ويكيليكس.. فاضح المستور

شعار موقع ويكيلكس
مؤسس الموقع جوليان أسانج لجأ إلى السفارة الإكوادورية عام 2012 ليتجنب تسليمه إلى السويد (غيتي)

موقع إلكتروني تأسس عام 2006 ونال شهرة عالمية واسعة لنشره مئات آلاف الوثائق السرية، وخاصة ما تعلق منها بسياسة الولايات المتحدة الخارجية. اعتقل مؤسسه جوليان أسانج ثم أطلق سراحه فلجأ إلى السفارة الإكوادورية عام 2012. 

يتخصص موقع ويكيليكس في كشف الفضائح والأسرار التي تنال من المؤسسات والحكومات الفاسدة، وتكشف الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما كانت. وقد أسسه جوليان أسانج برفقة زملاء له، وأطلق رسميا عام 2007.

ويعمل الموقع منذ تأسيسه على نشر المعلومات، وخوض الصراعات والمعارك القضائية والسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها، وأولها "صدقية وشفافية المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد".

وانطلق الموقع بداية من خلال حوار بين مجموعة من الناشطين على الإنترنت من أنحاء متفرقة من العالم مدفوعين بحرصهم على احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته، بدءا من قلة توفر الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والقضايا الأساسية الأخرى.

ومن هذا المنطلق، رأى القائمون عليه أن أفضل طريقة لوقف هذه الانتهاكات هو كشفها وتسليط الضوء عليها.

أهمية الموقع
وتعود أهمية الموقع إلى كشفه أسرار العديد من القضايا ذات البعد الإنساني والحقوقي، منها على سبيل المثال الأعداد الحقيقية للمصابين بمرض الملاريا الذي يقتل في أفريقيا نحو مائة شخص كل ساعة.

ويؤكد القائمون على الموقع أن أهمية ما يسربونه من معلومات تفيد في كشف سوء الإدارة والفساد بالدول التي تعاني من هذه الأزمات كالملاريا، لأن الدواء متوفر لمعالجة هذا المرض.

ويعتمد الموقع في أغلب مصادره على أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال الوثائق التي يكشفونها، ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع ويكيليكس إجراءات معينة منها وسائل متطورة في التشفير تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات.

وتُستقبل المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد، كما يحظى الموقع بشبكة من المحامين وناشطين آخرين للدفاع عن المواد المنشورة ومصادرها التي لا يمكن -متى نشرت على صفحة الموقع- مراقبتها أو منعها.

وسبق لويكيليكس أن حصل على حكم قضائي من المحكمة العليا بالولايات المتحدة ببراءته من أي مخالفة، عندما نشر ما بات يعرف باسم أوراق البنتاغون التي كشفت العديد من الأسرار حول حرب فيتنام.

القضاء
بيد أن الموقع وفي الوقت ذاته لا يطرح على قرائه آمالا مبالغا فيها، إذ يعترف بأن ما يقوم من نشر لمعلومات هامة ودقيقة قد لا تؤدي في عدة مناسبات إلى تحويل المسؤولين إلى القضاء ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من أخطاء، فضلا عن أن تقدير ذلك يعود في نهاية المطاف للقضاء وليس الإعلام.

لكن هذا لا يمنع -كما يقول القائمون على ويكيليكس- الصحفيين والناشطين والمعنيين من استخدام معلومات ينشرها الموقع للبحث والتقصي للوصول إلى حقيقة الأمر، وبالتالي يمكن لاحقا تحويل المسألة إلى قضية ينظر فيها القضاء.

وقد خلق هذا الواقع إشكاليات كبيرة بالنسبة لويكيليكس بسبب حجبه في العديد من الدول وعلى رأسها الصين، لكنه نجح في وضع عناوين بديلة يمكن من خلالها الوصول إلى صفحته وقراءة محتوياتها بفضل إمكانيات التشفير التي توظف لمنع حجب الموقع.

تدقيق الوثائق
تدقق الوثائق والمستندات باستخدام طرق علمية متطورة للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، لكن القائمين على الموقع يقرون بأن هذا لا يعني أن التزوير قد لا يجد طريقه إلى بعض الوثائق.

وانطلاقا من هذه المقولة، يرى أصحاب ويكيليكس أن أفضل طريقة للتمييز بين المزوّر والحقيقي لا يتمثل بالخبراء فقط بل بعرض المعلومات على الناس وتحديدا المعنيين مباشرة بالأمر.

تتم عملية النشر بطريقة بسيطة حيث لا يحتاج الشخص سوى تحميل الوثيقة التي يريد عرضها وتحديد اللغة والبلد ومنشأ الوثيقة قبل أن تذهب هذه المعلومات لتقويم من قبل خبراء متخصصين، وتتوفر فيها شروط النشر المطلوبة. وعند حصولها على الضوء الأخضر، يتم توزيع الوثيقة على مزودات خدمة احتياطية داعمة.

معاناة المؤسس
مؤسس الموقع الصحفي الأسترالي جوليان أسانج شرح فلسلفة ويكيليكس بقوله "لتغيير سلوك الأنظمة، علينا أن نكون متأكدين مما إذا كنا قد أدركنا بالفعل حقيقة أنها لا تريد أن تتغير. وعلينا أن نفكر في ما وراء ما فكر فيه أولئك الذين سبقونا إلى اكتشاف التغييرات التقنية التي حددت لنا طريقا للتحرك باتجاهات لم يسبقنا إليها الأجداد".

وقد نشر ويكيليكس وثائق تتعلق بقتل قضاة في كينيا، وأخرى تتناول دفن نفايات سامة على سواحل بعض الدول الأفريقية، وثالثة عن الإجراءات المتبعة في معتقل غوانتانامو.

كما نشر الموقع عام 2010 وثائق خاصة بحربي الولايات المتحدة على أفغانستان والعراق. منها نحو 250 ألف برقية دبلوماسية وخمسمئة تقرير عسكري مصنفة تحت طي "سرية الدفاع".

وبعد ضغوط دولية، اعتقلت الشرطة البريطانية أسانج في ديسمبر/كانون الأول 2010 عقب مزاعم امرأتين -من المتطوعين في ويكيليكس- بأنهما تعرضتا للاغتصاب من أسانج. وبعدما قضى مؤسس ويكيليكس تسعة أيام في السجن أفرج عنه يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2011 بكفالة قدرها 312 ألف دولار جمعها عدد من أنصاره.

وأعلن نائب وزير الخارجية الإكوادوري كينتو لوكاس أن بلاده مستعدة لاستقبال جوليان، وقال "نحن مستعدون لمنحه إذن إقامة في الإكوادور من دون أي مشكلة وأي شرط". ولجأ أسانج منذ يونيو/حزيران 2012 إلى السفارة الإكوادورية ليتجنب تسليمه إلى السويد.

المصدر : الجزيرة