رياك مشار

epa04233921 South Sudan's rebel leader Riek Machar speaks during a press conference in Nairobi, Kenya, 31 May 2014. Riek and his deligation have been on a state visit to Kenya on invitiation of President Uhuru Kenyatta. During their visit they held several meetings and talks, briefing President Kenyatta on the moves they are taking to end the civil war in South Sudan. In a press statement issued to journalist at the press conference, Riek stated that: 'The Juba massacre has led to lawlessness in the country and an ugly cycle of revenge killings. The leadership of the SPLM (Sudan People's Liberation Movement) and SPLA (Sudan People's Liberation Army) is firmly trying to organize the anger of the civil population affected by the conflict, and turn it into an opportunity to bring about fundamental change and lasting peace in the country'. EPA/DANIEL IRUNGU

رياك مشار سياسي سوداني جنوبي يعتبر من أبرز قادة البلاد, قاتل في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان التي أفضى تمردها العسكري إلى انفصال الجنوب. أصبح نائب رئيس دولة جنوب السودان عند إعلانها، ثم أقيل بتهمة تدبير انقلاب فحمل السلاح مجددا "لإصلاح" البلاد، وسط إعلان مصالحات هشة تتهددها مخاطر عديدة.

المولد والنشأة
ولد رياك مشار تيني دورغون عام 1953 في مدينة لير (ولاية الوحدة) بدولة جنوب السودان لأسرة تنتمي إلى قبيلة النوير إحدى قبائل جنوب السودان الكبرى، وهو مسيحي يتبع الكنيسة الإنجيلية.

تزوج مشار من فتاة بريطانية كانت تعمل في أعمال الإغاثة تدعى إيما ماكيون، لكنها توفيت في حادث سير بمدينة نيروبي (عاصمة كينيا) 1993، وتزوج بعدها أنجيلينا تيني التي كانت وزيرة وتعد من القيادات النسائية في الجنوب.

الدراسة والتكوين
عاش مشار في شمال السودان حيث تابع دراسته النظامية حتى تخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، ثم سافر إلى بريطانيا لإكمال تعليمه فحصل 1984 على الدكتوراه في الهندسة الصناعية والتخطيط الإستراتيجي من جامعة برادفورد.

الوظائف والمسؤوليات
تولى مشار عام 1997 منصب رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية وصار مساعدا للرئيس السوداني عمر البشير حتى 2000 حين عاد إلى استئناف التمرد العسكري، وبعد انفصال جنوب السودان عن شماله 2011 شغل منصب نائب رئيس الجمهورية.

التجربة السياسية
بدأ مشار مسيرته السياسية بانضمامه 1984 إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان الانفصالية برئاسة جون قرنق بعدما اندلعت الموجة الثانية من الصراع المسلح بين الحركة والنظام السوداني خلال سنوات 1983-2005، وفي العقود الثلاثة التالية حاز سجلا حافلا بعمليات التحالف والانشقاق وإعادة التحالف مع رفاقه وخصومه على حد سواء.

فقد انشق عن الحركة الشعبية 1991 على إثر خلاف بينه وبين قرنق بشأن الغاية من التمرد: هل هي إيجاد دولة سودانية علمانية وموحدة أم دولة مستقلة لجنوب السودان؟، وأسس -مع منشقين آخرين- ما عرف بـ"الحركة الشعبية لتحرير السودان-مجموعة الناصر" (نسبة إلى مدينة الناصر في جبال النوبة)، وخاض مع حركة قرنق معارك طاحنة خلال السنوات اللاحقة.

نفذت قوات مشار 1991 "مذبحة بور" التي قتل فيها قرابة ألفين من قبيلة الدينكا (قبيلة قرنق) معظمهم مدنيون، وهو حادث اعتذر عنه مشار لاحقا 2012.

في 1992 أسس مشار "الحركة الموحدة"، ثم "حركة استقلال جنوب السودان" 1995، وفي هذه الفترة تفاوض مع حكومة البشير فوقعا -مع أربعة فصائل جنوبية- اتفاقية الخرطوم للسلام 1997 التي أسفرت عن إنشاء مجلس تنسيق الولايات الجنوبية فعُين مشار رئيسا له.

ما لبث مشار أن استقال من مناصبه الحكومية في فبراير/شباط 2000 بضغط من دول غربية -على رأسها الولايت المتحدة- ومنظمات غير حكومية، فاستأنف نشاطه العسكري ضد الخرطوم التي اتهمها بإرسال قوات لمحاربة مقاتليه في الجنوب.

أعلن مشار في 28 مايو/أيار 2001 عودته إلى صفوف الحركة الشعبية بعد قطيعة دامت عشر سنوات مع حليفه السابق جون قرنق.

كان مشار -خلال مسيرة التفاوض مع الخرطوم لتسوية الصراع الطويل بين الجنوب والشمال- يصر على الانفصال الكامل عن جمهورية السودان، ولذلك أعلن رفضه المبادرة المصرية الليبية بشأن حل قضية جنوب السودان المقدمة عام 1999 التي تنص على ضرورة المحافظة على وحدة السودان، ودعم بقوة مبادرة السلام التي قدمتها منظمة "الإيغاد" ودعمها الغرب.

وقعت الحركة الشعبية اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل مع الحكومة السودانية في 2005 التي شكلت بمقتضاها حكومة خاصة بالشطر الجنوبي، وإثر الموت المفاجئ لزعيمها قرنق -في نفس العام- عينت في 11 أغسطس/آب 2005 مشار نائبا لرئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت الذي خلف قرنق.

شغل مشار منصب نائب رئيس جمهورية جنوب السودان بعد إعلان الجنوب دولة مستقلة في يوليو/تموز 2011، وكان هو من رفع علمها على مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وظل في هذا المنصب إلى أن أقاله الرئيس سلفا كير في يوليو/تموز 2013.

اندلع قتال بين الرئيس كير ونائبه السابق مشار في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2013 بعد وقوع اشتباك مسلح في مقر حرس الرئاسة واتهام الرئيس لنائبه بمحاولة انقلاب عسكري عليه، وهو ما نفاه النائب واعتبره "فكرة سخيفة"، ثم تحول القتال بين الرجلين إلى صراع بين قبيلتيهما الكبيرتين: الدينكا (قبيلة كير) والنوير (قبيلة مشار).

وبمقتضى اتفاق السلام المبرم خلال 2015 عاد مشار إلى جوبا في أبريل/نيسان 2016 وتسلم منصب نائب الرئيس الذي كان يشغله حتى نهاية العام 2013. وتم في نهاية الشهر نفسه تشكيل حكومة وحدة وطنية.

لكن برغم ذلك، ظل جنوب السودان على صفيح ساخن منذ الانفصال عن السودان، حيث لم تكد الاشتباكات المسلحة بين الجانبين تنقطع، كان من أشدها اشتباك كبير في جوبا خلف نحو ثلاثمئة قتيل في الأسبوع الأول من يوليو/تموز 2016 استخدمت خلاله الأسلحة الثقيلة.

وقد سارع كل من رياك مشار والرئيس سيلفاكير ميارديت إلى مطالبة أنصارهما بوقف القتال، غير أن تقارير إعلامية تحدثت عن استمرار الاشتباكات بشكل متقطع في مناطق مختلفة.

وضع دفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لمطالبة مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات تشمل فرض حظر على توريد السلاح إلى دولة جنوب السودان، وتوسيع العقوبات على القادة السياسيين والعسكريين الذين يعرقلون تنفيذ اتفاق السلام.

كما طلب بان تعزيز قوات حفظ السلام الأممية في جنوب السودان بوسائل تشمل مروحيات هجومية لتمكينها من حماية المدنيين، وحث الدول المساهمة في هذه المهمة على عدم الانسحاب منها، وسط تقارير تحدثت عن فرار عشرات الآلاف من القتال الذي دار في جوبا.

في يوليو/تموز 2016، عُين تعبان دينق نائبا أول لرئيس الجمهورية خلفا لـرياك مشار.

المصدر : الجزيرة