مثنى حارث الضاري

مثنى حارث الضاري

مثنى الضاري سياسي وإعلامي عراقي؛ نشط إلى جانب والده حارث الضاري في تأسيس وإدارة هيئة علماء المسلمين في العراق، ثم انتخِب خلفا له أمينا عاما لها. اعتقلته قوات الاحتلال الأميركي بالعراق، واتهمته واشنطن بتوفير الدعم المالي واللوجستي لتنظيمات "إرهابية" فأدرجت اسمه في لائحة العقوبات الأممية.

المولد والنشأة
وُلد مثنى حارث سليمان الضاري الزوبعي الشمري عام 1969 في قضاء أبو غريب (محافظة بغداد) بالعراق لأسرة مشهورة بأدوارها في السياسة الوطنية العراقية؛ فجده الشيخ سليمان الضاري أحد القادة الكبار لـ"ثورة العشرين" أيام الاحتلال البريطاني.

الدراسة والتكوين
تابع الضاري تعليمه النظامي بالعراق حتى نال شهادة بكالوريوس الشريعة من كلية العلوم الإسلامية بجامعة بغداد عام 1991، ثم أكمل فيها دراساته العليا فحصل على ماجستير في أصول الفقه الإسلامي 1995، والدكتوراه في نفس التخصص عام 2000 بأطروحة علمية عنوانها: "الضوابط الأصولية للسياسة الشرعية في العصر الحديث".

الوظائف والمسؤوليات
عمل الضاري محاضرا في كلية العلوم الإسلامية بجامعة بغداد سنوات 1997-1998 و2001-2002، ثم عُين مدرسا فيها لأصول الفقه في 2002-2004. وأشرف فيها على العديد من رسائل الماجستير. وكان عضوا مؤسسا في رابطة التدريسيين الجامعيين في العراق.

عينته هيئة علماء المسلمين في العراق مسؤولا عن قسم الثقافة والإعلام فيها (2003-2015)، واختير عضوا في مجلس شوراها (2004-2015)، ثم انتخبته أمينا عاما لها في مايو/أيار 2015 إثر وفاة والده. وكان مشرفا على قناة "الرافدين" الفضائية المحسوبة على الهيئة خلال 2005-2014.

التجربة السياسية
بدأ مثنى مسيرته السياسية مساعدا لوالده حارث الضاري الذي كان من أبرز الشخصيات العلمية والسياسية الداعية لمقاومة الاحتلال الأميركي للعراق، والرافضة لتنظيم أي عملية سياسية في ظل وجوده، وفي ذلك كله لم يختلف الولد عن والده.

فقد شارك مثنى في المجلس التأسيسي لـ"هيئة علماء المسلمين في العراق" التي أنشئت يوم 14 أبريل/نيسان 2003 في خضم الغزو الأميركي والغربي للعراق، وظل الهم السياسي جزءا أساسيا من اهتمامها إلى جانب دورها الديني في الإفتاء والدعوة ونشاطها الخيري الإغاثي. وأسندت إليه الهيئة إدارة أنشطتها الإعلامية عام 2004.

اعتقلته القوات الأميركية يوم 8 فبراير/شباط 2004 غربي بغداد بعد عودته من لقاء تلفزيوني تحدث فيه عن الأسباب التي دعت هيئته إلى عدم الانضمام إلى "المؤتمر الوطني العراقي" المنظم آنذاك، واصفا إياه بأنه أحد واجهات الاحتلال في البلاد، ثم أفرجت عنه بعد أيام. وكان بذلك الشخصية الأبرز في هيئة علماء المسلمين التي تعتقلها قوات الاحتلال.

اتهمته الولايات المتحدة بإصدار أوامر بتنفيذ عمليات خطف للأجانب في العراق، وبأنه المخطط لمحاولة جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2006 لجلب قنابل إلى المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، كجزء من "محاولة" لاغتيال قائد القوات الأميركية في العراق والسفيرين الأميركي والبريطاني. وهو ما اضطر معه الضاري ووالده وقادة في هيئة علماء المسلمين في العراق إلى مغادرة العراق والإقامة في الأردن.

وفي 25 مارس/آذار 2010 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية على مثنى الضاري لاتهامه بتوفير الدعم المالي واللوجستي لتنظيم القاعدة في العراق، والتوجيه بالقيام بهجمات ضد القوات الأميركية والعراقية هناك.

وقالت الوزارة إن لجنة العقوبات الأممية -التي أسسها مجلس الأمن الدولي لتطبيق عقوبات ضد القاعدة وحركة طالبان وشركائهما إثر هجمات 11 سبتمبر– أضافت اسم الضاري إلى قائمتها الموحدة للأفراد والكيانات ذات الصلة بالجماعتين، بناءً على طلب من العراق والولايات المتحدة.

وتجاوبا مع القرار الأميركي قررت وزارة الخارجية الأردنية وضع الضاري على "قائمة الإرهاب" الأردنية، واستندت في ذلك -حسب توجيه وزعته على مؤسسات حكومية أردنية (بينها هيئة الأوراق المالية)- إلى تعميم صادر عن مجلس الأمن.

وقد استنكرت هيئة علماء المسلمين في العراق "انحياز لجنة في الأمم المتحدة لاتهامات الإدارة الأميركية التي تستند إلى معلومات قدمتها الحكومة العراقية"، وأكدت أن مثنى الضاري لا يملك أي أرصدة أو حسابات بنكية في أي دولة عربية أو أجنبية حتى تستهدف بعقوبات التجميد. كما أعلنت تشكيل فريق قانوني من محامين قانونيين لمعالجة الاتهامات الموجهة للضاري، وتفنيد الادعاءات التي استندت إليها اللجنة الأممية.

وإثر وفاة والده الشيخ حارث الضاري في 12 مارس/آذار 2015، تولى مثنى مهمة تصريف أعمال الأمانة العامة للهيئة حتى انتخِب أمينا عاما لها يوم 11 مايو/أيار 2015 بأغلبية أصوات أعضاء مجلس شوراها خلال اجتماع طارئ عقده. وبعد انتخابه أطلق في أغسطس/آب 2015 مبادرة هيئة علماء المسلمين التي جاءت بعنوان: "مشروع العراق الجامع: الحل المناسب لإنقاذ العراق والمنطقة".

يرى مثنى الضاري أن "هوية العراق عربية إسلامية، وهو بلد متنوع الأعراق والمذاهب والأديان، ولا يوجد حل لأزمة العراق إلا بهذه الصيغة لأن العراق أصبح ساحة كبيرة لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية ودولية عديدة، ولن تجدي معه حلول سياسية وحديث عن مصالحة غير قابلة للتطبيق لأن هدفها الوحيد هو تلميع صورة الحكومة داخليا وخارجيا واستقطاب بعض القوى إليها".

ويقول إن "مصير السُّنة في العراق الآن حالة فريدة لم تحصل لغيرهم سابقا لأنه في كل حالة سابقة -وأنا قمت بتتبع هذه الحالات- هناك منفذ ما.. هناك مخرج ما.. هناك ملجأ ما، أما في العراق فلا منفذ ولا مخرج ولا ملجأ لهم". وينتقد التدخل الإيراني في الشؤون العراقية والهيمنة على العملية السياسية بما وصل لحد الاحتلال غير المعلن للبلاد، من خلال الجنود على الأرض وزرع الخبراء والمستشارين في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

ويؤكد الضاري أن "كل من نشط في الساحة العراقية منذ بداية الاحتلال إلى الآن يتحمل المسؤولية ولكن بنسب متفاوتة، نحن منذ البداية طرحنا المشروع الوطني، ونددنا بالاحتلال، وأنكرنا المحاصّة الطائفية، وأشهرنا الفساد وسرقة المال العام، ونبهنا على كل ذلك وعملنا في هذا الإطار، ودعمنا وأيدنا المقاومة لأننا نعتقد أنها خيار وحيد في ذلك الوقت، فنحن نتحمل المسؤولية مع الجميع؛ ولكن الذي يؤشر إلى الرؤية الصحيحة ويضع العلاج ثم بعد 12 سنة يأتي العلاج بما قاله، أعتقد أنه يكون قد وفّى بما قاله".

المؤلفات
نشر الضاري عدة كتب ودراسات في أصول الفقه وعن الأوضاع السياسية والأمنية في العراق وكيفية التعامل معها من وجهة النظر الشرعية والسياسية. كما كتب "دراسة أصولية حول تجربة تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان"، و"دراسات أصولية في مقدمة ابن خلدون"، و"مجلس شورى الاجتهاد في الأندلس: تجربة مؤسسة تشريعية فريدة".

ومن أبحاثه في الشأن العراقي: "المقاومة العراقية" (مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت 2004)، و"الاتفاقية الأمنية ومشروعية المقاومة"، و"رؤية هيئة علماء المسلمين للخروج من الأزمة في العراق"، و"إدارة الصراع مع العدو.. العراق نموذجا"، و"العلماء في خدمة المجتمع زمن الاحتلال: هيئة علماء المسلمين في العراق نموذجا"، و"المقاومة العراقية: دلالات الحاضر والمستقبل"، و"النظام العربي الرسمي والعراق.. المطلوب والواقع".

المصدر : الجزيرة