بيرم الخامس.. دروب الفكر والصحافة والنضال

الموسوعة - محمد بن مصطفى بيرم الخامس/ مفكر إسلامي وصحفي تونسي/ مناضل ضد الاحتلال الفرنسي

محمد بن مصطفى بيرم الخامس داعية وصحفي تونسي عرف بمطالبته بالتجديد والإصلاح الديني ونشاطه ضد الاحتلال الفرنسي، وقد أرغم على الهجرة فتنقل بين بلدان عربية واستقر به المقام في مصر.

المولد والنشأة
ولد محمد بن مصطفى بيرم الخامس عام 1840 في تونس التي نشأ بها، وينتمي إلى الأسرة البيرميّة الشهيرة التي قدِم جدُّها مع فرق الجيش العثماني تحت قيادة سنان باشا لطرد الإسبان.

الدراسة والتكوين
تتلمذ بيرم الخامس على علماء وشيوخ جامع الزيتونة من أمثال سالم بوحاجب ومحمد الطاهر بن عاشور.

التوجه الفكري
تميز بفكر منفتح وحديث، وحمل هم النهضة وانتقد حالة الجمود التي تعيشها الأمة، وكان مولعا بتحقيق الإصلاح السياسي.

دعا إلى اعتناق مبادئ الإصلاح والتمسّك بالأصالة والانفتاح على الآخر في ذات الوقت، وطالب بالحكم القائم على الشورى والعدل.

الوظائف والمسؤوليات
تولّى منصب إدارة الأوقاف عام 1874 ثم شغل منصب إدارة المطبعة الرسميّة، وعهد إليه بتنظيم المكتبة العبدليّة.

عام 1861 تولى مشيخة المدرسة العنقية في تونس، وبعد تسع سنوات اشتغل بيرم الخامس في التدريس بجامع الزيتونة. كما عمل في منصب رئيس تحرير صحيفة الرائد التونسية.

التجربة الدعوية والسياسية
بعد تلقيه العلم على مشايخ الزيتونة في تونس، اهتم بيرم الخامس بالتجديد الديني والإصلاح السياسي، وفي ذات الوقت سجل حضورا بارزا في الأدب والصحافة وناهض الاحتلال الفرنسي.

تولى في العام 1861 مشيخة المدرسة العنقية، وبعد وفاة عمّه الشيخ محمد بيرم الرابع انتصب للتدريس في جامع الزيتونة عام 1870.

يوصف بيرم الخامس بأنه أحد رواد الفكر الإسلامي، ومن أهم المدافعين عن مقومات الهوية العربيّة من تاريخ ولغة ودين وقيم.

دعا بيرم الخامس المثقفين التونسيين للتضحية والصمود في وجه الظلم والجور، وتأثر بآراء الشيخ محمد عبده عن طريق مجالسته ومقالاته التي كان ينشرها في مجلة "العروة الوثقى" ومراسلاته ومحاضراته التي ألقاها بالخلدونيّة خلال زيارته لتونس. وكان بيرم الخامس في مقدمة الأعضاء المؤسّسين لجمعية العروة الوثقى في تونس.

زار عددا من البلدان الأوروبية وأعجب بالتقدم الحاصل فيها، وساهم في تنظيم التعليم بالمدرسة الصادقية، كما ساهم في إصلاح التعليم بجامع الزيتونة، وكان حريصا على تحقيق نهضة علمية في تونس.

أصدر مصنفا في خمسة أجزاء تحت عنوان "صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار والأقطار" دوّن فيه رحلته إلى أوروبا ومصر والشام والحجاز، وأرّخ فيه للحياة الاجتماعية والسياسية في تونس والجزائر.

وقد أرغمته معارضته للاحتلال الفرنسي على الهجرة، فاضطر للانتقال إلى مصر عام 1879 ومنها إلى سوريا وزار إسطنبول. ولمّا يئس من العودة إلى تونس، سافر إلى مصر مجددا حيث طاب له المقام.

بعد الثورة العرابيّة في مصر عام 1984، أقام  بيرم الخامس بالإسكندرية وأنشأ فيها جريدة "الأعلام المصرية"، وقد أسندت إليه في مصر مسؤوليّات عديدة.

كتب مقالات كثيرة في جريدته، كما نشر مقالات في صحيفتي "الجوائب" التركية و"الوقائع" المصرية.

وإلى جانب الصحافة والدعوة والسياسة، عرف بيرم الخامس بحضوره في الحقل الأدبي، وقد رأى بعض النقاد أن شعره يتميز بالصور الزاهية وملامسة الوجدان والالتصاق بالنفس.

لم يخرج إنتاجه الشعري عن معاني الأقدمين وأساليبهم، وبقي معظمه في الوطنيّة والحكم والرثاء والمديح.

المؤلفات
كتب مؤلفات عديدة منها: سكنى دار الحرب، عقد الدرّ والمرجان في سلاطين آل عثمان، التحقيق في مسألة الرقيق، مختصر فن العروض، صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار والأقطار.

الوفاة
توفي محمد بن مصطفى بيرم الخامس بالقاهرة عام 1889 ودفن قرب ضريح الإمام الشافعي.

المصدر : الجزيرة