منصف المرزوقي

المولد والنشأة
ولد منصف المرزوقي يوم 7 يوليو/تموز 1945 في مدينة قرنبالية بولاية نابل جنوب تونس العاصمة، لأسرة تنحدر من الجنوب التونسي.

الدراسة والتكوين
بدأ تعليمه الأولي في تونس، فدرس في المدرسة الصادقية بالعاصمة، ثم انتقل إلى المغرب حيث عاش والده محمد البدوي المرزوقي لاجئا سياسيا مدة 33 عاما.

حصل على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) من مدينة – طنجة – المغربية عام 1964، وانتقل بعدها إلى فرنسا لإكمال دراسته العليا، فنال الدكتوراه في الطب من جامعة ستراسبورغ عام 1973، وتخصص في طب الأعصاب والطب العام، كما حصل على إجازة في علم النفس من كلية العلوم الإنسانية بجامعة السوربون.

الوظائف والمسؤوليات
عمل المرزوقي أستاذا مساعدا في جامعة ستراسبورغ بفرنسا، وأستاذا للطب الحديث في جامعة باريس، ودرّس في الجامعة التونسية عام 1981، وشارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع.

انتخبه المجلس التأسيسي في ديسمبر/كانون الأول 2011 رئيسا للجمهورية التونسية خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.

التوجه الفكري
يتبنى المرزوقي التوجه العلماني الحداثي المعتدل، ويؤمن بالحوار والاختلاف الحضاري مع الإسلاميين وإمكانية التعاون معهم من أجل بناء مجتمع ديمقراطي، وهو ما جسده عمليا في تحالف حزبه "المؤتمر من أجل الجمهورية" مع " حركة النهضة " ذات المرجعية الإسلامية.

تعامل في رئاسته لتونس -في المرحلة الانتقالية- مع "الإسلاميين المتشددين" بمرونة، حيث عرض في أواخر عام 2012 العفو على من يوصفون بـ"الجهاديين" المتحصنين في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر "ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء التونسيين وتركوا السلاح وعادوا إلى الشعب".

وقال -في حوار صحفي مع "بي بي سي"- إن تيار "الإسلام المتشدد يمثل إزعاجا للمجتمع التونسي، لكنه لا يمثل خطرا"، وإنه جاء بسبب الحرب على "الإسلام المعتدل" وبتأثيرات خارجية من دول الجوار.

ونبَّه إلى خطورة خلط بعض التيارات السياسية بين "الإسلاميين المعتدلين والمتشددين والتعامل معهم كتيار واحد، لأنه ذلك يخدم تيار التطرف".

طالب في 26 سبتمبر/أيلول 2013 -أثناء كلمته في الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك– السلطات المصرية بإطلاق سراح الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي أطاح به الجيش مطلع الشهر نفسه.

التجربة السياسية
بعد إقامته في فرنسا لمدة 15 عاما، عاد المرزوقي إلى تونس عام 1979، وأسس حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" المعارض والمحسوب على أحزاب اليسار.

جاهر بمعارضته لنظام بن علي، فاعتقل أربعة أشهر عام 1994، ولم يفرج عنه إلا بعد حملة دولية وتدخل زعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.

أنشأ مع آخرين المجلس الوطني للحريات في 10 ديسمبر/كانون الأول 1997 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

أسس في العام نفسه مع الدكتور السوري هيثم المناع "اللجنة العربية لحقوق الإنسان" فترأسها حتى عام 2000، وتقلد مسؤوليات في المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى، من بينها فرع تونس في منظمة العفو الدولية.

شكل عام 2001 حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وأعلنه "حزب مقاومة لا حزب معارضة"، وطالب بإسقاط نظام بن علي بدل السعي لإصلاحه لأنه "نظام فاسد غير قابل للإصلاح"، فصدر ضده حكم بالسجن لمدة عام قوبل بضغوط دولية.

رحل بعدها إلى فرنسا، ومن هناك واصل نضاله الحقوقي ومعارضته بالكتابة والمحاضرات والندوات والمداخلات التلفزيونية في تصريحات وبرامج حوارية، وعاد عام 2006 إلى تونس دون إذن السلطة، ودعا إلى عصيان مدني لإسقاط نظام بن علي.

وغادر تونس مرة أخرى إلى فرنسا بعد مضايقة شديدة من الأمن السياسي، ومن هناك واصل تحريضه ودعوته لعصيان مدني إلى أن عاد إلى بلاده بعد ثورة الشعب التونسي وإسقاط نظام بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011.

شارك حزبه "المؤتمر من أجل الجمهورية" في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وحلَّ في المرتبة الثانية بثلاثين مقعدا من أصل 217 مقعدا، مما مكنه من المشاركة في الحكومة الانتقالية.

انتخبه المجلس التأسيسي رئيسا لتونس يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2011، ليكون بذلك رابع رئيس للبلاد منذ استقلالها عام 1956.

حل حزب المرزوقي -في أول انتخابات تشريعية بالبلاد بعد سقوط نظام بن علي جرت يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2014- في مراتب متأخرة، إذ لم يحصل إلا على أربعة مقاعد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 217 مقعدا، في حين تصدر حزب حركة "نداء تونس" النتائج بحصوله على 86 مقعدا، وتلاه حزب حركة النهضة بـ69 مقعدا.

وفي الدور الأول من الاستحقاق الرئاسي المنظم يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 -وهو الأول رئاسيا بعد الثورة- تنافس المرزوقي على كرسي الرئاسة مع 27 مرشحا، فتأهل هو للدور الثاني بعد أن حلا ثانيا بعد مرشح "نداء تونس" الباجي قايد السبسي.

خسر المرزوقي الرهان الرئاسي في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الذي جرى يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2014 بعد أن نال 44.32% (1.3 مليون صوت) من الأصوات، مقابل 55.68% (نحو 1.7 مليون) للسبسي، فهنأ منافسه الفائز بنجاحه مؤكدا أنه يحترم نتائج الصندوق ولن يطعن فيها، رغم حديث إدارة حملته عن خروق ارتكِبت في جولة الإعادة.

شارك منصف المرزوقي برفقة حقوقيين وسياسيين وإعلاميين في أسطول الحرية 3 لكسر حصار غزة، على متن السفينة "ماريان" التي أبحرت ليلة الخميس 25 يونيو/حزيران 2015 من شواطئ اليونانفي اتجاه القطاع، غير أن البحرية الإسرائيلية اعترضت السفينة واعتقلت من على متنها واقتادتهم إلى ميناء أسدود. رحّلته قوات الاحتلال بعدها إلى العاصمة الفرنسية باريس.

وبادر المرزوقي إلى تأسيس حزب "حراك تونس الإرادة" في ديسمبر/كانون الثاني 2015 برفقة عدد من مستشاريه السابقين بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية، وكان اسمه في البداية حزب "حراك شعب المواطنين".

وأكد المرزوقي في خطاب ألقاه عند تأسيس الحزب أنه سيبني برنامجه على أساس رؤية مستقبلية للبلاد تحت اسم "تونس 2056" تحدد شكل مستقبل تونس خلال الأعوام الأربعين القادمة، وأن الحزب سيركز على قضايا العدالة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفقراء والمرأة، إضافة إلى الحفاظ على الدستور.

المؤلفات
كتب منصف المرزوقي عشرات المقالات، واستمر في الكتابة رغم توليه منصب رئاسة الجمهورية، وألف حوالي 12 كتابا باللغتين العربية والفرنسية في مجالات الطب وحقوق الإنسان والديمقراطية، منها: "الإنسان الحرام"، "إنها الثورة يا مولاي"، "حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان"، "في سجن العقل"، "ننتصر.. أو ننتصر من أجل الربيع العربي".

الجوائز والأوسمة
حصل منصف المرزوقي على جوائز متعددة، منها: جائزة المؤتمر المغاربي للطب من بورقيبة عام 1981، وجائزة المعهد الفرنسي للصحة، وجائزة سكانو الإيطالية عام 1987، وجائزة هيومن رايتس ووتش الأميركية عام 1994.

نال عام 1996 جائزة لرجال العلم الذين تميزوا بنضالهم من أجل حقوق الإنسان من الأكاديمية الأميركية للعلوم، وجائزة شاثام هاوس لسنة 2012 رفقة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

اختارته مجلة "التايم" الأميركية من بين أكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم عام 2013، كما اختارته المجلة الأميركية "فورين بوليسي" من بين أفضل مائة مفكر عالمي لسنتي 2012 و2013.

حصل يوم 3 يونيو/حزيران 2013 على الدكتوراه الشرفية من جامعة تسوكوبا في اليابان، واختير في 27 يناير/كانون الثاني 2014 من قبل المنتدى المغاربي -التابع لمركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية- أفضل شخصية مغاربية لسنة 2013، لاعترافه بحقوق المواطنة المغاربية.

المصدر : الجزيرة