باسم أسامة بن لادن

undefined

-اسم الكتاب: Au nom d"Oussama Ben Laden…,
-المؤلف:Roland Jacquard
-عدد الصفحات: 399
– الطبعة: الأولى 2001
-الناشر: Paris, Jean Picollec éditeur

خدمة كامبردج بوك ريفيوز
قبل أقل من مرور شهرين على أحداث 11 سبتمبر/ أيلول في نيويورك وواشنطن بدأ سيل الكتابات في الغرب يملأ الأرفف حول كل ما له علاقة من بعيد أو قريب بالموضوع: فهناك كتب عن طالبان, وعن أفغانستان, وطبعا عن أسامة بن لادن.

وفي فرنسا هذه الأيام صدر كتاب جديد بعنوان: "باسم أسامة بن لادن" للفرنسي رولان جاكار، مدير المرصد الدولي للإرهاب (باريس) والخبير في الإرهاب لدى مجلس الأمن.

وللتأكيد على الطابع الآني للكتاب أضافت دار النشر عبارة "لفهم 11 سبتمبر 2001" على أعلى الغلاف على اليمين.. الكاتب صرح لقناة تلفزيونية فرنسية أن كتابه كان سينشر في أبريل لكنه تأخر حتى سبتمبر.. توقيت صدوره لم يكن بالصدفة.. وإضافة هذه العبارة جاءت أيضا لتفادي الانتقادات لأن الكتاب حرر في السابق ولم يشر إطلاقا إلى هذه الانفجارات.

يتطرق الكاتب إلى مختلف جوانب حياة أسامة بن لادن الذي شارك في الحرب الأفغانية ضد السوفيات، وتورطه فيما بعد في عمليات استهدفت المصالح الأميركية، ويروي كيف أصبح هذا الثري السعودي العدو رقم واحد لأميركا والغرب عموما.

ويحاول إعطاء صورة عن شخصيته وعن كيفية استخدامه وسائل الإعلام وعن الحذر الشديد الذي يتوخاه حفاظا على أمنه عند استقباله للصحافيين.. ثم ينتقل إلى تعداد التهم الموجهة إليه من قبل العدالة الأميركية.. ويقول إن بن لادن مطارد من قبل أميركا والسعودية أيضا لأنه يسعى لقلب النظام القائم.. ويضيف إذا كان بن لادن إرهابيا ومنشقا في عيون واشنطن والرياض، فإن ملايين من المسلمين الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا الاضطهاد الأميركي، يرون في "أسامة المتمرد" رمزا للنضال.

"بن لادن" علاقة متشابكة مع العائلة السعودية الحاكمة
بعد الحديث عن العلاقة بين عائلة بن لادن الثرية والعائلة الملكية في السعودية يناقش المؤلف ما يشاع عن مشاريع البناء الضخمة التي تولت عائلة بن لادن تنفيذها في السعودية ومنها عمارات قطنها فيما بعد أفراد القوات الأميركية المتمركزة في السعودية كتلك التي استهدفها انفجار الخبر.. وبطريقة غير مباشرة يضع صلة بين المنشآت التي أنجزتها عائلة بن لادن والانفجارات التي اتهم فيها أسامة بن لادن والتي استهدفت بعضا منها.. ثم يتحدث عن تنامي مؤسسات عائلة بن لادن المالية والاقتصادية في أوروبا.

وعن مسار بن لادن "الجهادي" يقول الكاتب أنه في العام
1980، كلف الأمير تركي الفيصل (مدير المخابرات السعودية) أسامة بن لادن بتنظيم مهمات "الأفغان العرب" الذين كانوا يعبرون آنذاك عبر جدة إلى بيشاور (باكستان) للالتحاق بأفغانستان.. وبالتالي أصبح بن لادن حجر الأساس في شبكة تجنيد وتدريب "المجاهدين".

انتقل في 1984 إلى باكستان حيث بدأ تنظيم الجهاد في أفغانستان واتصل بالناشط الفلسطيني عبد الله عزام والمصري عمر عبد الرحمن (الذي اعتقل في 1993 في أميركا عقب انفجار مركز التجارة العالمي).. وقد دفعه التزامه بالقضية الأفغانية إلى حمل السلاح بنفسه، لكن الكاتب يشير إلى روايات متضاربة حول المشاركة الفعليـة لبن لادن في المعارك ضد السوفيات.

قصة تنظيم القاعدة


لقد حاول أسامة بن لادن إقناع السعودية بضرورة مواصلة مساعدة المجاهدين في أفغانستان لكن بدون جدوى.. فشعر بالخيانة، وبدأ بعدها معارضته للسلطة وبالتحالف سرا مع معارضي العائلة الحاكمة في الخارج.

رولان جاكار

يقول المؤلف إنه مع 1985 أدرك بن لادن نطاق المقاومة وبعدها الدولي، فبدأ بالانفتاح على المنظمات الإسلامية المتشددة في العالم للحصول على دعمها.. واتصل بأصوليين مصريين وجزائريين، وأنشأ تنظيمه الخاص "القاعدة" الذي تولى نشاطات عدة منها تجنيد المقاتلين وإيصالهم إلى أفغانستان.. استقر عندئذ نهائيا في شرقي أفغانستان وأخذ على عاتقه الأعباء المالية لعمل مخيمات للمجاهدين.. بعد الانسحاب السوفياتي
(1989)، يضيف الكاتب، وبطلب من الأميركيين أوقفت السعودية عام 1990 دعمها للأفغان العرب واضعة بالتالي "نهاية لمهمة أسامة بن لادن الرسمية".

بعد عودة هذا الأخير إلى الرياض حاول إقناع العائلة الملكية بضرورة مواصلة مساعدة المجاهدين في أفغانستان لكن بدون جدوى.. فشعر بالخيانة على حد قول الكاتب، وبدأ بعدها معارضته للسلطة وبالتحالف سرا مع معارضي العائلة الحاكمة في الخارج.. فكان أن انشق عن النظام وأخذ على عاتقه بفضل ثروته دعم المجاهدين الأفغان رغم معارضة العائلة الملكية وواشنطن.. بعد خلافاته مع السلطة إثر حرب الخليج، حيث ندد بوجود قوات غربية في الأراضي المقدسة، غادر السعودية في 1991 واستقر في السودان.

بن لادن في السودان
في السودان أحيط بأفغان عرب وبدأ مجموعة من الاستثمارات الاقتصادية التي اعتبرتها المخابرات الغربية وسيلة لدعم الإرهاب الأصولي في العالم، ويقول الكاتب إن بن لادن عاش بوصفه رجل أعمال لمدة خمس سنوات في منفاه السوداني حيث كانت علاقاته متينة مع حسن الترابي زعيم الجبهة القوميةالإسلامية.. ومول المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي الذي جمع الحركات الإسلامية وبعض الحركات المعارضة بتنظيم من الترابي في الخرطوم.. كما حاول تطوير تنظيمه (القاعدة) الذي تبقى معالمه صعبة التحديد على حد وصف الكاتب.

نشاطاته سببت صعوبات للسودان ودفعت بالأميركيين إلى الضغط على السعودية لإصدار قرار توقيف في حقه فكان لهم ما أرادوا.. السعودية اتهمته بدعم الإرهاب في الجزائر ومصر وباتصالات مع معارضين دينيين حاولوا إنشاء منظمة مستقلة لحقوق الإنسان في المملكة في بداية 1996.. وكانت السلطات السعودية قد جردته من جنسيته السعودية عام 1994.

ومع تزايد الضغوط السعودية والغربية على السودان، تخوف بن لادن من احتمال تسليمه للسعودية فغادر الخرطوم في مايو 1996 عائدا إلى أفغانستان.. إنها القطيعة مع السودان ومع الترابي.. بروز حركة الطلبان ودخولها كابل في سبتمبر 1996 سهل استقرار بن لادن في أفغانستان إذ أصبحت علاقته وطيدة مع الملا محمد عمر زعيم الطالبان على حد قول الكاتب.
هذه العلاقة المتينة بينه وبين طالبان جعلتهم يدافعون عنه، يحمونه ويؤكدون عدم تورطه في العمليات التي استهدفت المصالح الأميركية، لكن إذا تأكد وجود بن لادن في أفغانستان، فإنه لم يتسن لأحد تحديد موقعه بالضبط.

الالتقاء مع جماعات إسلامية والكفاح ضد أميركا
في منفاه الأفغاني، أعاد بن لادن تنظيم شبكاته واتصالاته بقياديين إسلاميين مثل المصري أيمن الظواهري.. وباشر نشاطه السياسي بالاتصال والاجتماع إلى هؤلاء وفتح العديد من المخيمات التدريبية.. كما واصل ووطد علاقاته بالجماعات الإسلامية المسلحة الجزائرية وحماس الفلسطينية، الجماعة الإسلامية المصرية، وغيرها من التنظيمات الإسلامية في البلقان وبجماعة أبو سياف الفليبينية وحتى بألبان كوسوفو، كما أقام شبكات في الولايات المتحدة وكندا انخرط فيها إسلاميون عرب.. ويضيف الكاتب.. هكذا أصبح بن لادن على رأس شبكة إسلامية متعددة الحدود ومتفرعة وغير واضحة المعالم.

من أفغانستان أعلن بن لادن الكفاح ضد الوجود الأميركي في الأراضي المقدسة، وبدأت المعركة بينه وبين أميركا التي قصفت أحد مخيماته في أغسطس 1998 عقب تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام.. ويعود إعلانه الجهاد ضد أميريكا إلى أغسطس عام 1996. وقد شكلت تصريحاته فيما بعد سندا للهجوم على المصالح الأميركية في السعودية، وفي كينيا وتنزانيا واليمن.

طريد المخابرات العالمية
منذ عام 1998 أصبح بن لادن مركز اهتمام وكالات الاستخبارات الأميركية حيث ظهرت "خلية أزمة" باسم بن لادن تتقفى آثاره، وتتجسس عليه، وتحاول كشف معاقله ومخابئه وتطارد شبكاته المالية عالميا.. أما المخابرات الأوروبية فقد توصلت في تحرياتها إلى وجود شبكات إسلامية إرهابية في أوروبا لها علاقة بتنظيمه، وأشار تقرير للمخابرات الفرنسية في نوفمبر 2000 إلى وجود أئمة في مساجد في باريس، ولندن، وبروكسل وفي ألمانيا من الموالين لأطروحات بن لادن الذي لم يكتف بمد شبكاته في أوروبا الغربية، بل وكذلك في روسيا والجمهوريات الإسلامية السوفياتية سابقا، والصين (في المقاطعات المسلمة غرب البلاد) وآسيا عموما.

سعي للحصول على أسلحة الدمار الشامل
يتطرق المؤلف إلى محاولات بن لادن الحصول على مواد تدخل في صناعة أسلحة الدمار الشامل لا سيما في الجمهوريات الإسلامية السوفياتية سابقا.. ويقول إن القاعدة قد يكون بحوزتها بعض العبوات السامة القاتلة.. ويتحدث عن توافق بين الدول الغربية والحلف الأطلسي ومجموعة الدول السبع في 1999-2000 على اعتبار بن لادن مهددا حقيقيا للغرب. ويضيف أنه بفضل ثروته المقدرة بمئات الملايين من الدولارات مول بن لادن "الجهاد" في مختلف الدول الإسلامية ودخل في مزايدة مع الأميركيين الذي سعوا لاستعادة ما تبقى من صواريخ ستينغر في أفغانستان تخوفا من استخدامها ضدهم، حيث اقترح ضعف المبلغ الذي يقدمه هؤلاء.. ويضيف أن تنظيم القاعدة يستخدم تهريب المخدرات لتمويل الإرهاب.


اعتمد المؤلف على مجموعة بيانات ووثائق لمختلف الجماعات والتنظيمات الإسلامية المسلحة والمتشددة (أوردها في شكل ملاحق في كتابه) مصدقا كل ما ورد في هذه البيانات متجاهلا جانبها الدعائي

الكتاب غني بالمعلومات والتفاصيل خاصة وأن صاحبه تربطه علاقات بمختلف أجهزة المخابرات الغربية ويعطي للقارئ صورة واضحة عن عمل هذه الأخيرة في مطاردتها للشبكات الإسلامية.. وربما هنا يكمن عيب هذا الكتاب، فأسلوبه طغى عليه الاحتمال، قد،،، كذا وكذا، وقليلة هي الوقائع التي يؤكد الكاتب حدوثها فعلا.. وعدم اليقين هو الطابع العام لنص الكتاب الذي يعتبر نقلا لمحتويات تقارير المخابرات الغربية.

أما المصدر "التوثيقي" الثاني الذي اعتمد عليه المؤلف فهو مجموعة بيانات ووثائق مختلف الجماعات والتنظيمات الإسلامية المسلحة والمتشددة والتي تنشط في العالم العربي-الإسلامي (أوردها في شكل ملاحق في كتابه).. وهذا ما جعله يصدق كل ما ورد في هذه البيانات متجاهلا جانبها الدعائي.

التساؤل الذي يبقى مطروحا ويبدو أن الكاتب تجنبه عمدا حتى لا يحرج مصادره (المخابرات الغربية)، هو إذا كانت الاستخبارات الغربية على علم باكرا بنشاط تنظيم بن لادن وبدعمه الإرهاب في بعض الدول العربية وإنشائه شبكات في الغرب، لماذا رفضت هذه الأجهزة التعاون مبكرا مع الدول العربية مثل الجزائر ومصر ضد بن لادن وأعوانه المزعومين؟، ولماذا رفضت الحكومات الغربية مطاردة الإسلاميين الجزائريين والمصريين من المتشددين الذي يمولون ويدعمون الإرهاب في بلدانهم؟ لماذا انتظروا استهداف المصالح الأميركية ليتحركوا؟.

المصدر : غير معروف