إبراهيم الكوني.. روائي ينقب عن كنوز الصحراء

إبراهيم الكوني كاتب وشاعر ليبي يجيد تسع لغات ويحتفي بالصحراء في أدبه الغزير، تناولت إصداراته السياسة والتاريخ والمعتقدات الدينية وتوج بجوائز مرموقة في دول عديدة بينها سويسرا وفرنسا واليابان.

المولد والنشأة
ولد إبراهيم الكوني عام 1948 بمدينة غدامس الليبية قرب الحدود مع تونس لأسرة من الطوارق.

الدراسة والتكوين
تلقى مراحل تعليمه الأولى في سبها بجنوب ليبيا، ثم التحق بموسكو وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب ثم الماجستير في العلوم الأدبية والنقدية من معهد غوركي عام 1977.

يجيد الكوني تسع لغات بينها العربية والروسية والألمانية والفرنسية.

الوظائف والمسؤوليات
شغل الكون منصبين بوزارة الشؤون الاجتماعية ولإعلام والثقافة بليبيا. واشتغل عام 1975 مراسلا لوكالة الأنباء الليبية بموسكو.

كما عمل مستشارا إعلاميا بالمكتب الشعبي الليبي بموسكو 1987 وشغل المنصب نفسه في برن بسويسرا عام 1992.

التجربة الأدبية
نسج الكوني علاقته بالحقل الثقافي والأدبي أثناء دراسته المرحلتين الإعدادية والثانوية بالجنوب الليبي. وبعد أن انتقل إلى موسكو لدراسة الآداب والنقد بدأ كتابة الرواية، ثم أصدر لاحقا دواوين وكتبا نقدية. ومعظم مصنفاته تتناول السياسة والتاريخ.

في حقبة السبعينيات كانت النظرية السائدة في روسيا ترى أن الرواية صنف أدبي مدني بمعنى أنه لا يتصور إنتاجها في غير المدينة ولا يمكن أن تتناول سوى مفردات وشخصيات وعوالم متحضرة.

لكن إبراهيم الكوني قلب هذه النظرية فكتب روايات وملاحم صحراوية تدور في معظمها حول واقع ليبيا والعلاقة التي تربط الإنسان بالصحراء.

يرفض الكوني اعتبار الصحراء مجرد خلاء، ويؤكد أنها عوالم ملهمة ومنفتحة على جوهر الكون ومتصالحة مع حتمية القدر الذي لا يرد.

يكتب الكوني عن الصحراء الليبية التي يراها رمزا للوجود الإنساني وكنزا أسطوريا في حوض البحر الأبيض المتوسط. وإلى جانب مشاهد الصحراء تحضر في أعمال الكوني المعتقدات الدينية وأشعار الطوارق.

وبالرغم من أن الرواية تشغل الحيز الأكبر والأهم في أعمال الكوني فإنه يحتفي بالشعر ويرى أنه لا حاجة للرواية أصلا إن لم تحتو على طاقة شعرية.

يقول الكوني إن "الصحراوي مليء بالأشجان والشعر. الشعر هو دموع العابر، وبدل أن نبكي محنتنا الوجودية نستجير به".

وقد كتب الكوني أزيد من سبعين عملا أدبيا وترجمت أعماله إلى أكثر من أربعين لغة وظل موضع تقدير في محافل أدبية مرموقة في اليابان وفرنسا وسويسرا وألمانيا والعالم العربي.

يقول الكوني إنه يحب الكتابة باللغة العربية لا لثرائها وتعبيرها عن الصحراء فحسب، بل لقدرتها على صياغة وسوسة الروح.

في الجانب السياسي عارض الكوني باكرا نظام الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، وكان أول كتاب يصدره "نقد الفكر الثوري". وقد دفع ثمن موقفه السياسي فعاش في المنفى وتنقل بين دول عديدة ثم استقر في سويسرا التي منحته جنسيتها واحتفت بإنتاجه في عدة مناسبات.

عندما اندلعت الثورة الليبية في فبراير 2011 باركها الكوني وقال إن ليبيا ستفاجئ العالم عندما تتحول إلى ديمقراطية واستشهد بالمقولة المأثورة عن أرسطو "من ليبيا دائما يأتي جديد".

يرى الكوني "أن هذه الثورة سمحت للعالم باكتشاف وجه ليبيا الحقيقي واكتشاف صفات هذا الشعب النبيل الصبور المتسامح، الذي انتظر طويلا وخذل طويلا وتسامح طويلا ولم يجد من وليّ الأمر إلا الإنكار".

المؤلفات
من إصدارات الكوني: ثورات الصحراء الكبرى، نقد الفكر الثوري عام 1975، الصلاة خارج نطاق الأوقات الخمسة، بيان في لغة اللاهوت، وروايات: رباعية الخسوف 1989، التبر، نزيف الحجر عام 1990، وطن الرؤى السماوية عام 1991، لغز الطوارق يكشف لغز الفراعنة وسومر 2001،  من أنت أيها الملاك. ومن أعماله الشعرية ديوانا: البر والبحر، النثر البري.

الجوائز والأوسمة
حصل على عدة جوائز قيمة منها، جائزة الدولة في ليبيا عام 1996، وجائزة الكونفدرالية السويسرية عام 1995، وجائزة اللجنة اليابانية للترجمة عام 1979.

وتقديرا لأعماله نال جائزة الكونفدرالية السويسرية الاستثنائية عام 2005، ووسام الفروسية الفرنسي للفنون والآداب عام 2006، ثم جائزة الكلمة الذهبية من اللجنة الفرانكفونية التابعة لليونيسكو.

كما نال جائزة الشيخ زايد للكتاب بـالإمارات (فرع الآداب) في دورة 2007-2008.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية