سهام بن سدرين

سهام بن سدرين، حقوقية وصحفية تونسية ناضلت من أجل الحرية والديمقراطية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وفي ظل حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وترأست هيئة الحقيقة والكرامة التي شكلت لتصفية ملفات حقوق الإنسان ما بين 1955 و2013.

المولد والنشأة
ولدت سهام بن سدرين يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 1950 في ضاحية المرسة بالعاصمة تونس، ونشأت في عائلة مثقفة مناضلة.

الدراسة والتكوين
تلقت بن سدرين تعليمها الابتدائي والثانوي في العاصمة تونس ثم سافرت إلى فرنسا في فترة السبعينيات والتحقت بجامعة تولوز، حيث حازت شهادة في الفلسفة ثمّ تلقت تكوينا في الصحافة، دخلت بعده مجال الإعلام في الثمانينيات وعملت مع عدد من الصحف الفرنسية والتونسية.

الوظائف والمسؤوليات
أسست بن سدرين عام 1989 دار نشر اسمها "آركس" (Arcs)، التي أفلست بسبب مضايقات نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

واصلت تجربتها مع دور النشر وأصبحت مديرة دار "أسود على أبيض" عام 1998، لكن النظام السابق لاحقها بسبب نشاطها الحقوقي، وقام بالسطو على دار النشر وصادر جميع المواد وطالب من دور الطباعة عدم التعامل معها فأغلقت الدار بعد عام.

ترأست لسنوات إذاعة "راديو كلمة" لكنها توقفت بسبب أزمة مالية وتعرضت لانتقادات بسبب تسريح الصحفيين، وقد أكدت هي في تصريحات إعلامية أن الإعلاميين والموظفين كانوا في البداية متفهمين للظروف المالية الصعبة التي تعيشها الإذاعة بسبب الحصار، لكن كثيرا منهم "انقلبوا" في مواقفهم "بعد استغلالهم" من طرف جهات أمنية وإعلامية موالية لنظام بن علي، وفق تعبيرها.

وشددت بن سدرين على أن التضييقات التي عاشتها الإذاعة كانت بسبب مواقفها الرافضة للظلم والاستبداد وكذلك للاصطفاف السياسي ما بعد ثورة الياسمين.

التجربة الحقوقية
انضمت سهام بن سدرين عام 1979 إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ثم انتخبت سنة 1985 مسؤولة في مكتب الإدارة في الرابطة.

شاركت في تأسيس عدة صحف تونسية معارضة منها جريدة "الموقف" الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، وانتسبت عام 1992 إلى اتحاد النساء الديمقراطيات التونسيات.

مع تزايد تضييق الخناق على الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، لجأت بن سدرين مع مجموعة من الحقوقيين إلى تأسيس المجلس الوطني للحريات عام 1999، حيث أصبحت ناطقة باسمه بين 2001 و2003. وتمّ منع نشاط هذا المجلس إلى آخر يوم في حكم بن علي.

أسست سهام بن سدرين بعد سقوط نظام المخلوع بن علي مركز تونس للعدالة الانتقالية.

وترأست بن سدرين عام 2014 هيئة الحقيقة والكرامة التي شكلت لتصفية ملفات حقوق الإنسان للفترة ما بين 1955 و2013 عبر الاستماع لضحايا الانتهاكات، وكذلك لبعض الجلادين، ثم الانطلاق نحو محاكمة المتورطين في الانتهاكات. 

وقد وجهت انتقادات إلى بن سدرين بعد ترؤسها للهيئة من طرف من وصفوا بأنهم مقربون من نظام المخلوع بن علي.

وقد حظيت جلسات الاستماع بمتابعة واسعة، وأثارت بعض شهادات ضحايا الانتهاكات صدمة لكثير من التونسيين الذين لم يكونوا يعتقدون أن التعذيب وصل إلى ذلك المستوى. 

وأكدت بن سدرين -بتصريحات صحفية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016- أن اعتراف مرتكبي الانتهاكات هو الطريق الوحيد أمامهم للمصالحة.

وأضافت أن بعضا من هؤلاء يأتون إلى الهيئة ويدلون باعترافاتهم "لأنهم يدركون أن الاعتراف هو سبيل النجاة" مبرزة أنه في حال لم يدل هؤلاء باعترافاتهم أمام الهيئة فستحال ملفاتهم إلى القضاء (أمام هيئات قضائية متخصصة) وستُطبق حينها القواعد القضائية.

الجوائز والأوسمة
حصلت سهام بن سدرين على جوائز عديدة، منها مكافأتها -عام 2004 من قبل صحفيين كنديين من أجل حرية التعبير- بالجائزة الدولية لحرية الصحافة، وجائزة صندوق السلام الدانماركية 2008.

وقد تسلمت بن سدرين عام 2011 جائزة "أليسون دي فورج" المقدمة من قبل منظمة "هيومن رايتس ووتش" لعملها في مجال حقوق الإنسان.

المؤلفات
أصدرت بن سدرين كتابين بعنوان "رسالة إلى صديقة عراقية" عام 2003، و"أوروبا وطغاتها" عام 2004 بالإضافة لكتيب عن تاريخ حركة النساء المستقلات في تونس صادرت السلطات جميع نسخه.

المصدر : الجزيرة