جار الله بكييف: آثرت أن أشتري الآخرة بالدنيا

موسى جار الله روستوفدوني التركستاني عالم مسلم روسي، شيخ الإسلام في روسيا قبل الثورة الشيوعية/ معاد للشيوعية / اضطهد وشرد

موسى جار الله، شيخ مسلمي روسيا في أواخر حقبة القياصرة وبداية الثورة البلشفية، عرف بتضلعه في الشريعة والعربية، ولعب أدوارا سياسية ودينية مهمة قبل أن يجبره الشيوعيون على الاغتراب، وأنكر على الشيعة مسائل عديدة ألف فيها كتابه الشهير "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة".

المولد والنشأة
ولد موسى جار الله بَكييف عام 1878 في مدينة روستوف الواقعة على بعد مئتي كيلومتر شمال العاصمة الروسية موسكو، ويعرف بموسى التركستاني القازاني التتري، نسبة إلى عرقه.

الدارسة والتكوين
تعلم في المدارس الإسلامية بمدينة قازان ثم في بخارى، تضلع في اللغة العربية وتعلم الفارسية والتركية والتترية والروسية، كما درس في الجامع الأزهر بمصر.

الوظائف والمسؤوليات
تولى جار الله إمامة جامع بتروغراد (لينينغراد) الكبير، واشتغل بتدريس اللغة العربية والشريعة الإسلامية لمدة. وفي عام 1926 مثّل روسيا في المؤتمر الإسلامي العالمي الأول المنعقد في مكة المكرمة.

التجربة العلمية والسياسية
بعد تمكنه من العلوم الشرعية، نشط جار الله في المجال الديني والسياسي واعتنى بترجمة ونشر الكتب الإسلامية.

وقد برز نشاطه في المؤتمرات والندوات الإسلامية، ففي 1914 كان السكرتير العام للمؤتمر الإسلامي الرابع الذي عقد في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية.

وفي 1917 شارك في مؤتمر مسلمي روسيا في موسكو وانتخب عضوا في "المجلس الإسلامي الروسي".

وفي العام ذاته، وبعد اكتمال الثورة البلشفية تقلد إمامة جامع "بتروغراد"، ثم أصدر مجلة المنبر وأنشأ مدارس لتعليم التتار المسلمين.

وقد كان يعتبر شيخ الإسلام بروسيا في نهاية حقبة القياصرة وبداية الثورة البلشفية.

لكن حكومة موسكو غضبت من جار الله بعد أن نشر كتابا بألمانيا عام 1923 بعنوان "نداء لبناء الأمة الإسلامية"، فاعتقلته السلطات عندما كان يغادر إلى مؤتمر في الهند، ثم أفرجت عنه وأخضعته للإقامة الجبرية سنتين في موسكو.

ولاحقا عاد لنشاطه السياسي والديني، وفي عام 1926 مثل روسيا في أول مؤتمر إسلامي تستضيفه مكة المكرمة.

في عام 1927 أعلن رفضه لممارسات الشيوعية ضد الفلاحين وعارض قمع الأقليات والطوائف الدينية في الاتحاد السوفياتي.

وفي عام 1930 اضطر جار الله إلى مغادرة روسيا بعد أن حرم من العمل وحتى من الحصول على ما يكفي عائلته من الطعام، فتجول في بلدان عربية وإسلامية وأوروبية عديدة، والتقى كثيرا من العلماء والمفكرين، وأصدر العديد من الكتب.

يقول عن نفسه "كان بوسعي أن أغدو كاتب روسيا الأول وأحد زعماء الطليعة فيها لو أنني تخليت عن إيماني, ولكنني آثرت أن أشتري الآخرة بالدنيا".

وكتب عنه محب الدين الخطيب فقال: "كان من كبار علماء مسلمي الشمال في روسيا، وقد نزح عن وطنه فراراً من وجه البلاشفة الذين اتخذوا أسرته المؤلفة من حرمه وستة أولاد رهينة وجردوهم من حقوقهم لأن عائلهم رفض القيام بالدعاية للبلشفية".

حاول جار الله التقريب بين السنة والشيعة فمكث أشهرا في إيران يحضر المناسبات الدينية ويناظر العلماء، وزار النجف في العراق للغرض ذاته.

 لكن هذه الجهود انتهت بصدام قوي، فقد أنكر على الشيعة مسائل عديدة ألف فيها كتابه الشهير "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة".

وقد تعرض جار الله لمضايقات كثيرة واعتقله الإنجليز في الهند وانتهى به المطاف مشردا في دار العجزة بمصر.

المؤلفات
ترك جار الله عدداً كبيراً من المؤلفات من أهمها: المعرفة هي القوة، الأدب العربي والعلوم الإسلامية، تاريخ القرآن والمصاحف، الوشيعة في نقد عقائد الشيعة، نظام التقويم في الإسلام، نظام النسيء عند العرب، شرح بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني في الحديث النبوي الشريف، شرح عقيلة أتراب القصائد في رسم المصاحف.

الوفاة
توفي موسى جار الله بكييف في دار العجزة بالعاصمة المصرية القاهرة عام 1949.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية