إلياس العماري.. زعيم حزب "الجرار" المستقيل

FS34 - Rabat, -, MOROCCO : Ilyas el Omari, Vice Secretary General of the Party of Authenticity and Modernity (PAM) speaks during a press conference following the results from Moroccan municipal and regional elections on September 5, 2015 in Rabat. Morocco's Islamists came first in regional elections seen as a test of their popularity after nearly four years in power, but trailed the liberal opposition in municipal polls, results showed. The PAM, a liberal opposition party founded by a politician close to the king, came second with 19.4 percent. AFP PHOTO / FADEL SENNA

إلياس العماري، سياسي مغربي ينحدر من منطقة الريف شمال البلاد. انتُخب أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة في يناير/كانون الثاني 2016 قبل أن يستقيل من منصبه بعد عام ونصف، كما انتُخب رئيسا لجهة طنجة تطوان الحسيمة في تشريعيات أكتوبر/تشرين الأول 2015، التي كانت أول انتخابات جهوية تجري بعد تعديلات إدارية منحت الجهات صلاحيات مهمة في إطار توجه المغرب إلى تطبيق الجهوية الموسعة.

المولد والنشأة
وُلد إلياس العماري في الأول من يناير/كانون الثاني 1967 في قرية (آمنود) بإقليم الحسيمة لأسرة بسيطة، وكان والده فقيها يؤم الناس في أحد مساجد القرية.

الدراسة والتكوين
تلقى إلياس العماري تعليمه الأولي والثانوي بالحسيمة، ثم تنقل بين وجدة وفاس والرباط لمتابعة دراسته الجامعية، والتحق مبكرا بصفوف الحركة الطلابية وانخرط في صفوف اليسار المغربي. يقول أنصاره إنَّ شغفه بالسياسة والعمل الجمعوي حال دون مواصلة مشواره التعليمي.

التجربة السياسية
نشط إلياس العماري في سنٍ مبكرة في المجتمع المدني بمنطقة الريف، ودخل السجن في ثمانينيات القرن الماضي بسبب انتمائه للحركة اليسارية التي كانت حينها مناوئة للنظام الملكي.

وبعد خروجه من السجن تحول اهتمامه أكثر إلى النشاط الجمعوي، فانتسب لعدة جمعيات في منطقة الريف تعمل في المجال التنموي وترفع شعار تنمية هذه المنطقة.

ونشط العماري بجمعية تطالب بتعويض ضحايا الغازات الكيميائية التي استخدمتها إسبانيا خلال "انتفاضة الريف" بقيادة المقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي في عشرينيات القرن الماضي.

بيد أنَّ مناوئي الرجل يعتبرون أنَّ ذلك النشاط لم يكن حافزه العمل الجمعوي لذاته، وإنَّما رغبة الشاب الطموح في تعزيز مكانته مخاطبا لدى السلطات عن شؤون الريف، وأسعفه في ذلك غياب النخب التي هجر أغلبها المنطقة إلى الحواضر الكبرى.

ليست للعماري تجربة إدارية يُعتد بها، وإن كان تولى مناصب دفعت به إلى واجهة الحدث السياسي، فقد ارتبطت بدايةُ ظهوره في المشهد الإعلامي المغربي بتعيينه عضوا في مجلس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عام 2002، وتعزز حضوره بعد ذلك بسنة واحدة حين عُيَّن عضوا في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

ومع ذلك، فإنَّ أهم منصب تقلده العماري يبقى انتخابيا بامتياز، وهو رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة التي تولاها إثر فوزه في الانتخابات الجهوية والمحلية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

احتفظ العماري من حقبة النضال في صفوف اليسار بعلاقاتٍ وطيدة مع رموزِ هذا التيار الذين كان أغلبهم -إلى حدود تجربة التناوب التوافقي في 1998- يحظون بثقة شرائح واسعة من المجتمع، ترى أنهم قادرون على تقديم مشروع مجتمعي يأخذ البلاد إلى مرحلةٍ جديدة من الديمقراطية والتنمية، تقطع مع الأساليب العتيقة للنخب الحاكمة.

وتمكن إلياس العماري من استثمار صداقاته القديمة في إقناع بعض رموز اليسار بالمصالحة مع النظام الملكي والانخراط في الحياة السياسية والحقوقية.

انخرط العماري في حركة لكل الديمقراطيين التي أسسها فؤاد عالي الهمة، زميل دراسة الملك محمد السادس وأحد المقربين منه، وهي الحركة التي تحولت إلى حزب الأصالة والمعاصرة عام 2009.

خصوم العماري ما انفكوا يتهمونه بأن له علاقات بالأجهزة الأمنية، وهو ما نفاه المقربون منه بشدة.

نشط العماري في الحزب الناشئ (الأصالة والمعاصرة) وكان رأس الحربة في الظهورات الإعلامية النارية ضد الأحزاب المناوئة وفي صدارتها حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

ظهر اسم إلياس العماري ضمن المتهمين شعبيا بالفساد في لافتات رفعتها حركة 20 فبراير إبان فوران الربيع العربي عام 2011، فتوارى عن المشهد السياسي، وكذلك فعلَ زميله في قيادة الحزب فؤاد عالي الهمة الذي عُيَّن مستشارا ملكيا، في خطوة قيل إن الملك محمد السادس سعى بها إلى فك ارتباط صديقه بالأصالة والمعاصرة، ولحمايته كذلك بحكم الاحترام الكبير الذي يحظى به الملك والدوائر التابعة له بشكل مباشر.

قاد الرجل حزب الأصالة والمعاصرة -المعروف باسم الجرار نسبة إلى شعاره- في تشريعيات أكتوبر/تشرين الأول 2015، التي توجت بسيطرة الحزب على أغلبية جهات المملكة (وعددها 13)، رغم أنَّه لم يتصدر النتائج في أغلبها وإنَّما كسبها عبر تحالفات سياسية وصفت بـ"الغامضة" في ظل اتهاماتٍ من خصومه باستخدام النفوذ والمال السياسي لكسب المستشارين في عمليات التصويت لرؤساء الجهات.

بدا جليا أن المرحلة التالية هي إمساك الرجل رسميا بقيادة الحزب، وهو ما فعله في المؤتمر الذي انعقد في يناير/كانون الثاني 2016.

وبين فوزه برئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة (خريف 2015) وتوليه الأمانة العامة للحزب (شتاء 2016)، أطلق العماري إمبراطورية إعلامية تضم موقعا إلكترونيا وصحيفة وإذاعة، وسط أنباء تتحدث عن سعيه للحصول على ترخيص لقناة تلفزيونية.

قاد حملة انتخابية شرسة ضد حزب العدالة والتنمية أثناء الاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ووجه انتقادات لاذعة للحزب الذي يقود الحكومة، وقال إنه أغرق البلاد في مشاكل اقتصادية لا حصر لها.

ونفى العماري وجود علاقة بينه وبين مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة منذ أن أصبح مستشارا للملك، موضحا أنه كان من بين المؤسسين للحزب ولم يكن المؤسس الوحيد.

وبشكل مفاجئ، قدم إلياس العماري الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" -وهو حينها أكبر حزب معارض في البلاد- استقالته للمكتب السياسي، أعلى هيئة تنفيذية بالحزب في 7 أغسطس/أب 2017.

وقال عبد اللطيف وهبي، البرلماني عن الحزب في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) لوكالة الأناضول للأنباء، إن "إلياس العماري الأمين العام قدم استقالته للمكتب السياسي بالحزب، ورفضها الأخير".

غير أنه أوضح في الوقت نفسه أن المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب)، هو الذي سيبت في هذه الاستقالة بشكل نهائي، بحسب القانون الداخلي للحزب، من دون توضيح موعد البت فيها.

ولم يعلن العماري سبب الاستقالة، غير أنها تأتي بعد أيام من انتقادات وجهها الملك محمد السادس للسياسيين في البلاد، على خلفية "حراك الريف" شمال البلاد.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية