الجيش الروسي

Wearing World War II-era uniform of the Red Army troops, Russian soldiers take part in the military parade on the Red Square in Moscow on November 7, 2014. Russia marked today the 73d anniversary of the 1941 historical parade, when the Red Army soldiers marched to the front line from the Red Square, as Nazi German troops were just a few kilometers from Moscow. AFP PHOTO/KIRILL KUDRYAVTSEV

أحد أقوى جيوش العالم بترسانة عسكرية برية وبحرية وجوية ضخمة، يزيد عدد دباباته على 15 ألفا، فيما يصل عدد طائراته إلى 3082 طائرة نفاثة، و736 مقاتلة وحوالي 1289 طائرة هجومية.

وبالإضافة إلى قوة صاروخية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، يمتلك الجيش الأحمر عددا من الأساطيل البحرية والغواصات النووية وحاملة طائرات واحدة.

على مستوى القوة البشرية، يبلغ عدد من يصلون إلى سن التجنيد في روسيا سنويا نحو مليون و354 ألف شخص تقريبا، فيما يصل عدد الجنود العاملين إلى 766 ألفا. أما جنود الاحتياط فيصل عددهم إلى مليونين و485 ألفا بحسب إحصاءات أوردها موقع غلوبال فاير باور عام 2014.

تاريخيا، عرفت مختلف تشكيلات الجيش الروسي انعطافات كبرى نتيجة التحولات السياسية التي عرفتها المنطقة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال الدول التي كانت تخضع لسلطته.

وأثرت هذه التحولات سلبا على عتاد الجيش وعدته وبرامج تدريب عناصره وتطوير سلاحه. وبعد سنوات من الاضطراب والتقلبات، عاد الجيش الروسي في عهد الرئيس فلاديمير بوتين إلى الواجهة محاولا الوقوف في وجه النظام العالمي الأحادي، وفرض نفسه كقوة عظمى من جديد.

ما بعد الاتحاد السوفياتي
حدثت تغيرات كبيرة على القوات الروسية بأذرعها الثلاث البرية والجوية والبحرية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه إلى دول مستقلة بعضها يشاطر العداء لموسكو.

هذه التغيرات لم تتمثل بانكماش هذه القوات إلى ما وراء حدودها وحسب، بل تعدى ذلك إلى تراجع كفاءتها القتالية وتطورها من الناحية التقنية وانخفاض عدد منتسبيها.

ويعزى ذلك إلى:

1- تهرب الكثير من الشباب الروسي من أداء الخدمة الإلزامية التي قُلّصت فترتها من ثلاث سنوات إلى سنتين خلال الحقبة السوفياتية، ثم من عامين إلى عام ونصف العام بعد انهيار النظام الشيوعي.

2- تراجع التمويل اللازم ولا سيما خلال فترة حكم الرئيس بوريس يلتسين بسبب ضعف الأداء الاقتصادي وقلة المداخيل الحكومية.

3- احتفاظ العديد من الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي -مثل أوكرانيا- بالعتاد الحديث عقب انسحاب القوات الروسية من أراضيها وذلك لعدم قدرة النظام الروسي الناشئ على شرائه أو تحمل تكاليف نقله.

القوات البرية
ظهرت القوات البرية الروسية إلى الوجود عام 1992 في ظروف صعبة وعايشت أزمات خطيرة أهمها قضية البرلمان بعد عام واحد فقط عندما أمر الرئيس يلتسين بقصف معارضيه المتحصنين داخل مجلس الدوما.

يضاف إلى ذلك انهماك القيادة العسكرية بسحب وحداتها من ألمانيا الشرقية وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا ومنغوليا وأوكرانيا ودول البلطيق.

عندها وجدت القيادة العسكرية نفسها أمام عدد هائل من الجنود يعودون إلى داخل روسيا التي لم تكن في تلك الفترة تمتلك المنشآت اللازمة لاستيعابهم، حتى إن العديد من الوحدات كانت تنام في العراء.

كذلك أضافت القيود التي فرضتها اتفاقية القوات التقليدية في أوروبا أعباء جديدة لجهة تدمير ونقل كميات كبيرة من العتاد.

ويقسم تطور القوات البرية الروسية إلى ثلاث فترات:

عهد بوريس يلتسين
نشرت وزارة الدفاع الروسية في 21 يوليو/تموز 1992 ما أطلق عليه اسم خطة إصلاح القوات البرية والتي لم تكن سوى تجميع سريع لبعض الأفكار تحت ضغط الرأي العام لإحداث إصلاحات جذرية في كافة المجالات الحكومية وأولها المؤسسة العسكرية.

وقد قضت خطة الإصلاح بإحداث تعديلات بنيوية تتلاءم مع التغيرات السياسية والجغرافية أو ما اتفق على تسميته عسكريا بـ(غياب الجبهات) مع إعطاء التشكيلات قدرا أكبر من الاستقلالية على كافة المستويات.

كما ألغت الخطة مستوى كاملا من تسلسل القيادة والسيطرة لتصبح على مستويين فقط بدلا من ثلاثة ما بين مقرات القيادة والوحدات المقاتلة مع تبسيط إجراءات تسلسل الأوامر الصادرة من المستويات القيادية.

كذلك انتقلت روسيا من نظام تشكيل الجحافل أو الجيوش إلى التشكيلات التقليدية المعروفة على مستوى الفرق والألوية. بيد أن تنفيذ هذه الخطة كان ضعيفا على المستوى العملي ولم يحقق الفائدة المرجوة منه.

وقد أرجع الخبراء ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسة:

1- غياب القيادة السياسية الفاعلة في ظل اهتمام الرئيس يلتسين بإبقاء القوات المسلحة أداة طيعة لبقاء النظام الجديد وضمان ولائها له، أكثر من اهتمامه بإصلاح المؤسسة العسكرية.

2- ضعف التمويل.

3- غياب الحماس والحزم من قبل القيادة العسكرية بالنسبة لتطبيق الإصلاحات، ورغبة العديد من القيادات العليا ببقاء النموذج السوفياتي القديم سواء من حيث العقيدة القتالية ونظم تعبئة ونشر القوات والتسليح، وإحساس هذه القيادات بصعوبة اللحاق بالمستوى الذي وصل إليه حلف شمال الأطلسي وقدرته على التوسع شرقا مقابل تراجع وضعف روسيا.

ما بعد 1997
مع وصول إيغور سيرغييف إلى منصب وزير الدفاع عام 1997، بدأ يطبق إصلاحات على المؤسسة العسكرية ككل وليس القوات البرية فقط. ومن أهم الإصلاحات التي أدخلها سيرغييف على بنية القوات المسلحة:

– تخفيض عدد الأكاديميات العسكرية مع تطوير مناهجها وأسلوب التدريب فيها.

– وضع العدد الأكبر من الوحدات موضع الجاهزية القتالية المتواصلة من حيث رفع نسبة قوتها البشرية إلى 80% وقدرتها التسليحية إلى 100%.

– في أغسطس/آب من العام 1998 أعلن سيرغييف خطة تقضي بوضع ست فرق وأربعة ألوية في حالة تأهب قصوى على مدار 24 ساعة مع نهاية العام.

بيد أن ضعف المستوى التدريبي على مستوى الأفراد ونقص التمويل والوقود أثرت في وصول القوات البرية الروسية إلى المستوى القتالي المأمول.

كما أخذ على سيرغييف قراره في ديسمبر/كانون الأول من العام 1997 حل مقار قيادة القوات البرية، الأمر الذي وصفه الخبراء الغربيون قبل الروس بأنه "خطوة سخيفة من الناحية العسكرية". وقد أدى ذلك إلى انحسار هيبة هذه القوات إذ لم تعد بنفس المستوى مقارنة مع القوات الجوية أو البحرية.

مرحلة بوتين
من أهم الخطوات التي أقدم عليها الرئيس فلاديمير بوتين بعد استلامه سدة الرئاسة، إعادة تأسيس قيادة القوات البرية مع زيادة المخصصات المالية وإدخال النظام الاحترافي.

كذلك تم الإعلان عن تخفيض مدة الخدمة الإلزامية إلى عام ونصف العام ابتداء من 2007 وإلى عام واحد مع بداية العام 2008، على أن تبقى القوات البرية خليطا بين المجندين والمتطوعين.

ومع تعافي الاقتصاد الروسي بسبب عائدات النفط، رفع الرئيس بوتين من حجم المخصصات المالية للقوات البرية لتصل إلى معدلات غير مسبوقة منذ تشكيل روسيا الاتحادية على أنقاض الاتحاد السوفياتي السابق.

فقد ارتفعت الميزانية من 141 مليون روبل في عام 2000 إلى 219 بليون روبل في العام الذي تلاه. وقد أنفق الجزء الأكبر من هذه الميزانية على القوى البشرية لاسيما رفع الأجور وبرامج التدريب الاحترافي والأبحاث مع استقطاب أكثر من 26 ألف عنصر جديد من ضباط الصف عبر النظام الذي عرف باسم (كونتراكتنكي) أي التعاقد.

وفي العام 2005 اقترح نائب رئيس الوزراء سيرغي إيفانوف تحويل جميع ضباط الصف من رتبة الرقباء إلى جنود محترفين إضافة إلى المجندين في إطار الخطة الموضوعة لرفع عدد الجنود المحترفين إلى 140 ألفا بحلول عام 2008.

لدى الجيش البري نحو 15 ألفا وخمسمائة دبابة، و27 ألفا و607 عربات عسكرية، ونحو 3781 منصة إطلاق صواريخ من مختلف الأنواع.

القوات الجوية
مع تفكك الاتحاد السوفياتي، وزعت تشكيلات القوات الجوية على الدول المستقلة وحصلت روسيا على النصيب الأكبر بواقع 40% من الطائرات، و65% من القوة البشرية، بالإضافة إلى قيادات سرب النقل الجوي بعيد المدى.

وأعيدت تسمية النقل الجوي العسكري وتشكيلات الوحدات الجوية الأمامية مع بعض التعديلات، مع العلم أن العديد من الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي طالبت بأسراب الطائرات والطيارين الذين كانوا يتمركزون على أراضيها من أجل تشكيل نواة لقواها الجوية.

في حين بقيت قيادة الدفاع الجوي مستقلة بذاتها تحت القيادة الروسية لفترة محددة إلى أن تم دمجها مع القوى الجوية عام 1998.

وقد اضطرت هذه القوات للتخلي عن خططها الطموحة للحصول على مقاتلات تكتيكية متطورة جديدة لحساب تطوير الأسراب الموجودة لديها. وأمام هذا الوضع تعين على قيادة القوى الجوية اتخاذ بعض الإجراءات التي وصفت بالمؤلمة:

– في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2004 حُلّ السربان 200 و444 من القاذفات الإستراتيجية بعيدة المدى المؤلفان من طائرات توبوليف 22 أم3.

– تم حل بعض الأسراب المقاتلة بما فيها تلك التي تستخدم طائرات من طراز سوخوي 24. ومقابل ذلك، أعلن عن تشكيل أسراب هجومية مزودة بطائرات سوخوي 25 المتطورة.

– وفي عام 2003 تم نقل جميع معدات سرب النقل والتشكيلات الجوية الأخرى الملحقة بالقوات البرية إلى صفوف القوات الجوية.

بحسب إحصاءات أوردها موقع غلوبال فاير باور عام 2014، يصل عدد طائرات الجيش الروسي إلى 3082 طائرة، في حين يصل عدد المقاتلات إلى 736، والطائرات الهجومية إلى 1289.

أما طائرات النقل فعددها 730، وطائرات التدريب 303، أما المروحيات فعددها 973، والمروحيات المقاتلة 114.

القوات البحرية
تضم القوات البحرية الروسية في تشكيلاتها كل ما كان منضويا تحت لواء البحرية السوفياتية، وتتكون من الأسطول الشمالي، وأسطول المحيط الهادي، وأسطول البحر الأسود، وأسطول البلطيق، وكوكبة سفن قزوين، والنقل البحري، ومشاة البحرية، والمدفعية الساحلية.

وخلال الحرب الباردة قامت البحرية الروسية بعدد من المهام، فضلا عن كونها ركيزة رئيسية لثالوث الدرع النووي. ويرى الخبراء العسكريون أنه وفي بعض المجالات -ولا سيما من حيث السرعة وتقنية المفاعلات- كانت الغواصات السوفياتية واحدة من أفضل القطع البحرية في العالم.

لكن، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي تلقت القوات البحرية ضربة قاسية تقنيا وبشريا بسبب نقص التمويل الهائل، الأمر الذي دفع القيادة العسكرية إلى جعل بعض السفن منازل عائمة في القواعد البحرية لاستيعاب الجنود والضباط، وإلى وقف برامج بناء سفن جديدة.

مع العلم أن بعض أسباب هذا التراجع تعود للعهد السوفياتي لجهة التنوع غير العملي للقطع البحرية التي كانت تفرضها هيئة التصنيع العسكري، بدعم من القيادة، على القوى البحرية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، امتلكت القوى البحرية السوفياتية في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عددا من الناقلات البحرية من طراز كييف التي تقاعدت مبكرا وخرجت من الخدمة قبل أوانها.

وبحلول 2006 كان لدى البحرية الروسية خمسون غواصة نووية مقارنة مع 170 عام 1991 علما بأن 24 غواصة منها فقط جاهزة للعمل.

ولم تشهد البحرية الروسية أي نشاط فعلي لها إلا مع بداية عام 2003 عبر إجراء المناورات الكبرى مع البحرية الهندية في المحيط الهندي، ومناورات أخرى في أغسطس/آب من السنة نفسها في مناورات الشرق الأقصى في "فوستوك" بالاشتراك مع قوات يابانية وكورية جنوبية.

وبحسب أرقام موقع غلوبال فاير باور لعام 2014، تتكون القوة البحرية الروسية من حاملة طائرات واحدة، وأربع بوارج حربية و13 مدمرة بحرية، و74 سفينة مقاتلة، و63 غواصة بحرية، و65 من سفن خفر السواحل، إلى جانب 34 كاسحة ألغام.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + وكالات