"القبعات البيضاء".. منقذون تحت القصف وبين الركام

A civil defense member search for survivors at a site hit yesterday by what activists said were airstrikes carried out by the Russian air force in Idlib city, Syria, December 21, 2015. REUTERS/Ammar Abdullah
تواجه فرق "القبعات البيضاء" مخاطر وصعوبات أثناء أداء مهامها، تصل أحيانا إلى حد مواجهة الموت (رويترز)

"القبعات البيضاء" هي فرق الدفاع المدني في سوريا التي اتخذت لنفسها شعار "إنقاذ الناس"،  تمثلا بالآية الكريمة "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، كما قال للجزيرة نت في وقت سابق قائد الدفاع المدني في مدينة حلب بيبرس مشعل.

التأسيس
تشكلت "القبعات البيضاء"، أو "الخوذ البيضاء" من رحم التنسيقيات المدنية التي ظهرت بعد تفجر الثورة السورية عام 2011، وذلك بعد تخلي منظمات الإغاثة عن مهامها في إسعاف الجرحى، حيث أسس أواخر 2012 نحو مئة مركز في ثماني محافظات سورية.

تتكون من حوالي ثلاثة آلاف متطوع من سورين عاديين ينتمون إلى مشارب مختلفة، وهم غير مسلحين، يخاطرون بحياتهم لمساعدة من يحتاجون.

تعد "القبعات البيضاء" "منظمة حيادية وغير منحازة، ولا تتعهد بالولاء لأي حزب أو جماعة سياسية"، تعمل في مناطق سيطرة المعارضة لأنها ممنوعة من العمل في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك كما جاء في الموقع الرسمي لفرق الدفاع المدني على شبكة الإنترنت.

تشكلت "الخوذ البيضاء" في حلب وريفها مطلع 2013 في ظل تساقط البراميل المتفجرة على أحياء المدينة، من طرف بعض الناشطين الذين تطوعوا لأداء عملهم معتمدين في تلك المرحلة على معدات يدوية.

وأكد مسؤول العلاقات العامة في الدفاع المدني أبو البراءين للجزيرة نت أن أبرز أعمال الدفاع المدني اقتصرت وقتها على الإنقاذ والإطفاء والإسعاف.

ويوجد في حلب أكثر من خمسمئة متطوع، كلما سمعوا صوت غارة هرعوا لينقذوا ضحاياها، وفي كل مرة يكون من بينهم ضحية.

المهام والأهداف
تأمل "القبعات البيضاء" وقف القصف والقتال الذي يستهدف المدنيين من أجل السلام والاستقرار، وتتعهد بأنه وبمجرد أن ينتهي القتال، فستلتزم المنظمة بالشروع في مهمة إعادة بناء سوريا "كأمة مستقرة ومزدهرة ومحبة للسلام، التي يمكن فيها تحقيق تطلعات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

وتعمل وفقا للقانون الدولي الإنساني، كما هو معرّف في البروتوكول الأول من المادة ٦١ في اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩، وتتعهد بتوفير الخدمات المنصوص عليها في قائمة المادة الخامسة للغايات التالية: حماية السكان المدنيين من الأخطار الناجمة عن الأعمال العدائية أو الكوارث الأخرى، وتسريع عملية التعافي من الآثار المباشرة لهذه الأعمال، إضافة إلى توفير الظروف الضرورية لنجاة السكان المدنيين.

كما تسعى إلى تقديم مجموعة من الخدمات للشعب السوري، منها إنذار السكان المدنيين من الضربات والأخطار، والبحث والإنقاذ في المناطق الحضرية، وإخلاء السكان المدنيين من المناطق التي يقترب منها الصراع، و توفير الخدمات الطبية -ومنها الإسعافات الأولية- لحظة الإصابة، والإطفاء، وإدارة ملاجئ الطوارئ، وتوفير سكن الطوارئ والمؤونة، والدفن الطارئ للموتى وغير ذلك من الخدمات.

الصعوبات
تواجه فرق "القبعات البيضاء" مخاطر وصعوبات أثناء أداء مهامها، تصل أحيانا إلى حد مواجهة الموت خلال الغارات التي تشنها قوات النظام وحليفها الروسي، إضافة إلى الضغط النفسي ومسابقة الوقت للبحث تحت الركام عن المصابين ونقلهم للمشافي.

ولم تسلم فرق "القبعات البيضاء" من استهداف  قوات بشار الأسد وروسيا، فقد سقط العديد من أفرداها قتلى وجرحى. 

ومن بين الحوادث التي تعرضت لها استهداف طائرات روسية مركزا للدفاع المدني في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي يوم 26 أبريل/نيسان 2016 ما أوقع خمسة قتلى من عناصر القبعات البيضاء  في حين دمر المركز بالكامل، وقد أثارت هذه الحادثة تعاطف السوريين.

وأعلن سوريون على وسائط التواصل الاجتماعي تضامنهم مع أصحاب القبعات البيض، ووضعوا الشعار الخاص بهم على صفحاتهم الشخصية، ولم تكن تلك الحادثة الأولى التي تستهدف فيها مراكز الدفاع المدني.

وكانت منظمة "الخوذ البيضاء" ضمن المنظمات غير الحكومية التي علقت  مطلع سبتمبر/أيلول 2016 تعاونها مع الأمم المتحدة، احتجاجا على "التلاعب بالجهود الإنسانية" من قبل نظام الأسد.

الجوائز
نال الدفاع المدني السوري في المناطق المحررة في سبتمبر/أيلول 2016 "جائزة رايت لايفليهود" المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة، وذلك تقديرا لجهود أفراده في إنقاذ الأبرياء، ومنحت الجائزة من طرف مؤسسة رايت لايفليهود السويدية التي تقدم جوائز سنوية لمن يعملون في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم والسلام.

وكان ناشطون سوريون ومنظمات حقوقية وإغاثية سورية ودولية رشحوا أصحاب "الخوذ البيض" لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2016، وأطلق ناشطون حملة تضامن مع عناصر الدفاع المدني السوري في المناطق المحررة تدعو إلى دعم ترشيحهم، وذلك بعد عملهم في أكثر المناطق خطورة بالعالم.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية