رونالد كوز
رونالد كوز اقتصادي وأكاديمي بريطاني، نال جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1991 لإسهاماته النظرية في مجالي الاقتصاد الجزئي واقتصاد المنظمات، تعد نظرياته بشأن "تكاليف التبادل" و"التكلفة الاجتماعية" أهم إنجازاته التي جعلته محل اهتمام واحترام الأوساط الأكاديمية.
المولد والنشأة
ولد رونالد كوز في 29 ديسمبر/كانون الأول 1910 بلندن، ونشأ في أسرة متواضعة لم تصب حظا عظيما من التعليم، حيث ترك والداه المدرسة مبكرا، وكان الوالد عامل تلغراف بمكتب البريد، في حين انقطعت الأم عن العمل بعد زواجها وتفرغت لشؤون منزلها وتربية ابنها الوحيد.
الدراسة والتكوين
التحق كوز بمدرسة لندن للاقتصاد في أكتوبر/تشرين الأول 1929 وحصل منها على الإجازة في التجارة سنة 1932، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن عام 1951.
التوجه الفكري
على الرغم من تأثره المبكر بأفكار المدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد إبان دراسته الجامعية فإن كوز تجاوز في أبحاثه الفكرة القائلة بقدرة السوق على توفير تنسيق أمثل للأنشطة الاقتصادية نظرا لوجود ما سماها "تكاليف التبادل" التي تأتي انطلاقا من قناعته بضرورة انطلاق التنظير الاقتصادي من ملاحظة الواقع واستقرائه بدلا من التركيز على النماذج الرياضية المغرقة في التجريد والمفتقدة للواقعية في أحيان كثيرة.
الوظائف والمسؤوليات
بدأ رونالد كوز حياته المهنية أستاذا مساعدا في مدرسة دندي للاقتصاد والتجارة بأسكتلندا عام 1932، ثم انتقل إلى جامعة ليفربول عام 1934 لكنه لم يمكث بها أزيد من سنة أكاديمية واحدة، عمل بعدها أستاذا في مدرسة لندن للاقتصاد وظل فيها حتى حصوله على درجة الدكتوراه عام 1951.
انتقل كوز إلى الولايات المتحدة، حيث عمل أستاذا في جامعة بوفالو (نيويورك) في الفترة من 1951-1958، ثم جامعة فيرجينيا في الفترة من 1958-1964، والتحق بجامعة شيكاغو عام 1964 وعمل بها حتى تقاعده سنة 1981، لكن التقاعد لم يحل بينه وبين مهنة التدريس فعمل وأستاذا زائرا في القانون والاقتصاد بالجامعة نفسها عام 1982.
وبالموازاة مع مهامه الجامعية شغل كوز منصب رئيس التحرير في مجلة القانون والاقتصاد بين عامي 1964 و1982، وترأس الجمعية الدولية للاقتصاد المؤسساتي الجديد في الفترة من 1996-1997 وكان من بين مؤسسيها، كما تقلد مهمة المستشار العلمي في معهد رونالد كوز منذ تأسيسه في عام 2000.
التجربة الفكرية
نشر كوز أول مقالة علمية له سنة 1937 تحت عنوان "طبيعة المقاولة"، وكانت ثمرة لدراسة ميدانية أجراها في الولايات المتحدة بين عامي 1931 و1932 في إطار منحة دراسية سمحت له بالقيام بالعديد من الزيارات للمقاولات الصناعية الأميركية.
وكانت الأسئلة التي شغلت بال كوز أثناء شروعه في بحثه هي: لماذا توجد المقاولات؟ وما هي العوامل المحددة التي تشرح اختلاف أشكالها التنظيمية؟ وإذا كانت السوق حقا قادرة على توفير تنسيق أمثل للأنشطة الاقتصادية عبر نظام الأسعار فلماذا تلجأ الشركات إلى إدماج بعض الأنشطة الإنتاجية داخلها عوضا عن اللجوء إلى السوق والاكتفاء باقتناء السلع والخدمات التي تحتاجها؟
وجد كوز ضالته في ما سماها "تكاليف التبادل" التي شرح فيها الطرق التي تؤثر من خلالها تكاليف التبادل على تنظيم الاقتصاد والمجتمع، وتعد هذه المقالة من أكثر المقالات التي استشهد بها في الأوساط الأكاديمية الاقتصادية بالقرن العشرين.
قدم كوز في عام 1960 مقالة أخرى عنوانها "مشكلة التكلفة الاجتماعية" تتعلق بالآثار الجانبية التي تحدثها بعض الأنشطة الإنتاجية، مثل التلوث وكيفية جبر الضرر اللاحق بالمتضررين من جراء هذه الآثار.
ويرى كوز أن التقليل من تكاليف التبادل وإرساء حقوق ملكية واضحة ومعممة على جميع الموارد يجعلان السوق تتوفق إلى حل مشكلة الآثار الجانبية السلبية بشكل فعال دونما أي حاجة لتدخل مركزي من الدولة من أجل فرض ضرائب على المتسببين في هذه الآثار.
المؤلفات
ألف كوز عدة كتب ومقالات أكاديمية في مجالي الاقتصاد الجزئي واقتصاد المنظمات، ومن بين أعماله "طبيعة المقاولة" (1937)، و"الإذاعة البريطانية.. دراسة في الاحتكار" (1950)، و"المقاولة والسوق والقانون" (1988)، و"مقالات حول البنية المؤسساتية للإنتاج" (1990)، و"كيف أصبحت الصين رأسمالية؟" (2012) وقد اشترك في تأليفه مع نينغ وانغ.
الجوائز والأوسمة
نال كوز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1991 لإسهاماته النظرية في مجالي الاقتصاد الجزئي واقتصاد المنظمات، خصوصا نظريته المشهورة بشأن تكاليف التبادل والتي صاغها ابتداء في مقاله المنشور عام 1937 عن طبيعة المقاولة، كما حصل عام 1998 على الدكتوراه الفخرية من جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس.
الوفاة
توفي رونالد كوز في الثاني من سبتمبر/أيلول 2013 بمدينة شيكاغو الأميركية عن عمر ناهز 102 عام.