جون بول بيلموندو

French actor Jean-Paul Belmondo poses on September 9, 2010 in the recreation of his father's studio at the Paul Belmondo museum, in Boulogne-Billancourt, outside Paris. Dedicated to the artist's work, the Paul Belmondo museum houses an important collection of his sculptures, moulds, medals and drawings and will open on September 18, 2010.

من أهم الممثلين في تاريخ السينما الفرنسية، جمع بين إتقان أفلام الكوميديا والحركة، وقدم مزيجا ناجحا لهذين الصنفين في أدواره العديدة، التي تجسد مسيرة حافلة بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، حينما استسلم بطل الملاكمة لسحر الشاشة الكبرى.

الميلاد والنشأة
ولد جون بول بيلموندو في منطقة نويلي سور سين بفرنسا في التاسع من أبريل/نيسان 1933، ونشأ في أسرة فنية؛ فوالده بول -الذي ولد بالجزائر– كان نحاتا معروفا، ووالدته سارا راينو ريشارد كانت رسامة، وعاش مع أسرته أوقاتا صعبة في ظل الحرب العالمية الثانية، حيث ركد سوق الفن وواجهت عائلة بيلموندو أوقاتا عصيبة.

كان في صغره ذا نزعة متمردة وقليل الاهتمام بدروسه، لكنه -في المقابل- شغف مبكرا بالرياضة، خاصة كرة القدم والدراجات، قبل أن يكتشف الملاكمة التي مارسها هاويا ثم محترفا.

الدراسة والتكوين
في فترة إصابته بمرض السل، وهو في عمر الـ16، قرر بيلموندو ولوج عالم التمثيل، وانفتح له الباب عبر متابعته دروس رايمون جيرارد، الذي بدأ تحت إشرافه أداء أدوار مسرحية، كما ساعده على التحضير لمقابلة بالمعهد القومي العالي للفن الدرامي، لكنه فشل فيها.

وعاد ليجرب حظه مع اختبار الدخول ففشل مرة أخرى، ولم ينجح إلا في التجربة الثالثة في أكتوبر/تشرين الأول 1952، وقضى أربع سنوات بالمعهد الذي لم يكن أساتذته يقدرون موهبة جون الفنية، ولا توقعوا أن يحقق النجاح الذي صادفه في مسيرته الاحترافية.

التجربة الفنية
في 1953، وهو في العشرين، بدأ بيلموندو مسيرته الفنية على خشبة المسرح عبر أدوار في عروض كلاسيكية، وكان عليه أن ينتظر حتى عام 1956 ليشارك في فيلم "أصدقاء الأحد" الذي واجه صعوبة في التوزيع (لم يخرج إلى القاعات إلا عام 1967).

لكن إطلالته السينمائية النوعية تحققت عام 1958 مع فيلم "كوني جميلة واصمتي" لمارك أليغري، حيث سيلتقي غريمه النجم الفرنسي ألان ديلون في بداياته أيضا.

موهبة بيلموندو حظيت بتقدير الناقد والسينمائي الفرنسي الكبير جون لوك غودار الذي أشركه في فيلم قصير بعنوان "شارلوت وجول"؛ مما دشن لانخراط بيلموندو مع مخرجي ما عرف "بالموجة الجديدة"، ثم أوقف النجم الفرنسي مساره السينمائي للالتحاق بالجيش الفرنسي في حرب الجزائر.

ثم عاد ليحصل على دور مع مخرج كبير آخر هو كلود شابرول، وعاود العمل مع غودار في "منقطع الأنفاس"، وهو فيلم بالغ الأهمية في تاريخ صناعة السينما، ويصنف ضمن أهم الأفلام التي أرست أسسا جديدة للسينما، وأمدتها بأبعاد فكرية وجمالية وتقنية حديثة".

مع هذا الفيلم الذي خرج عام 1960 ونجاحه النقدي والجماهيري الكبير، أصبح جون بول نجما قوميا، وأتم هذه العشرية بلعب أدوار في 34 فيلما، جسدت في تنوعها قدرة بيلموندو على تغيير جلده وإتقان ألوان سينمائية مختلفة.

حملته نجوميته خارج فرنسا على الانفتاح على مخرجي ونجوم السينما الإيطالية، فقد شارك البطولة مع كلوديا كاردينال في "لا فياشيا" لماورو بولوغنيني وصوفيا لورين في "لا سيسيارا" لفيتوريو دي سيكا، قبل أن يجدد اللقاء مع جون لوك غودار في "المرأة تظل امرأة".

توالى تحطيم أفلام بيلموندو الأرقام القياسية على مستوى القاعات، على غرار فيلم "رجل ريو" عام 1964 الذي حقق خمسة ملايين تذكرة. وفي غضون ذلك، انتخب جون بول رئيسا للنقابة الفرنسية للممثلين.

حاول النجم الفرنسي خوض تجربة هوليود بتشجيع من الممثلة أورسولا أندريس التي ارتبط بها وكانت سببا في إنهاء زواجه الأول، لكنه تراجع عن المغامرة مفضلا استثمار نجاحه محليا بالعمل مع كبار المخرجين من أمثال فرانسوا تروفو وكلود لولوش.

عام 1970، تجدد لقاء بيلموندو وألان ديلون في فيلم بورسالينو، لكن اللقاء تحول إلى صراع حسمه القضاء عام 1972 لصالح بيلموندو، علما أن ديلون كان منتج الفيلم أيضا. ونشأ الخلاف بشأن الملصق الدعائي للفيلم، حيث اتفق في العقد على صيغة تضع اسم المؤسسة المنتجة دون أن تضم اسم المنتج ديلون، على أن يسبق اسم بيلموندو اسم ديلون، لكن منفذ التصميم ذكر اسم ديلون منتجا في جملة ببداية الملصق، محتفظا بترتيب اسم بلموندو قبل اسم ديلون تحتها مباشرة.

ابتداء من منتصف السبعينيات، ومع بعض الإخفاقات، اتجه بيلموندو إلى أفلام الترفيه التي تجمع غالبا بين الكوميديا والمقالب والحركة. وفي 1985، وبينما كان يصور فيلم "هولد أب"، وهو كوميديا بوليسية، من إخراج ألكسندر أركادي، أصيب بجروح أثناء تنفيذ بعض المشاهد، فكان ذلك إيذانا بأفول مرحلة أفلام المغامرات في مسيرة النجم.

لكنه عاد مع المخرج كلود لولوش عام 1988 ليؤدي دورا مركبا في فيلم "مسار طفل مدلل"، نال عنه جائزة سيزار أفضل ممثل، ولم يذهب لتسلمها. ومع المخرج نفسه أدى بطولة فيلم "البؤساء" المقتبس بتصرف عن رواية فيكتور هوغو، وتأرجح بعدئذ مساره بين ظهور نوعي قليل واحتجاب ممتد، إلى أن أعلن اعتزاله النهائي للسينما والمسرح، مع أنه صرح لاحقا لصحيفة "لو باريزيان" بأن شغف التمثيل لا زال يراوده.

الجوائز والأوسمة
نال النجم الفرنسي في أبريل/نيسان 2007 وسام قائد جوقة الشرف، وفي 2011 تلقى بيلموندو في مهرجان كان سعفة شرفية عن مجمل مساره الفني، وأنجز فيلما وثائقيا عن نفسه، بعنوان "بيلموندو.. مسار"، وتسلم في بلجيكا ميدالية ليوبولد من درجة فارس.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية