نطاق الولاية حتى أصبح حاكما للولاية.
• الحملة الانتخابية عام 1992, وأسلوب إدارتها الجديد.
• تبادله الشتائم والسباب مع قيادات الحزب الجمهوري بمجلسي النواب والشيوخ, نيوت جينجريتش وبوب دول.
• فشله في التوصل لاتفاق سلام بين ياسر عرفات وإسحاق رابين.
• فضائحه النسائية, جينفر فلاورز, بولا جونز, ومونيكا لوينسكي.

حياته ومواقفه وإنجازاته
وتتناول وحدات الكتاب الأولى فترة طفولة بيل كلينتون والتي قضى معظمها في ولاية أركانسو-إحدى أفقر الولايات في أميركا- حيث ولد لأسرة متوسطة الحال اقتصاديا بمعايير ولاية أركانسو. وتوفي والده قبل ثلاثة أشهر من ميلاده. وفي عام 1956 أصبح لبيل كلينتون ولأول مرة أب, وهو زوج أمه "روجر كسيدي كلينتون", وفي سنة 1957 عندما بلغ سن الحادية عشرة كانت المرة الأولى التي يسافر فيها بيل كلينتون إلى خارج ولاية أركانسو حيث سافر لمقر عمل والدته الممرضة في مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا المجاورة.

ويعبر كلينتون عن تأييده الواسع لحركة الحقوق المدنية الأميركية وزعيمها الكاريزمي مارتن لوثر كينغ, ومطالبات الحركة بالمساواة بين الأعراق في الولايات المتحدة, في عام 1963, وعندما كان بيل كلينتون في السابعة عشرة يذكر نقطة هامة في تاريخه "استمعت إلى أعظم الخطب في كل حياتي, وهي لزعيم الحقوق المدنية الأميركي مارتن لوثر كينغ أمام النصب التذكاري للرئيس لنكولن –أنا عندي حلم-". كذلك من الجدير هنا التذكير بموقف الرئيس بيل كلينتون المعارض للحرب الأميركية في فيتنام.

ويتحدث بيل كلينتون عن فترة رئاسته الأولى ويلخص إنجازاتها في ست نقاط هي: 1. إعادة بناء اقتصاد قوي وذلك بإحلال جانبي العرض والطلب في المعادلة الاقتصادية بسياسة الاستثمار والنمو.
2. حل معضلة دور الحكومة الفدرالية في حياة المواطنين الأميركيين.
3. التأكيد علي أهمية الجميع في الحياة السياسية الأميركية الداخلية, ورفض جميع أشكال التفرقة على أساس العرق, الجنس, الدين, المعتقدات السياسية.
4. إحلال الأسلوب العملي التطبيقي محل الأسلوب الحماسي الخطابي في سياساتنا الاجتماعية, والتأكيد على دور الحكومة الإيجابي في قضايا محارة الجريمة وتحسين مستوي المعيشة.
5. إعادة تأكيد دور الأسرة كأهم الوحدات الاجتماعية في المجتمع الأميركي, ضرورة دعم هذا الدور من خلال سياسات الحكومة التعليمية والائتمانية والاجتماعية.
6. إعادة رسم الدور القيادي للولايات المتحدة في عالم ما بعد الحرب الباردة كقوة خير تنشر الديمقراطية والرخاء والسلام ومواجهه الأخطار المتزايدة للإرهاب, وأسلحة الدمار الشامل, والجرائم المنظمة, وتهريب المخدرات, والنزاعات العرقية والدينية".


حصل كلينتون في لقاء جنيف 1994على تنازلين من حافظ الأسد حيث أبدى الأخير استعداده للاعتراف بإسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الجولان، والانسحاب من لبنان مقابل "حل شامل لمشكلة الشرق الأوسط

ويرى بيل كلينتون أن هذه الإنجازات منحت "الولايات المتحدة الأساسيات اللازمة للانطلاق نحو القرن الحادي والعشرين" وشكك كلينتون فيما يستطيع تحقيقه من إنجازات في الفترة الرئاسية الثانية لما ذكره من أسباب مجملها "سيطرة الجمهوريين علي الكونغرس, كذلك صعوبة تحقيق إصلاحات كبيرة في الأوقات التي تشهد أداء اقتصاديا متميزا, لكنه أكد على ضرورة المحاولة.

وبنظرة تحليلية لنقاط الرئيس الأميركي الأسبق يتضح لنا حجم الاهتمام بالقضايا المحلية الداخلية مقارنة بحجم الاهتمام بالقضايا الخارجية, فمن النقاط الست, تحدثت خمس نقاط كاملة عن السياسات الداخلية للولايات المتحدة, في حين تبنت النقطة الأخيرة قضايا السياسة الخارجية.

السلام بين العرب وإسرائيل
تحدث كلينتون كثيرا في كتابه عن مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية وعن دور الولايات المتحدة فيها, ويذكر بتفاصيل موقف هام حدث داخل البيت الأبيض عندما ظهرت مشكلة تتعلق بالسيطرة على أحد الطرق في أحد الخرائط, وما كان على كلينتون إلا أنه كما ذكر "أخذ ياسر عرفات وإسحاق رابين إلى غرفة الطعام الخاصة به في البيت الأبيض, وبدأ يتحدث لرابين قائلا له إنه يريد أن يكون جارا جيدا وعرفات يرد, إننا كأحفاد للنبي إبراهيم أكثر من أولاد عمومة".

ويقول كلينتون "إن تبادل الكلمات بين أعداء الأمس كان رائعا" وأضاف "بدون أن أقول كلمة, خرجت وتركتهما وحدهما في الغرفة لأول مرة" و يذكر "أنه خلال عشرين دقيقة توصلوا لاتفاق على المشكلة المثارة".

ويرى كلينتون أن تطوير "ثقة شخصية" بين عرفات ورابين كان شيئا غير متصور من قبل, وتحدث كلينتون بتفاصيل أكبر عن محاولات الوصول لاتفاق نهائي بين عرفات ورئيس الوزراء إيهود باراك. وكانت ذكريات كلينتون عن أخر لقاء مع ياسر عرفات انعكاسا وتلخيصا من وجهة نظره لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

المفاوضات السورية الإسرائيلية
وفيما يخص الجبهة السورية من المفاوضات مع إسرائيل, وصف بيل كلينتون الرئيس السوري حافظ الأسد بأنه كان "قاسيا، ولكن ذكيا". وقال إنه "قبل أول اجتماع معه في جنيف سنة 1994، سمع عن اجتماعات الأسد الطويلة، وتوقع أن يستمر اجتماعهما لست أو سبع ساعات، لأنه كان مرهقا، لكن الاجتماع استمر لساعات أقل".

وقال كلينتون إنه حصل على تنازلين من حافظ الأسد في ذلك الاجتماع "استعداده للاعتراف بإسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الجولان، واستعداده للانسحاب من لبنان مقابل "حل شامل لمشكلة الشرق الأوسط".
وقال كلينتون إن قراره بزيارة سوريا ومقابلة الأسد مرة ثانية وجد معارضة (ربما يقصد من أصدقاء إسرائيل) وذلك بسبب تأييد الأسد لحزب الله. لكن كلينتون كان يعرف أن "الأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحققا أبدا بدون مصالحة بين سوريا وإسرائيل."
وقال كلينتون إنه حاول إقناع الأسد بزيارة إسرائيل، مثلما فعل الرئيس المصري أنور السادات سنة 1977، لكن كلينتون وجد نفسه "يضرب حصانا ميتا"، وأن الأسد لن يقتنع أبدا.

وعن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل في شباردتاون بولاية فيرجينيا الغربية، قال كلينتون إن الأسد، بعد أن زاد مرضه، كان يريد إعادة الجولان قبل وفاته. وإن الأسد، في نفس الوقت، كان يخطط لابنه ليخلفه، ولهذا "كان عليه أن يكون حذرا، وألا يغضب القوي الداخلية في سوريا، والتي سيحتاج لها ابنه بعد أن يخلفه."

وقال كلينتون إن الأسد اقتنع أن إيهود باراك رئيس وزراء إاسرائيل في ذلك الوقت، كان "جادا"، وعلى غير عادته، فوض الأسد وزير خارجيته، فاروق الشرع، للتفاوض.

العلاقات مع إسرائيل
آمن الرئيس الأميركي السابق كغيره من السياسيين الأميركيين بأهمية وإستيراتيجية العلاقات مع إسرائيل, وكان هدفه الأسمى في هذا المجال الوصول إلى اتفاق سلام تاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ويتناول كلينتون حادثة هامة في تاريخ العلاقات بين البلدين عندما كاد كلينتون يرضخ لضغوط الإسرائيليين لإطلاق سراح جوناثان بولارد، الجاسوس الأميركي الإسرائيلي الذي حكم عليه بالسجن المؤبد لسرقته أسرار وزارة الدفاع الأميركية.

وقال كلينتون "إنه فوجئ باهتمام الإسرائيليين بموضوع بولارد, وفوجئ، في أول اجتماع مع أرييل شارون، بعد أن أصبح رئيسا للوزراء، بإصراره على إطلاق سراح بولارد".

وقال كلينتون إن إسحاق رابين وبنيامين نتنياهو، اللذين سبقا شارون في رئاسة الوزارة أيضا ضغطا عليه لإطلاق سراح بولارد.

وأضاف كلينتون أن موضوع بولارد ظهر أيضا خلال مفاوضات نهر "واي" في ولاية ماريلاند، بين ياسر عرفات وبنيامين نتنياهو، عندما سهر معهما كلينتون طول الليل. في الثالثة صباحا وصلوا إلى اتفاق وقرروا التوقيع عليه في منتصف النهار في البيت الأبيض، لكن نتنياهو في السادسة صباحا أبلغ كلينتون "أنه لن يوقع مالم يوافق كلينتون على إطلاق سراح بولارد".

وقال كلينتون نقلا عن نتنياهو "إنني وعدته بإطلاق سراح بولارد إذا قدم تنازلات تنجح المفاوضات, وأنه لهذا السبب قدم تنازلات، ولولا ذلك ما كان قدمها".


كلينتون: علاقتي مع لوينسكي سببت لي إذلالا غير متصور في الحياة العامة والأسرية, إلا أنني أشعر بالتحرر الآن, وتصرفات المحقق الفدرالي كين ستار كانت غير أخلاقية

وأضاف كلينتون: "نعم وعدته، إذا كان ذلك ممكنا, لكن بالنسبة للأميركيين ليس سهلا إطلاق سراح بولارد، لأنه باع أسرارنا بالمال، وليس اقتناعا بمبدأ معين. ولأنه وبعد كل هذه السنوات في السجن، لم يعلن توبته عن الجريمة التي ارتكبها".

وأوضح كلينتون أنه تحدث مع جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووجده صلبا جدا في معارضة إطلاق سراح بولارد، وهدد أنه سيقدم استقالته إذا أصدر كلينتون عفوا عن بولارد.

وعندما أبلغ كلينتون نتنياهو بذلك، "تراجع نتنياهو عن بعض التنازلات التي كان قدمها خلال المفاوضات، ومنها إطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية, لكنه لم ينسحب من الاتفاقية".

العلاقات النسائية
الأجزاء الخاصة بعلاقة الرئيس كلينتون بالنساء هي التي ينتظرها القارئ الأميركي العادي بشغف, وقال كلينتون إن علاقته مع مونيكا لوينسكي كانت نتاج الضغوط التي مارسها عليه خصومه الجمهوريون, وأنها تمثل له "فشلا ذريعا".

وذكر كلينتون أن علاقته مع لوينسكي سببت له إذلالا غير متصور في الحياة العامة وفي الحياة الأسرية, إلا أنه يشعر "بالتحرر الآن". واتهم كلينتون المحقق الفدرالي كين ستار بالكذب وأن تصرفاته غير أخلاقية.

المصدر : أسوشيتد برس