الإنترنت.. عالم متغير

عرض/ رؤى زاهر
تزخر المكتبة العربية بالعديد من الكتب باللغة العربية تشرح الإنترنت وكيفية التعامل معها، وترشح مواقع للتصفح مما يجعل القارئ يتساءل عما قد يضيفه كتاب "الإنترنت.. عالم متغير".

undefined

-اسم الكتاب: الإنترنت.. عالم متغير
–المؤلف: المهندس أشرف صلاح الدين
عدد الصفحات: 303
-الطبعة: الأولى 2003
الناشر: مركز الحضارة العربية، القاهرة

يطرح مؤلف الكتاب المهندس أشرف صلاح الدين، وهو كاتب متخصص في تقنيات المعلوماتية والإنترنت، موضوعات متعددة يحتاجها -حسبما يقول المؤلف- كل من يتعامل مع الإنترنت والحاسوب بصورة يومية لرفع مستوى أدائه وتوفير وقته.

يتناول الكتاب موضوعات متعددة وشاملة كالحكومة الإلكترونية، والتسويق الإلكتروني، وآلية عمل التوقيع الرقمي والإلكتروني، واستخدام البطاقة الائتمانية للشراء عبر الإنترنت، وتجنب مخاطر الاختراق أو الوصول إلى معلومات شخصية، ومعايير استضافة المواقع، ومشاكل البريد الإلكتروني والرسائل التسويقية غير المرغوب بها، ومحركات البحث العالمي والعربية، وأمن المعلوماتية وكيفية الحفاظ على خصوصية المعلومات وتجنب وصول المتسللين والقراصنة والمتطفلين إليها، والتجسس على المواقع وكيفية عمل البروكسي وبرامج الحماية المعروف باسم fire wall، ووسائل الحماية من الفيروسات.

كما يركز على أهمية الإنترنت في الجهاد الإلكتروني والحرب الإلكترونية، ويتتبع تواجد الإعلام العربي على الإنترنت ومستقبل النشر الإلكتروني، ويجمع فتاوى موثقة تتعلق بأحكام استخدام الإنترنت ليكون كتابه أول موسوعة عن فقه المعلوماتية والإنترنت.


تفتقر المواقع العربية والإسلامية إلى الفتاوى الفقهية المتعلقة باستخدامات الإنترنت المتعددة، باستثناء موقع "إسلام أون لاين" وموقع الدكتور يوسف القرضاوي وبعض المنتديات الإسلامية

فقه المعلوماتية والإنترنت
ارتأى مؤلف الكتاب إفراد فصل خاص لما أسماه "فقه المعلوماتية والإنترنت" ليجيب بصورة واضحة وصريحة على كل ما يتعلق بتلك التقنيات واستخداماتها من واقع حالات كثيرة في حياتنا اليومية.

ويلاحظ افتقار المواقع الفقهية والإسلامية على الشبكة إلى هذا النوع من الفتاوى الفقهية، باستثناء موقع "إسلام أون لاين" وموقع الدكتور يوسف القرضاوي، وبعض المنتديات الإسلامية.

وتضمن الفصل الخامس فتاوى موثقة من علماء مسلمين مثل الدكتور يوسف القرضاوي، ونائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء الدكتور فيصل مولوي.

وتركزت تلك الفتاوى على أربعة محاور هي:

  • فتاوى استخدام الإنترنت في مجال المعاملات الإنسانية كحكم الزواج عبر الإنترنت، والمراسلة بين الجنسين، وحكم البحث عن المواقع الإباحية بغرض إبلاغ السلطات لمنعها.
  • فتاوى استخدام الإنترنت في مجال التجارة والأعمال كحكم بيع الأسهم الأميركية من خلال الإنترنت، والتعامل مع برمجيات لشركات يهودية أو متعاونة مع إسرائيل، وحكم اقتحام مواقع يهودية والاحتيال عليها، وحكم إنشاء مقاهي الإنترنت.
  • فتاوى استخدام الإنترنت في طلب العلم والدراسة والدعوة كحكم التحايل على الدخول للمواقع المدفوعة، وحكم استخدام الإنترنت بصفة عامة، وحكم تجميع مواد نافعة من الإنترنت لبيعها.
  • أحكام استخدام الإنترنت في مجال الإعلام والفضائيات كحكم فك شفرات المحطات الفضائية، وحكم نشر صفحات الشعر والأدب على الإنترنت، وحكم العمل في جهات إعلامية تضلل مستخدميها.


رغم أن تواجد الصحف العربية قد ازداد كثافة وانتشارا بالإنترنت فإنها بقيت في الغالب على شكل نسخ إلكترونية للصحف المطبوعة اليومية أو الأسبوعية دون جدية في تحديث محتوياتها

الجهاد الإلكتروني والحرب الإلكترونية
يشير المؤلف إلى أهمية الإنترنت في دعم القضايا العربية وأهمها الصراع العربي الإسرائيلي، ومقاومة التعتيم الإعلامي الغربي لحقيقة ما يجري من "حرب قذرة بين شعب أعزل لا سلاح له إلا الإيمان بوجوب الدفاع عن مقدسات الأمة الإسلامية، وبين حشود عسكرية إسرائيلية مدججة بكل أنواع السلاح منها المحرم دوليا والمحظور استخدامه".

فمنذ انتفاضة الأقصى برز مصطلح الجهاد الإلكتروني والحرب الإلكترونية لمقاومة وسائل الإعلام الغربية التي تزيف الحقائق وتبين المعتدي كأنه ضحية، والضحية كمعتد غاشم.

ويذكر المؤلف أهم أساليب الجهاد الإلكتروني الرامي إلى توضيح الحقائق من خلال غرف الدردشة ومجموعات الحوار، واستخدام البريد الإلكتروني والقوائم البريدية لنقل الحقيقة إلى الرأي العام العالمي، والمشاركة في الدخول على المواقع التي تقوم بعمل استطلاعات رأي تستهدف اتهام العرب بالعنف والإرهاب.

وكذلك الرسائل الإلكترونية التي تدعو للتوقيع على عريضة تقدم إلى منظمات حقوق الإنسان أو إلى هيئة الأمم المتحدة، أو كتلك التي تدعو إلى مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية، وتصميم مواقع باللغتين العربية والإنكليزية تبين بالصور من خلال عروض فلاش ناطقة ومصورة فظائع اليهود وأعمالهم، وكذلك محاولة اختراق أو تعطيل المواقع الإسرائيلية.

ثم يتطرق المؤلف إلى الحرب الإلكترونية وأساليبها ومقوماتها فيعرفها بأنها انتقال الهجمات إلى رحاب الفضاء التخيلي (مواقع الإنترنت) بغرض تدميرها أو تعطيلها أو تشويه محتوياتها، وتعطيل البريد الإلكتروني لجهات حساسة وشخصيات على مستوى القيادات السياسية مما يشل ويعيق وسائل الاتصال.

وكانت البداية الحقيقية التي صعدت الهجمات "الافتراضية" cyber attacks في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، عندما شنت مجموعة إسرائيلية هجمات على موقع حزب الله بعد أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة، حيث قام مختص إسرائيلي في علوم الحاسب الآلي يدعى ميكي بوزاغلوا مع فريق من قراصنة الإنترنت بحذف محتويات موقع حزب الله ووضع نجمة داود وعلم إسرائيل بدلا منها.

ورد العرب ومؤيدوهم على الهجوم الإسرائيلي بهجمات مماثلة على مواقع حكومية إسرائيلية أهمها موقع مكتب رئيس الوزراء وموقع الكنيست وموقع غرفة التجارة وموقع بورصة إسرائيل وموقع بنك إسرائيل.

وبلغ عدد المواقع التي تمت مهاجمتها نحو 280 حسب آخر إحصائية متاحة أعدتها شركة I defence الأميركية المتخصصة في أمن المعلومات على الإنترنت. إذ إن عدد المواقع الإسرائيلية التي تم الهجوم عليها بلغ 246 موقعا مقابل 34 موقعا عربيا أو إسلاميا تعرضت لهجمات مماثلة.

بل إنه في يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول 2001 تعرض 80 موقعا إسرائيليا لهجمات ناجحة أدت إلى خروجها جميعا من الخدمة من ضمنها موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي وموقع الجيش الإسرائيلي.

ويشير المؤلف إلى الآثار الاقتصادية الخطيرة المترتبة على هذه الهجمات وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث انخفض معدل الأسعار لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية حسب مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا من 600 نقطة إلى 270 نقطة خلال شهر واحد منذ بداية الانتفاضة، ناهيك عن انعدام الثقة في الشركات التي تعرضت للهجوم من حيث أمنها وقدرتها على حماية بيانات المستثمرين، فإذا كانت غير قادرة على حماية موقعها على الإنترنت فكيف تستطيع أن تحمي استثماراتهم وبياناتهم.


تعاني معظم مواقع الصحف العربية من العديد من المشاكل التقنية كالبطء في تحميل المعلومات وعدم تحديث الصفحات وأحيانا الاحتجاب عن الظهور لأيام وانقطاع الخدمة بسبب استضافة ملفاتها ومواقعها على خوادم خارج حدودها

النشر الإلكتروني والإعلام العربي
يعرف مؤلف الكتاب النشر الإلكتروني بأنه العملية التي يتم من خلالها تقديم الوسائط المطبوعة (Printed-Based Materials) كالكتب والأبحاث العلمية بصيغة يمكن استقبالها وقراءتها عبر شبكة الإنترنت أو الوسائط المتعددة حيث تتميز هذه الصيغة بأنها مضغوطة ومدعومة بوسائط وأدوات كالأصوات والرسوم ونقاط التوصيل التي تربط القارئ بمعلومات فرعية أو بمواقع على شبكة الإنترنت.

وتتجلى مزايا النشر الإلكتروني في عدم وجود تكاليف متعلقة بالطبع والتوزيع والشحن، الأمر الذي يغير المبدأ التقليدي عند الناشرين، فبدلا من مبدأ "اطبع ثم وزع" حل مبدأ "وزع ثم اجعل المستخدم يطبع".

ومن بين مزايا النشر الإلكتروني التفاعلية من خلال استخدام ما يعرف بنقاط التوصيل (hyperlinks) التي تزود القارئ بمعلومات إضافية قد لا تكون أساسية في النص غير أنها متعلقة به، وكذلك سهولة البحث عن المعلومات وسهولة تعديل وتنقيح المادة المنشورة إلكترونيا، وإمكانية نشر وبيع أجزاء من الكتب حسب حاجة القراء.

لكن لا يخلو الأمر من وجود عيوب تمنع الناشرين من نشر معلوماتهم على شبكة الإنترنت أهمها عدم وجود حماية كافية للمواد المنشورة إلكترونيا، والخوف من النسخ غير المشروع وكذلك حقوق المؤلفين الفكرية.

إضافة إلى رداءة جودة الحروف المقروءة على الشاشة قياسا بالحروف المطبوعة، وحاجة المستخدم إلى تعلم بعض البرامج الخاصة للحصول على الكتب الإلكترونية وقراءتها.

ويتطرق المؤلف من خلال عرضه لعدد من الصحف العربية الإلكترونية والمواقع الإعلامية العربية على الإنترنت، فيلاحظ أن التواجد الإعلامي العربي قد ازداد كثافة خصوصا خلال العامين المنصرمين.

فعلى صعيد وكالات الأنباء العربية، يجد المؤلف أن معظم الدول العربية لها وكالات أنباء رسمية تعكس وجهة نظر حكوماتها على مواقع الشبكة المعلوماتية. وتشترك هذه المواقع بأنها تبث أخبارها على مدار الساعة باللغتين العربية والإنجليزية.

أما على صعيد الصحف العربية، فرغم أن تواجدها قد ازداد كثافة وانتشارا إلا أنها بقيت في الغالب على شكل نسخ إلكترونية للصحف المطبوعة اليومية أو الأسبوعية دون جدية في تحديث محتوياتها بشكل يستفيد من إمكانات ومزايا النشر الإلكتروني، حتى إن بعض الصحف الأسبوعية الواسعة الانتشار عربيا قامت بوضع عدد تجريبي فقط على الإنترنت منذ أكثر من عامين ولم يتم تحديث الصفحة منذ ذلك الحين.

علاوة على ذلك، تعاني معظم مواقع الصحف العربية من العديد من المشاكل التقنية كالبطء في تحميل المعلومات، وعدم تحديث الصفحات وأحيانا الاحتجاب عن الظهور لأيام وانقطاع الخدمة بسبب استضافة ملفاتها ومواقعها hosting على خوادم servers خارج حدودها.

خاتمة
رغم أن مجال المعلوماتية والحاسوب والإنترنت يحفل بمصطلحات ومفاهيم قد تصعب على فهم القارئ، فإن المؤلف استطاع -وبدراية الخبير- نقل أفكاره ومعلوماته من خلال لغة مبسطة وأسلوب شيق يكسر رتابة وجمود المصطلحات التقنية. وتوخى كتابة المصطلحات التقنية باللغتين العربية والإنجليزية ليتيح للقارئ الحصول على فهم أكبر للفكرة المطروحة.

كما ضمن كتابه أول موسوعة فقه معلوماتية والإنترنت فقد حرص على إفراد فصل كامل اشتمل على أسئلة وأجوبة وحلول مشاكل ليكون بذلك دليلا عمليا بمتناول الجميع يغني المكتبة العربية.

المصدر : غير معروف