تقرير التنمية البشرية لعام 2001

إبراهيم غرايبة

undefined

-اسم الكتاب:تقرير التنمية البشرية لعام 2001 (توظيف التقنية لخدمة التنمية البشرية)
-المؤلف:برنامج الأمم المتحدة الإنمائيundp
– الطبعة:الأولى 2001 نيويورك

بدأ تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الصدور عام 1990، ويقدم مؤشرات وقراءات لمفردات التنمية البشرية في دول العالم، ومن أهم المجالات والقراءات التي يقدمها: العمر المتوقع عند الولادة، والتعليم، والناتج المحلي، والصحة، ووفيات الأطفال، الاتصالات والإنترنت، والنشر والثقافة، وحقوق الإنسان، والتغذية، الفقر، والخدمات الأساسية، والأداء الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، والبيئة.

ويقدم التقرير قراءات فرعية في كل مجال تزيد في مجموعها عن 150 مجالاً تفصيلياً، ثم يقدم تقديراً عاماً لمستوى التنمية البشرية في كل بلد يتم احتسابه بمعالجة إحصائية ورياضية لمجموع القراءات ويكون بين 0 و 1، وتعتبر الدول التي تحصل على قيمة 0.8 فأكثر ذات تنمية بشرية مرتفعة وتبلغ في تقرير العام 2001 ثماني وأربعين دولة من بينها أربع دول عربية، هي البحرين والكويت والإمارات وقطر، وتأتي إسرائيل في المرتبة 22 متفوقة على جميع الدول العربية.

وكانت النرويج أفضل بلد في العالم في مستوى التنمية البشرية (0.939) تليها أستراليا فكندا، وتعد الدول التي تحرز تقدير 0.5 – 0.8 ذات تنمية متوسطة، وبلغت هذا العام 86 دولة من ضمنها معظم الدول العربية، وأما الدول التي تحرز أقل من 0.5 فهي ذات تنمية بشرية منخفضة وكانت هذا العام 46 دولة من بينها السودان (0.439) وموريتانيا (0.436)، ويأتي التقرير عادة في جزأين، الدراسات والجداول، تخصص الدراسات في كل عام لقضية أساسية في التنمية البشرية، وهي لهذا العام: توظيف التقنية الحديثة لخدمة التنمية البشرية، وتكون أيضاً مصحوبة بجداول وقراءات كثيرة جداً.


استطاعت دول نامية مثل الهند الدخول بقوة في سوق تقنية المعلومات، حيث ارتفعت صادراتها في هذا المجال من 150 مليون دولار عام 1990 إلى 4 مليارات دولار عام 1999، ويتوقع أن يرتفع الرقم عام 2008 إلى 50 مليار.

ويعرض التقرير لهذا العام المجالات التي أسهمت ويمكن أن تسهم بها المعلوماتية والتقنية في التنمية، مثل تقليل نفقات العلاج والتعليم وتبادل المعلومات وإتاحتها وبخاصة مع تطور شبكة المعلومات العالمية وتهيئتها للناس جميعاً.. وساهمت تقنية المعلومات والاتصالات في تسهيل خدمات الدولة والمؤسسات وتبسيطها وتقليل الإنفاق العام. وقد استطاعت دول نامية مثل الهند الدخول بقوة في سوق تقنية المعلومات، حيث ارتفعت صادراتها في هذا المجال من 150 مليون دولار عام 1990 إلى 4 مليارات دولار عام 1999، ويتوقع أن يرتفع الرقم عام 2008 إلى 50 مليار.

تصنيف الدول تقنيا
صنفت الدول حسب الإنجاز التقني إلى خمس فئات هي: القادة، والقادة المحتملون، والنشطون، والمهمشون، والآخرون، والدول القادة بلغت 18 دولة من بينها إسرائيل، وليس بينها دولة عربية أو إسلامية، والقادة المحتملون 18 دولة من بينها ماليزيا، والنشطون : 36 دولة من بينها مصر والهند وإيران وإندونيسيا وتونس وسورية والجزائر، والمهمشون 9 دول من بينها باكستان والسودان، وأما باقي الدول العربية الأخرى بما فيها الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة فهي ليست ذات شأن في الإنجاز التقني.


تنفق إسرائيل على البحث العلمي 2.4% من الناتج القومي الإجمالي على البحث العلمي في حين تنفق الإمارات: 0,6 % والكويت: 0.2% والأردن: 0.3% وتونس: 0.3% وسورية: 0.2% ومصر: 0.2%

تنفق إسرائيل على البحث العلمي 2.4% من الناتج القومي الإجمالي على البحث العلمي في حين أن أكثر بلد عربي ينفق على البحث العلمي لا تتجاوز نسبة الإنفاق فيه 0.6 بل إن معظم الدول العربية لا تظهر لديها أرقام وإحصاءات عن البحث العلمي (الإمارات: 0,6 % الكويت: 0.2% الأردن: 0.3% تونس: 0.3% سورية: 0.2% مصر: 0.2%) و في مجال الاتصالات فإن عدد مشتركي الهاتف في الدول العربية بلغ 69 مشتركاً لكل ألف شخص عام 1999، وكان مستقبلو صفحات الإنترنت 0.4 لكل 1000 شخص عام 2000 وهي نسبة تقل عن 20% من معدلها في الدول النامية وتساوي 250/1 من معدل الدول المتقدمة والغنية، ويجب الأخذ بالاعتبار هنا مدى فاعلية استخدام تقنيات الاتصالات وإسهامها في التنمية والتعليم، وربما يصعب حتى الآن قياس هذا المؤشر ولكن الانطباع العام أن جزءاً كبيراً من استخدامات التقنية لا يؤدي إلى ارتفاع مستوى التنمية بل إنه يزيد العبء الاقتصادي على الأفراد والمجتمعات.

مخاطر وفوائد التقدم التقني
والتقدم التقني يجلب معه مخاطر وفوائد محتملة بعضها يصعب التنبؤ به، ومعظم الدول النامية ليست مستعدة لمواجهة التغير التقني واستيعابه، ومن أهم التحديات المحتملة التي يجب التعامل معها الإضرار بالصحة والبيئة بسبب التلوث المصاحب للمصانع والأجهزة والعقاقير والأدوية والأغذية المصنعة، والإخلال بالنظام البيئي، وقد أسهمت المبيدات مثل DDT في القضاء على الحشرات والآفات الزراعية ومكافحة الملاريا ولكنها أدت إلى كوارث بيئية وقضت على سلالات من الطيور الضرورية للتوازن البيئي والإضرار بصحة الإنسان والتسبب بالسرطان، وبرغم أن معاهدات برنامج الأمم المتحدة للبيئة حظرت استخدامه لكنه مازال الوسيلة الأساسية لدى 23 دولة استوائية على الأقل لمكافحة الملاريا.

وتختلط الفوائد بالأضرار في مجال التقنية، كما أن الدراسات تتوزعها اختلافات الرأي والدوافع والمصالح أحياناًَ مما يجعل اتخاذ موقف واضح وحاسم ليس سهلاً، وخصص الفصل الرابع من الدراسات لإطلاق العنان للإبداع البشري باعتبار ذلك ضرورة يجب أن تتبناها الإستراتيجيات الوطنية ذلك أن التنمية التقنية تبدأ من الوطن ولا يمكن انتظار فوائدها بدون بيئة مشجعة ورؤية للتقنية، ومن التجارب والأمثلة التي يعرضها التقرير: يقضي رجال الصناعة وبخاصة الاتصالات وتصنيع الأخشاب في فنلندا 20% من أوقاتهم في تقديم خبرتهم لطلاب الجامعات، وفي الصين تدعم الجامعات الحكومية البحث العلمي لصالح المؤسسات الصناعية في القطاع الخاص مثل الصناعات البتروكيماوية وتحسين الأنشطة التقليدية في الزراعة، وقدمت الحكومة الكورية الكفاءات وتسهيلات ضريبية للشركات المساهمة في مشروعات البحث العلمي والتطوير التقني، وقدمت تايوان تمويلاً للمشروعات التقنية ذات الطبيعة المغامرة أو المشتغلة بالصناعات الإستراتيجية وخصوما ضريبية على نفقات البحث والتطوير.

وأنشأت دول عدة برامج للتعليم عبر الإنترنت وأخرى لتسهيل وتشجيع مشاركة المدارس في الشبكة وتدريب الطلاب وتعليمهم على الحاسب الآلي ومن الأمثلة الناجحة في هذا المجال جنوب أفريقيا.. وبسبب التغير المستمر في المعلومات والتقنيات فقد أصبح التدريب والتعليم المستمر جزءاً مهماً من برامج التعليم والتنمية حتى يستطيع العاملون والفنيون مواصلة قدرتهم على العمل، وكانت نسبة عالية من المديرين والموظفين يفقدون عملهم بسبب عدم قدرتهم على تعلم مهارات الحاسوب والتقنيات الأخرى التي أدخلت إلى السوق والأعمال بعد تخرجهم من الجامعات. ويقترح التقرير إجراء مراجعة شاملة للمهارات والاحتياجات والتمويل الجزئي لتدريب طلاب المرحلة الثانوية وتشجيع المؤسسات المتشابهة على إقامة مشروعات مشتركة للتدريب، وإعادة تنظيم ميزانيات التعليم لتواجه الاحتياجات المتجددة والمتغيرة أو لاستخدام تقنيات الإنترنت والأقمار الصناعية والراديو والتلفزيون في التعليم والتدريب.


خصصت الولايات المتحدة مائتي ألف تأشيرة سنوياً لاستقدام المهارات والتخصصات ويتوقع أن نصفها سيكون لمبرمجي الكمبيوتر من الهند، ويعني ذلك خسارة مباشرة للهند قيمتها مليارا دولار سنوياً.

ومن المخاطر والأضرار المعروفة في هذا المجال هي هجرة الكفاءات والمهارات من الدول النامية إلى الدول المتقدمة، وخصصت الولايات المتحدة مائتي ألف تأشيرة سنوياً لاستقدام المهارات والتخصصات التي تحتاجها، ويتوقع أن نصفها سيكون لمبرمجي الكمبيوتر من الهند، ويعني ذلك خسارة مباشرة للهند قيمتها مليارا دولار سنوياً أنفقت على تعليم هؤلاء المبرمجين عدا عن الخسائر الأخرى.

ويمكن أن تعوض شبكات المعلومات جزءاً كبيراً من الخسائر الناتجة عن هجرة الخبراء أو تمكنهم من العمل عن بعد في بلادهم مع مؤسسات في الخارج أو من الخارج مع بلادهم، وتفيد الشبكات أيضاً في بناء روابط وقواعد معلومات حول الخبرات وتبادل الوظائف والأعمال والخدمات وتطوير المهن والعلاقات العامة والمهنية.

تقنيات من أجل التنمية البشرية
يعرض الفصل الخامس والأخير من الدراسات للمجالات التي يمكن أن تساهم بها التقنية في القضاء على الفقر، مثل اللقاحات من الملاريا والإيدز والسل، والمحاصيل المقاومة للفيروسات والتي تحتمل الجفاف في الصحراء، والحاسبات منخفضة التكلفة والمخصصة لذوي المعرفة المحدودة، واستخدام الطاقة الشمسية وقوة الرياح.

إن توجيه التقنيات حسب احتياجات الدول المتقدمة قد يجعلها غير ملائمة للدول النائمة أو تحتاج إلى تكييف، وهذا يضع الدول النامية أمام تحدي استيعاب التقنية وتوظيفها لأن نقلها كما هي قد يؤدي إلى نزيف اقتصادي وتدمير بيئي وزيادة الفروق بين الأغنياء والفقراء.

ويمكن أن تتيح شبكات المعلومات والاتصالات وتقنياتها فرصاً سهلة للعمل المشترك ونشر المعرفة وإنضاجها لتلائم الاحتياجات وتكييفها حسب متطلبات المجتمعات المختلفة. ومن أمثلة العمل المشترك التعاون القائم بين مؤسسة بحوث الهندسة الوراثية التطبيقية، وهي مؤسسة عامة مصرية، مع شركة Pioneer hi Bred International التي حصلت على حق استخدام النتائج خارج مصر.

وتتقاسم دول وشركات العمل على أدوية لأمراض نادرة لا تشكل أسواقاً تجارية مجزية أو أمراضا تصيب المجتمعات الفقيرة غير القادرة على شراء الأدوية، وتخصيص جزء من أوقات الشركات (15-20%) وبناها التحتية بحيث يقوم العلماء والخبراء العاملون في الشركات بمجهودات عامة ومن أمثلة ذلك تطوير أنواع من الأرز الغنية بفيتامين أ الذي تم بتمويل عام.. ثم أتيحت النتائج للشركات الزراعية.
ويعرض التقرير نماذج من الإنجاز والتقدم الذي تم في مجالات التنمية البشرية وما لم يتم إنجازه أيضاً، فقد أمكن تقليل نسبة الفقراء الذين يقل دخلهم عن دولار واحد يومياً من 29% عام 1990 إلى 24% عام 1998 ولكن مازال هناك حوالي 900 مليون إنسان يعيشون في فقر مدقع.

وانخفض عدد الذين يعانون من سوء التغذية في الدول النامية بمقدار 40 مليون شخص ما بين 1990- 1992 ولكن مازال 826 مليون نسمة يعانون من نقص التغذية.. ويحصل اليوم 80% من سكان العالم النامي على مياه محسنة تصلح للشرب ومازال مليار نسمة يفتقرون إلى مصادر المياه المناسبة.. وينتظم أكثر من 80% من الأطفال في المدارس، ويتوقع أن 115 مليون طفل في سن الدراسة لا يتلقون التعليم.. وخفضت معدلات وفيات الأطفال الرضع بمقدار الثلثين مع نهاية عقد التسعينات ومازالت معدلات وفيات الأطفال الرضع في دول أفريقيا جنوب الصحراء يزيد على 100 حالة وفاة لكل ألف طفل.

وأخيرا وباختصار فإن التقنية وبخاصة المعلوماتية يمكن أن تحقق مجموعة كبيرة من الإنجازات بشرط الإدراك المسبق والتخطيط لذلك لأنها لن تتحقق تلقائيا ولن تهبط من السماء ومن ذلك:

  1. المشاركة: فقد مكنت شبكة المعلومات الإنترنت والهاتف اللاسلكي الأفراد من الحصول على المعلومات والمشاركة بالقرارات المؤثرة في حياتهم، بدءا من دور الفاكس في انهيار الشيوعية عام 1989 وحتى دور حملات البريد الإلكتروني في إسقاط الرئيس الفليبيني جوزيف إسترادا عام 2001.
  2. المعرفة: لقد ألغت الإنترنت الحواجز الجغرافية ومكنت الناس من الوصول السريع والمنخفض التكاليف للمعلومات في كافة مجالات النشاط الإنساني، مثل التعليم عن بعد في تركيا، والتشخيص الطبي عن بعد في غامبيا، ومعرفة أسعار الحبوب في الأسواق في الهند، واستخدام الكمبيوتر للفلاحين ومحدودي التعليم.
  3. أدوية جديدة: أنواع جديدة من المحاصيل بعضها ذات مواصفات غذائية عالية، أو يمكن زراعتها في الصحراء والتربة المالحة أو ريها بمياه البحر.
  4. فرص جديدة للعمل والتسويق والعمل عن بعد أو في المنازل.
المصدر : غير معروف