بيلد.. الصحيفة التي قاطعها غونتر غراس

الموسوعة - شعار صحيفة بيلد - bild

بيلد صحيفة ألمانية ذات شعبية، تفتخر بكونها الأكثر توزيعا في ألمانيا، لكنها تتعرض لسلسلة من الانتقادات بسبب خطها التحريري، وتتهم بالانحياز لتيار الـ "نيوليبرالية".

التأسيس
تعني كلمة "بيلد" بالألمانية "صورة"، وتعبر عن طابع الصحيفة التي تستحوذ فيها الصورة على مساحة واسعة تفوق أحيانا تلك المخصصة للنص.

تأسست صحيفة بيلد يوم 22 يونيو/حزيران 1952 من طرف الناشر الألماني الشهير أكسيل شبرينغر عن دار نشر تحمل اسمه بمدينة هامبورغ.

وصدر العدد الأول من الصحيفة في أربع صفحات، ووزعت 455 ألف نسخة طبعت منها بيومها الأول بالمجان، ثم أصدرت نسختها الأسبوعية "بيلد أم زونتاغ"، التي اختلفت عن الصحيفة الأم بالاهتمام أكثر بالمضمون وتقليل جرعة الإثارة.  

واستقر توزيع الصحيفة منذ عام 2012 عند 1.8 مليون نسخة يوميا، لكن معدل توزيعها ارتفع بشكل قياسي عام 1971 وبلغ 4 ملايين نسخة، بعد قرار هيئة تحريرها تخصيص نحو ربع مساحة صفحتها الأولى يوميا لصورة امرأة عارية.

وتصدر بيلد طبعة يومية موحدة بعموم ألمانيا و27 طبعة محلية وتوزع في 44 دولة.

المقر
انتقلت بيلد من هامبورغ إلى مقرها الرئيسي بالعاصمة الألمانية برلين.

الخط التحريري
تفتخر بيلد بكونها الصحيفة الأكثر توزيعا في ألمانيا، والسادسة انتشارا بالعالم، وبتصدرها منذ سنوات قائمة الصحف الألمانية التي تنقل عنها وسائل الإعلام العالمية كل عام.

غير أن الألمان يختلفون في تقييمهم لهذه الصحيفة التي يقال إن لها تأثيرا كبيرا في شريحة عريضة من عامة الألمان، حتى إن رئيس حكومة ولاية سكسونيا السفلى الألمانية الأسبق غيرهارد شرودر أكد منتصف عام 1998 أنه يحتاج فقط لدعم بيلد ليفوز بالانتخابات العامة ويصل إلى دائرة المستشارية ببرلين.

ويصف الساخطون بيلد بأنها من صحف الإثارة الرخيصة، ويتهمونها بالانحياز للـ "نيوليبرالية"، ويشيرون إلى عدد لا حصر له من الدعاوى القانونية المرفوعة ضدها بتهم تشمل التشهير والكذب والتعدي على الخصوصيات.

كما يقول منتقدوها إنها الصحيفة الأكثر توبيخا من مجلس الصحافة الألماني المعني بمراقبة التزام وسائل الإعلام بالمعايير المهنية والأخلاقية.

ووجه مجلس الصحافة الألماني إلى صحيفة بيلد 160 توبيخا خلال الفترة بين عامي 1986 و2008.

التراجع
وخلال حقبة السبعينيات تزعم الأديب والشاعر الألماني الكبير غونتر غراس حملة تطالب بمقاطعة الصحيفة، وتزامن ذلك مع نشر الكاتب المعروف غونتر فالراف كتابا فضح فيه ما وصفه بمخالفات مهنية فادحة لبيلد خلال عمله فيها لفترة باسم مستعار.

وردت الصحيفة الشعبية على فالراف بسلسلة من الأوصاف السلبية، قالت إنها استقتها من زملاء له، وخاضت معه بعد ذلك نزاعا قانونيا مريرا بشأن ما كتبه عنها، وأخذ هذا النزاع درجات مختلفة بالقضاء الألماني حتى فصلت فيه المحكمة الدستورية العليا لصالح الكاتب.

وفي الحقبة نفسها حوّل المخرج الألماني الشهير فولكر شلوندورف، بالتعاون مع زوجته مارغريت فون تروتا رواية هاينريش بول الحائز على جائزة نوبل للأدب " شرف كاترينا بلوم الضائع"، لعمل سينمائي حول سلطة الإعلام واستغلال الصحافة احتكارها للرأي بتدمير حياة أبرياء، وكرّس هذا الفيلم السمعة السلبية لبيلد التي وردت بأحداثه باسم مغاير، لكن الجمهور فهم أنها هي الصحيفة المقصودة.

وأدى تراجع الإقبال على الصحف المطبوعة منذ نهاية التسعينيات بسبب منافسة الإنترنت لخسارة بيلد لكثير من قرائها، وفي عام 2004 أعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر مقاطعته إجراء مقابلات مع بيلد التي اتهمها بتقديم تغطية سلبية عن عمل حكومته، وشهد العام التالي انتقال بيلد من هامبورغ إلى مقرها الرئيسي الجديد بالعاصمة برلين. 

وفي عام 2012 صدرت بشأن الصحيفة دراسة بحثية أظهرت كيف دعمت رئيس وزراء ولاية سكسونيا الأسبق كريستيان فولف بكل قوة حتى وصل إلى منصب رئيس الجمهورية، وكيف شنت عليه حملة مدمرة بلا رحمة عندما قال إن الإسلام ينتمي لألمانيا، مما دفعه إلى الاستقالة من منصب الرئيس أوائل العام نفسه.

وفي عام 2013 بحثت دراسة أخرى محاولة صحيفة بيلد التأثير سياسيا في ألمانيا بما تنشره من أخبار ومواد صحفية.

المصدر : الجزيرة